تقول العرب "فر من المجذوم فرارك من الأسد"، والجذام مرض خطير معدٍ، لكن المثل لا يُقصد به المريض فقط، فهو ينطبق على المحبَطين الذين لا يرون في الوجود شيئا جميلا على حد تعبير شاعر المهجر إيليا أبو ماضي. المُحْبَط هو ذلك الإنسان الذي مال إلى تصور الحياة على أنها معاناة وورطة وجد نفسه وقد تورط فيها فأحاط به اليأس من كل اتجاه، ولو أنه غيّر زاوية النظر لربما بدت له الحياة في صورة أجمل مما كان يتصورها.
غير أن حديثنا اليوم ليس عن المحبطين اليائسين، وإنما هو عن المحَبِّطين (بفتح الحاء وتشديد الباء وكسرها) وهم أولئك الذين ينطلقون من خطة سياسية لبث الإحباط واليأس في نفوس أفراد الشعب. مع شبكات التواصل الاجتماعي أصبح كل شيء واضحا ولم نعد بحاجة لجمع الأدلة لكي نخرج بموقف ما، تابع ما يُكتب وسترى وستعرف الاتجاهات التي تسعى جاهدة لتغليب اليأس حتى تكون النفوس جاهزة للانفجار.
هناك حملات منهجية تستخدم منصات التواصل الاجتماعي وتشن حملاتها على الشباب السعودي تحديدا وتزيف وعيه وتسلط بصره على الجزء غير الممتلئ من الكأس وتمارس معه التضليل وملء ذهنه بمعلومات معظمها غير صحيحة أو مبالغ فيها بشكل كبير. كمٌّ مهولٌ من المعلومات المزورة والوقائع التي لم تحدث، تمتلئ بها تلك المنصات. التقنية الحديثة أصبحت وسيلة من وسائل الحرب، والمستهدف دائما هم الشباب الذين لم يصلوا سن النضج.