سعيد شيمي يروي لـ"المجلة" ذكريات نصف قرن في السينما

أدار تصوير عشرات الأفلام المصرية وجمعته صداقات بأبرز نجومها

سعيد شيمي

سعيد شيمي يروي لـ"المجلة" ذكريات نصف قرن في السينما

الطفل الذي كان يقف في شرفة منزلهم بميدان عابدين- وسط القاهرة- عام 1950، لوح لي بكفه العريضة لأراه من شرفة شقته بالمعادي. الفارق بين المشهدين 75 عاما تقريبا، لكنه لم يتغير، لا يزال الرجل يصحو في السادسة صباحا على صوت الموسيقى.

جلسنا حول مكتبه الملاصق للشرفة، خلفنا على الحائط نسخ لوحات لهنري ماتيس، تجاورها شهادات تكريم وجوائز، أشار مبتسما بسبابته: "هذه صور أبي وأمي رحمهما الله، وهذه سحارة ارتاح عليها وقت القراءة وأخزن داخلها الكتب النادرة".

تحت لوح زجاج يغطي المكتب، ترتاح صور فوتوغرافية متناثرة ملونة وبالأبيض والأسود، مال برأسه مشيرا إلى إحداها: "هذا الطفل أنا، الابن الأوسط بين شقيقتين، ولدت عام 1943 أثناء الحرب العالمية الثانية، جدتي أم أبي، ابنة علي باشا فهمي، أحد قيادات الثورة العرابية نفي مع أحمد عرابي إلى جزيرة سيلان، سميت على اسم زوجها سعيد شيمي، كان الياور العسكري لعباس حلمي، لهذا السبب لم يشتر والدي لي أبدا، مسدسا أو بندقية مثل بقية الأطفال، خوفا من أن أتعلق بالعسكرية وألقى مصير أجدادي"، أدار ظهره لافتا انتباهي إلى صورة والديه: "أبي كان طبيب أسنان، التقى والدتي في عيادته وأحبها".

في الثامنة صباحا، يخرج صف العساكر من قصر عابدين بالموسيقى لأداء التمارين العسكرية بالميدان، يروي المصور السينمائي سعيد شيمي لـ"المجلة": "انبهرت بعسكري في مقدمة الصف، يسمك عصا تسمى الدبوس، يرميها الى أعلى ويلتقطها، كلما سألوني تحب تكون إيه لما تكبر؟، أقول لهم، الراجل صاحب العصا".

سعيد ومحمد خان

يمر والد سعيد شيمي على صديقه حسن تاجر الشاي ليصطحبه إلى السينما، يتذكر المصور السينمائي: "عيادة أبي ومكتب عمي حسن والد محمد خان كانا في المبنى نفسه 1 في ميدان العتبة، وكانا أحيانا يصحباننا معهما".

توقف نشاط حسن لاستيراد الشاي من الهند بعد سيطرة الدولة عليه، فحول مقر الشركة إلى ناد للطلبة الباكستانيين الذين يدرسون في جامعة الأزهر، يروي سعيد: "كنت أذهب أنا وميمي، دلع محمد خان في الطفولة، نلعب بلياردو وبنغ بونغ".

تعلق "ميمي" وسعيد شيمي بالسينما، وقلدا الكاوبوي والهنود الحمر، يقول: "كنت ألعب مع محمد خان ألعاب الحرب، ومع الوقت صرنا نقيم الأفلام، ونعطي الممثل أو المخرج درجات، لكني لن أنسى حريق القاهرة، كان عمري وقتها 9 سنوات، جاءنا الأستاذ في مدرستي التي كان مقرها قصر شمبليون في وسط البلد، وطلب منا العودة إلى منازلنا، تحركت بنا سيارة المدرسة إلى ميدان الإسماعيلية (التحرير حاليا)، رأيت التراموايات والمحلات والعمارات والسيارات محترقة، كان المشهد مرعبا، عندما وصلت منزلنا، سألت أبي عما يحدث، رد، الإنكليز عاملين فتنة، استغربت، لأني شاهدت مصريين يشعلون النار في الترامواي، وقتها لم أعرف أنهم أحرقوا السينمات. في الفجر، استيقظت فزعا على صوت قوي، كانت شقتنا في الدور الأول، فرأيت دبابة حولها جنود، بالقرب منها مدافع ودبابات موجهة الى قصر عابدين، كانت ثورة يوليو 1952".

