يبدو تنظيم "معهد العالم العربي" في باريس لمعرضين عن غزة ولبنان انعكاسا لحركة الشارع الفرنسي المحتج على ما يحدث هناك، وإن اتخذ التنظيم مسارا تاريخيا يبرز، من خلال المواد والصور، أهمية الآثار والأماكن التاريخية التي تعود إلى آلاف السنين، وتعرّض بعضها للتدمير والتهشيم جراء القصف الإسرائيلي.
يندهش الزائر وهو يرى تلك الكنوز الأثرية المنقذة من غزة، التي أقرّ الباحثون بأن بعضها يرجع إلى خمسة آلاف عام. فيستذكر، مع هذه اللقى الأثرية، ذلك التاريخ المتشابك مع بلاد ما بين النهرين ومصر، ومع الفرس والرومان واليونان، حيث حاصرها في القرن الرابع قبل الميلاد الإسكندر الأكبر لمدة شهرين، وارتكب الكثير من المذابح والدمار.
آثار دمرت
في المعرض، الذي افتتح الخميس الماضي ويشارك في تنظيمه عدد من المؤسسات إلى جانب "معهد العالم العربي"، من بينها جمعية "لوفر دوريان" و"ألِف"، تُعرض صور لبقايا مساجد، وأرضية فسيفساء تعود الى القرن السابع الميلادي كانت تزين كنيسة بيزنطية، وجرار قديمة نُقل فيها نبيذ غزة إلى أمكنة كثيرة حول العالم، بالإضافة إلى تمثال لأفروديت. هذه القطع المعروضة، وعددها 87 قطعة أثرية، قال منظمو المعرض إنها كانت مخزنة في جنيف ضمن 529 قطعة صارت ملكا للسلطة الفلسطينية. ونوّه أثريون بأن 94 موقعا تراثيا في غزة تعرّضت للأضرار، حسب إحصاء أعلنته منظمة "يونسكو". ومن بين المواقع المتضررة الجامع العمري الكبير، الذي كان في الأصل كنيسة بيزنطية، وقصر الباشا من القرن الثالث عشر، الذي يقال إن نابليون احتمى فيه بعد حملته في مصر، وقد تحول لاحقا إلى متحف لكنه اليوم مدمّر. ويشير المنظمون إلى رجل الأعمال الفلسطيني جودت خضري الذي "أسهم بشكل كبير في اكتشاف وحماية تراث غزة، بما في ذلك وقف تهريب القطع الأثرية إلى إسرائيل"، إلا أن "الكنوز الأثرية التي جمعها خضري لأكثر من ثلاثين عاما باتت مفقودة اليوم. بعد أن احترق متحفه الخاص، أو دُفنت تحت أنقاض قصره في غزة"، كما جاء في كتيب المعرض.