نتعرف من خلال هذه الزاوية إلى أحدث إنتاجات السينما العربية والعالمية، ونسعى إلى أن تكون هذه الزاوية التي تطلّ كلّ أسبوعين، دليلا يجمع بين العرض والنقد لجديد الشاشة الكبيرة، على أن تتناول الأفلام الجماهيرية والفنية، من الأنواع كافة، بالإضافة إلى إعادة تقديم فيلم من ذاكرة السينما الكلاسيكية.
عنوان الفيلم: نوسفيراتو Nosferatu 2024
سيناريو وإخراج: روبرت إيغرز
بلد الإنتاج: الولايات المتحدة الأميركية
يبدأ الفيلم بمشهد لابتهالات وصلوات شابة مكلومة إلين (لي لي روز ديب)، لكن من يستجيب لها، ليس الله، إنما نوسفيراتو. قوى الشر، التي تفتح الأبواب، وتُرسي السُفن، وتجلب الطاعون "إنه الموت نفسه"، ما يُمثله هذا الكائن الشيطاني المشوّه، كما يقولون حين يكتشفون وجوده. مُخرج الفيلم، المُغرم بالفيلم الكلاسيكي الشهير بالعنوان نفسه من التعبيرية الألمانية، يُضيف إلى القصة القديمة، المُستعيرة بدورها من (دراكولا) بنسختها الشهيرة من كتابة برام ستوكر، بعض ثوابت صناعة فيلم الرعب الأميركي التقليدية: مشاهد تلبس قوى الشر بأبدان البشر، التي تتخشب أمام الكاميرا في أصوات وحركات مؤثرة، وحضور مَنْ يعرفون بواطن الأمور الخفية ويتولون تفسيرها إلينا، كأهل الكنيسة وكذلك دكتور فرانز (ويليم دافو، في أداء طريف وحيوي)، العالِم المُتخصص في الغيبيات الذي يؤمن بأن العلم "أعمى بصيرتنا". ولا يكتفي بهذا، بل يُضيف كذلك الصفقة الفاوستية للإنسان الذي يبيع روحه إلى الشيطان، وأفكار التضحية والفداء، مسيحية الطابع، والحاضرة كذلك في النسخة الأصلية. كما يحاول، بقدر ما تسمح إعادة تقديم لفيلم كلاسيكي، أن يطرح أسئلة فلسفية حول الشر، مثل: هل يأتي من داخلنا أم من خارجنا؟ وما نفعل إزاء حزننا وعارنا كي لا يتحولا إلى كيان شرير خاطف لبهجتنا، وبهجات الآخرين، كحال نوسفيراتو في حياة البطلة إلين؟