كنت أشاهد الأفلام مع محمد خان ونلعب ألعاب الحرب، ومع الوقت صرنا نقيم الأفلام، ونعطي الممثل أو المخرج درجات

كان ميدان عابدين شاهدا على جزء مهم من أحداث ثورة يوليو، يتذكره: "رأيت كل الضباط الأحرار فيه، بعدها عرضوا لنا من طريق السينما المتنقلة فيلمين، "مصطفى كامل" و"يسقط الاستعمار"، وهما دعاية لرجال يوليو، هذه كانت فترة صباي وطفولتي ومعي ميمي".

أحلام ميمي وسعيد

عام 1955 انتقلت عائلة سعيد شمي للعيش في منطقة مصر الجديدة، يروي: "نقلت إلى مدرسة النقراشي، شهدت بناء مبنى المخابرات المصرية وقتها، وواظبت ومحمد خان على مشاهدة الأفلام يومي الخميس والجمعة".

تلك الفترة، سأل ميمي سعيد، "تحب تكون إيه لما نكبر؟"، أجابه: "مصور"، رد ساخرا: "لا تمتلك كاميرا، أنا عندي كاميرا، انت آخر طموحك، تقف بكاميرا مغطاة بقماش أمام مجمع التحرير تصور الزبائن وتضع الفلوس في كيس"، فسأله سعيد: "انت تحب تكون إيه؟"، رد خان: "مؤلفا"، فرد له السخرية: "يعني لو لم يشتر أحد قصصك، ستتسول في الشوارع".

حل عام 1959 بضيق وفرقة، سافر محمد خان إلى لندن وتوفى والد سعيد شيمي إثر جلطة بالمخ، يتذكر بأسى: "أصبحت وحيدا، كنت وقتها في السادسة عشرة، لكن بدا لي أمل ولو ضئيل، قرأت في صحيفة الأهرام يوم 24 أكتوبر/ تشرين الأول 1959، الدكتور ثروت عكاشة يفتتح المعهد العالي للسينما، لم أنس هذا التاريخ ودهشتي أبدا، السينما التي أشاهدها تدرس؟، لها كتب ومناهج؟ توجهت إلى مقر المعهد وعرفت أنه يمكنني الالتحاق به بعد الثانوية العامة، ووقتها أرسل لي محمد خان خطابا يخبرني فيه بأنه سيترك دراسة الهندسة لدراسة الإخراج".

أول فيلم تسجيلي

تقدم سعيد لاختبارات معهد السينما بعد الثانوية العامة لكنه رسب فالتحق بكلية الآداب، قسم تاريخ، بجامعة القاهرة، يحكي: "بعد وفاة والدي، أصبح خالي ولي أمري ورغب في عملي معه بمحلات قويدر للحلويات، عملت بها أثناء فترة الجامعة فقط مقابل 40 جنيها في الشهر".

انضم الى جمعية الفيلم التي كان يترأسها أحمد الحضري وتعمق في فهم المونتاج والتصوير فقرر صناعة فيلم تسجيلي بالجامعة، يسرد: "عرض بالجامعة، كان 8 مللي هواة، شعرت لأول مرة في حياتي بأن قلبي سيقفز من صدري فرحا وقلقا، وتعرفت بعدها الى الناقد سامي السلامي، أخبرني أنه زميلي بالكلية ويرغب في محاورتي، وانهال علي بالأسئلة، وتوطدت علاقتنا، وكان أعز أصدقائي".

لم ييأس من فشل التحاقه بمعهد السينما حتى عام 1967، يقول: "لم يتغير شيء، انتهت المحسوبية والواسطة، فنجحت بالاختبارات وكنت الأول في الترتيب، وتولى أحمد الحضري رئاسة المعهد".

يرجع سعيد تفوقه وقدرته على السرد إلى لطفي الدقن- ابن عم الفنان توفيق الدقن- درس له اللغة العربية في المرحلة الإعدادية، اعتاد أن يطلب من الطلبة قراءة كتابين وتلخيصهما، ثم يتناقش معهم في السرد واللغة، يروي: "تفوقت في المعهد أيضا بسبب عبد الفتاح رياض أستاذ الفوتوغرافيا، وسعد عبد الرحمن درس لنا تذوق الفن التشكيلي، وسعد المنصوري أطلعنا على تاريخ الفن التشكيلي، كما درس لي تذوق الفن والمونتاج والتصوير، أربعة أكاديميين أجانب، فرنسي وبولندي وكندي وألماني".

تجمع طلاب الفرقة الثالثة بمعهد السينما في الصالة 35 لمشاهدة عرض فيلم "المومياء" للمخرج شادي عبد السلام، لا يزال سعيد يتذكر اللحظة بمشاعرها: "انبهرت جدا، كان الفيلم عبقريا، قفزت من مقعدي وناقشته، بعد انتهاء العرض، ناداني وسألني عن اسمي، وطلب مني زيارته في المركز التجريبي لوزارة الثقافة الذي أنشأه ثروت عكاشة".

طلب شادي عبد السلام من شيمي المشاركة في فيلم تسجيلي احترافي ونجح وحصل على جائزة، وتكررت التجربة وكتب اسمه على تتر الأفلام "مدير التصوير سعيد شيمي"، وبعد تخرجه، أخرج فيلما تسجيليا عن مدينة بورسعيد، يقول: "4 سنوات كل فيلم أخرجه يحصل على جائزة أفضل تصوير، من هنا انشغلت بالسينما التسجيلية إلى أن طلبني المخرج أحمد فؤاد لتصوير فيلم روائي طويل، لكن التجربة لم تكتمل، ثم طلبني المخرج علي عبد الخالق لتصوير فيلم الرصاصة لا تزال في جيبي".

سعيد شيمي

ضربة شمس

عاد محمد خان إلى مصر، فاقترح سعيد شيمي لقاء نور الشريف وعرض سيناريو فيلم "ضربة شمس"، يقول: "نور قال لنا فيلم صعب جدا، التصوير في الشارع، من سينتجه؟ قلنا له، نحن، طبعا كنا نكذب، فرد، ممكن أنا أنتجه؟ قلنا في سرنا، أخيرا يا رب، ووافقنا".

عرض الفيلم في البداية على الفنانة ميرفت أمين فخشيت من التصوير بالشارع، فحلت بدلا منها الفنانة نورا.

طلب شادي عبد السلام من شيمي المشاركة في فيلم تسجيلي احترافي ونجح وحصل على جائزة وتكررت التجربة وكتب اسمه على تتر الأفلام "مدير التصوير سعيد شيمي"

فتح الفيلم الباب أملا جديدا لصناع السينما، بات التصوير في الشارع متاحا، يعترف شيمي: "أصبح هناك وسيلة للتصوير الخارجي، سنة 1954 صورت لقطات صغيرة بالشارع، لكني كنت أول من يصور سينما محترفين في الشارع وتحت الماء أيضا".

حقق الفيلم نجاحا في الإيرادات وعرف بالمخرج الجديد محمد خان، يتذكر سعيد: "خان حصل على 500 جنيه بعد نجاح الفيلم، لكنه صنف في الوسط السينمائي مخرج أفلام أكشن، وأنا أخفيت عنه ذلك، وظل فترة عاطلا عن العمل، أوشك على الإفلاس".

عرض على شيمي سيناريو فيلم فاقترح أن يخرجه محمد خان، رد المنتج: "لأنه صديقك؟"، فأجاب: "لا، هو الأجدر بإخراجه"، رفض المنتج في البداية لكن بعد أيام، طلب محسن علم الدين، مدير الإنتاج، لقاء محمد خان.

"أحمد زكي في كواليس تصوير فيلم "البريء

قرأ خان السيناريو فثار ثورة عارمة "أنا هخرج طبيخ حامض؟"، رد شيمي: "عندك حق الفيلم اتعمل أكتر من مرة، لكن انت مش معاك فلوس، مش كل فيلم هتخرجه على مزاجك، كل المنتجين تجار، لازم تشتغل". أصر على رفضه، فلجأ شيمي إلى حيلة: "ذهبت إلى أختي الكبيرة، قلت لها، ميمي المجنون، أعطيته سيناريو ورفضه، وهو قريب من الإفلاس، وبسرعة كلمته قالت له، انت مش هتبطل جنان، هتاكل إزاي؟ فرضخ ووافق".

اقترح شيمي أن يعيد كتابة السيناريو بشير الديك، ووافق، وتم الفيلم باسم "الرغبة"، بطولة نور الشريف ومديحة كامل.

جنون أحمد زكي

يرى شيمي أن أحمد زكي من أهم الممثلين في السينما المصرية بعد الجيل المؤسس، يحكي: "جمعنا فيلم 'طائر على الطريق'، وهو أول فيلم يظهر فيه بطلا، المنتج رفض وجوده، كان يرغب في وجود نجم سينمائي يساعده في توزيع الفيلم خارج مصر".

اكتشف شيمي أحمد زكي فنانا وإنسانا في "طائر على الطريق": "مهما أعطيته من إرشادات ينساها، لم أكن أفهم السبب في البداية، كاد يتسبب في موتي أثناء تصوير مشاهد السيارة، كنت أشدد عليه أن يتريث قبل إيقاف السيارة، لكنه ينسى، وكدت أسقط منها أكثر من مرة لولا الحبل الذي ربطوني به على مقدمتها".

فطن سعيد شيمي إلى أن أحمد زكي ينفصل عن الواقع أثناء تصوير مشاهده، يروي: "لم يفهمه كثير من المصورين حتى وفاته، أثناء تصوير فيلم 'البيضة والحجر' في فيلا بمنطقة الهرم، فجأة صاح مهندس الصوت بالتوقف، ثار أحمد زكي كالمجنون، فأبلغه مهندس الصوت أن نباح الكلاب خارج الفيلا يغطي على صوته، فرد أحمد زكي بغضب، يعني إيه كلاب، موجودة في كل مكان، هذه ليست مشكلتي، وأتذكر أيضا أنني أحضرت قماشة سوداء أحطت بها موقع التصوير كي لا يرى أحدا أثناء تصوير مشاهده".

كاد أحمد زكي يتسبب في موتي أثناء تصوير مشاهد السيارة، كنت أشدد عليه أن يتريث قبل إيقاف السيارة، لكنه ينسى، وكدت أسقط منها أكثر من مرة

كان شيمي والمونتيرة نادية شكري وعاطف الطيب وبشير الديك يجتمعون في شقة بالهرم، وقت كتابة فيلم "الحريف"، واقترح محمد خان أن يكون بطل الفيلم أحمد زكي.

أصر أحمد زكي على أن يكون شعره مثل شخصيته في فيلم "كابوريا"، لكن خان رفض: "يا أحمد، الشخصية عامل في مصنع أحذية ومطلق ولديه ولد والمفروض إنه غير مهتم بشعره"، لكن أحمد زكي أصر، فاتفق محمد خان مع عادل إمام.

يروي سعيد شيمي: "سقط الفيلم، وكرهه عادل إمام، لكن بمرور الوقت أصبح أحد أهم أفلامه، لكن لم تحدث قطيعة أو عداء بينه وبين محمد خان كما يتردد".

آخر يوم في تصوير فيلم "طائر على الطريق"ق

في العام نفسه 1981، عمل شيمي في فيلم "ليلة شتاء دافئة" مع المخرج أحمد فؤاد، بطولة عادل إمام ويسرا، يحكي: "قرأت السيناريو ورفضته في البداية، القصة مكررة وأميركاني، لكنه قال لي، لا سيكون فيلما جيدا، وفعلا أدركت أنه مخرج موهوب، يؤلف ويرتجل أثناء التصوير، كما كان لديه حس كوميدي، عملت معه بعدها في فيلمين، 'بيت القاصرات' أول فيلم للفنانة سماح أنور، ثم 'الحب في طابا' آخر فيلم في حياته".

الغيرة القاتلة مع عاطف الطيب

خريف عام 1980، التقى سعيد شيمي عاطف الطيب في شارع سعد زغلول بالإسكندرية، واتفقا على التعاون في فيلم روائي طويل، شيمي لم يهتم في البداية: "كان عندي خلفية أنه إنسان بسيط، وأيضا قناعة بأنه لا يملك رؤية أو نبوغا فنيا".

تكررت المقابلة أثناء مشاهدة نسخة عمل فيلم "طائر على الطريق" في صالة استديو الأهرام بالجيزة، وعرض الطيب على شيمي سيناريو فيلم "الغيرة القاتلة"، يحكي: "كما توقعت كان السيناريو ضعيف البناء وموضوعه مستهلكا عن الشك والمرأة والخيانة، وهذه كانت أول مرة يزورني في بيتي بالهرم، ووجدته يصر على العمل معا، قال لي، أرغب في تجربة نفسي، أخرج فيلما كبيرا، ونور الشريف موافق ومعه نورا، وهذه فرصتي لإثبات وجودي، لكني نبهته إلى خطورة الخطوة، ومع إصراره وافقت على العمل معه".

عاطف الطيب بكى من النقد والهجوم والتجريح، لكن فيلمه الثاني 'سواق الأتوبيس' أزال هذه الغمة، واعتذر منه سمير فريد

في يوم التصوير الأول، وجد شيمي نفسه أمام مخرج يمتلك القدرة على توجيه الممثلين وتحريكهم، ويدرك ماهية الديكور والصورة، يقول: "خلق من السيناريو لقطات في غاية الجودة والحرفية، لذا حاولت بكل الطرق أن أكون عند حسن ظنه، استعلمت للمرة الأولى أساليب جديدة في الإضاءة بعد مناقشته، لكن النقاد لم يلاحظوها".

فشل الفيلم وقابله النقاد بقسوة بل جرحوا في عاطف الطيب، كان أقساهم الناقد سمير فريد، كتب في مجلة "المصور" عدد 19 سبتمبر/ أيلول 1981: "الفيلم ركيك ومشهد النهاية تحول إلى مسخ للمشهد المماثل في مسرحية شكسبير بل من العار مقارنته به"، يتذكر شيمي: "عاطف الطيب بكى من النقد والهجوم والتجريح، لكن فيلمه الثاني 'سواق الأتوبيس' أزال هذه الغمة، واعتذر منه سمير فريد في جريدة "الجمهورية" عدد 4 أكتوبر/ تشرين الأول 1982".

"التخشيبة" مع نبيلة عبيد

واجه شيمي نبيلة عبيد للمرة الثانية، يقول: "المرة الأولى كانت في فيلم 'الشيطان يعظ'، كانت مهتمة بأن تظهر جميلة في أي مشهد مهما تطلب جو الفيلم".

ومن هنا توقع صداما معها أثناء تصوير فيلم "التخشيبة"، يحكي: "كانت تقدم شخصية دكتورة، واحتجزت في التخشيبة، فمن المفترض أن يبدو عليها التعب والإرهاق، لكنها كانت تطلب غير المعقول، أن يبدو وجهها جميلا، وكان ذلك يزعج عاطف الطيب، وصل الأمر أثناء تصوير الفيلم رفضها تنفيذ إرشادات التصوير وعدم إعادة لقطة لم تكتمل، ومن شدة ضيقي طلبت الاعتذار عن الفيلم، لكنه طلب مني استكمال التصوير من أجله، فوافقت".

أثناء تصوير فيلم البريء

يقول شيمي: "صدامي مع نبيلة عبيد وصل إلى أنها أطلقت علي شائعة أنني أهتم بإضاءة الحوائط أكثر من الوجوه".

بعد 18 عاما، رن هاتف منزل شيمي، يسرد مبتسما: "كانت نبيلة عبيد، طول الفترة الماضية لم أصور لها أي فيلم، لكن عندما كلمتني، تهيأ لي أننا كنا نجلس معا أمس، ثم اكتشفت أنها ستعمل في فيلم جديد مع أشرف فهمي، كانت تصالحني بذكاء".

"البريء" الأقرب إلى القلب

يعترف شيمي أن فيلم "البريء" مع عاطف الطيب أقرب أفلامه إلى قلبه دون أي سبب.

في أول يوم تصوير بحقول قرية ميت رهينة، لمح من بعيد عسكريا يمشي نحوهم، فأخبر عاطف: يبدو مثل أحمد سبع الليل، شخصية الفيلم بالضبط، لكن باقترابه، اكتشفوا أنه أحمد زكي، يقول: "أثناء تصوير مشهد الثعابين في الزنزانة مع ممدوح عبد العليم، من شدة تقمصه، أمسك الثعبان وفسخه من جلده أمام الكاميرا، أغمضت عيني وقت تصوير اللقطة".

بين بركات وحسام الدين مصطفى

طلب المخرج هنري بركات من شيمي تصوير فيلم "شعبان تحت الصفر"، يروي: "تخضيت، من سنين، كنت طفل بشورت، وأتفرج على أفلامه، وأنا اعتدت على التشاور مع المخرج قبل بداية التصوير، لكن هذا بركات، ماذا أفعل؟ وأذكر أنه شعر برهبتي منه".

يتذكر شيمي كواليس الفيلم: "أنا أحب أن أتحرك كثيرا وقت التصوير، أضبط كل شيء، ناداني، تعال يا بلبل، تتحرك كثيرا، فوق وتحت مثل البلبل لماذا؟ واكتشفت أنه يضع الكاميرا من المرة الأولى في مكانها الصحيح اعتمادا على خبرته الطويلة، كما أدركت أن الفيلم الكوميدي لا يحتاج إلى تحريك الكاميرا وكادرات وإضاءة".

كنت خائفا من أن يتحكم عادل إمام بالعمل مثل نبيلة عبيد، لكنه كان على العكس من ذلك، كان يقول لي، التصوير شغلك انت، لا دخل لي به

عمل سعيد مع حسام الدين مصطفى في فيلمه رقم 100، "الجاسوسة حكمت فهمي"، يروي: "أحضر صحافيين وتورتة لزوم الدعاية، وكانت هذه عادته، يحب الدعاية للغاية، وكان يحب يمسك الكاميرا، وأنا كنت أحب التحكم في كل شيء، أضبط الكادرات وأعمل كاميرا مان، وأخبرت نادية الجندي بطلة الفيلم بذلك، فطلبت منه احترام رغبتي ووافق".

إنتاج فيلم ملون

أنتج شيمي فيلم "بلا حنان" عام 1976 بالشراكة مع المخرج علي عبد الخالق والسيناريست مصطفى محرم، لكنه لم يلق نجاحا، يقول: "كلفنا 55 ألف جنيه مصري، وكان معنا نجوم مثل نادية لطفي وهدى سلطان وتوفيق الدقن وسمير صبري وجميل راتب، لكننا لم نربح منه، غطى تكاليفه فقط".

كرر التجربة مع رهان مضمون، تشارك مع المخرج نادر جلال في فيلم "جزيرة الشيطان" في 1990، بطولة عادل إمام ويسرا، يقول: "كسبنا منه لوجود الزعيم، وساعدنا أيضا أن التصوير تحت الماء كان موضة حديثة وقتها".

لم ينس قلقه من عادل إمام: "كنت خائفا من أن يتحكم بالعمل مثل نبيلة عبيد، لكنه كان على العكس من ذلك، كان يقول لي، التصوير شغلك انت، لا دخلي لي به، وفي المناسبة أذكر أيضا أن الفنان نور الشريف كان يسألني في كل شيء أفعله، كان فنانا مثقفا، العمال كان يلقبونه بأبو العريف".

تجربة الإنتاج الثالثة كانت في فيلم "الكنز" عام 1993، كانت خاسرة، يعترف: "كان موجها للأطفال، فكرت في أن أعرفهم تاريخ مصر وقيمنا، لكني خرجت منه مديونا، التوزيع غشني، أخبروني أن الفيلم لم يحقق إيرادات وكان العكس، وأنا لم أكن على دراية بخبايا الإنتاج".

قرار التقاعد

قرر شيمي التقاعد بوصوله سن الستين، لكن كثرة العروض أثنته عن قراره، فأجله إلى السبعين.

احتفل بعامه السبعين في عمان، يروي: "احتفلنا وأعلنت القرار، واعتذرت عن عروض عدة بعدها، استغرب البعض، كيف أعتزل وأتخلى عن الفلوس؟ لكن، الحقيقة أنني احترمت سني، كما أنني مريض بالنقرس ولا أستطيع الوقوف كثيرا، اكتفيت بالتدريس في عدة جامعات وتنظيم ورش مجانا في محافظات مصر، وبعد فترة انتشار وباء كوفيد19 توقفت تماما، طلبوا مني التدريس عن طريق تطبيق زوم، لكني رفضت، كيف أدرس التصوير للطلاب عن بعد؟ هذه جريمة وأشبه بالنصب".

يعترف المصور السينمائي: "عشت حياتي بكل سعادة بفضل السينما، زرت بفضلها دولا عدة في أوروبا وأفريقيا وآسيا، وحاليا أقضي يومي بالاستيقاظ في السادسة صباحا مثلما اعتدت في شبابي ومراهقتي، لم أتغير، أستمع إلى الموسيقى وأحيانا أكتب وأطبخ أكلاتي الغريبة والعجيبة والشهية".

font change