الجامعات الأميركية من الحرية الى "الترمبية"

فرانس برس
فرانس برس
متظاهرون خارج معهد شيكاغو للفنون، بعد أن أقام الطلاب اعتصاما احتجاجيا في 4 مايو/أيار 2024، بشيكاغو، إلينوي

الجامعات الأميركية من الحرية الى "الترمبية"

تشهد الولايات المتحدة في الوقت الراهن أزمة غير مسبوقة تهدد مستقبل البحث العلمي في البلاد، مع تجميد التمويل الفيديرالي لعدد من أعرق الجامعات. فقد طالت هذه الحملة مؤسسات أكاديمية ذات سمعة عالمية مثل "هارفارد" و"كولومبيا" و"نورث وسترن"، حيث جُمدت مليارات الدولارات من التمويل المخصص للأبحاث، في خطوة مثيرة للجدل من إدارة الرئيس دونالد ترمب. تأتي هذه الإجراءات وسط أجواء سياسية وثقافية مشحونة، إذ تبرر الإدارة قرارها بضرورة التصدي لما تصفه بتنامي معاداة السامية والنشاط المتطرف في الحرم الجامعي، بينما ترى الجامعات أن ما يجري ليس سوى محاولة لفرض الرقابة السياسية والإخلال بمبدأ استقلالية المؤسسات الأكاديمية.

وقد أثار هذا التجميد موجة قلق متصاعدة في الأوساط العلمية، ليس فقط بسبب الخطر المباشر الذي يمثله على عشرات المشاريع البحثية الحيوية، بل لما قد يترتب عليه من إبطاء لتقدم البحث العلمي الأميركي ككل. فالدولة التي لطالما قادت العالم في ميادين الابتكار والمعرفة، تجد نفسها الآن أمام معضلة تهدد بتقويض مكانتها العلمية، وربما تعطيل شراكاتها الدولية التي طالما اعتُبرت ركيزة في النظام البحثي العالمي.

جامعة "هارفارد"، التي تُعدّ رمزا أكاديميا عالميا منذ نشأتها قبل نحو أربعة قرون، تجد نفسها الآن في صلب هذه العاصفة. فقد برز متخرجوها في كل ميدان تقريبا، من السياسة إلى الأدب، ومن العلوم إلى ريادة الأعمال.

وتحتل "هارفارد" المرتبة الأولى بين جامعات العالم من حيث عدد متخرجيها الذين أصبحوا رؤساء للولايات المتحدة (8)، والمليارديرات (188)، والحاصلين على جائزة نوبل (162)، وجائزة "بوليتزر" (48)، وميدالية "فيلدز" (7)، وطلاب "مارشال" (252)، وطلاب "رودس" (369). كما يضم متخرجوها 9 فائزين بجائزة "تورينغ"، و10 فائزين بجوائز الأوسكار، و108 حاصلين على ميداليات أولمبية، منها 46 ميدالية ذهبية.

لكن الأزمة لا تتوقف عند تجميد التمويل، بل تمتد لتطال التبادل الطالبي والبعد الدولي للتعليم العالي الأميركي. فقد أصدرت إدارة ترمب قرارا إضافيا يمنع جامعة "هارفارد" من تسجيل طلاب أجانب، في خطوة قد تكون لها تبعات مالية وأكاديمية جسيمة، ليس فقط على "هارفارد"، بل على مئات الجامعات الأميركية التي تعتمد على هؤلاء الطلاب كمصدر مهم للدخل والتنوع الأكاديمي. إنه تطور ينذر بإغلاق أبواب العلم أمام نخبة من العقول القادمة من مختلف أنحاء العالم، ويطرح تساؤلات مقلقة حول المسار الذي تسلكه السياسة التعليمية الأميركية في هذه المرحلة المفصلية.

فهل أصبحت الجامعات الأميركية، التي لطالما كانت منارات للعلم وحرية الفكر، رهائن لحسابات سياسية ضيقة؟ وهل يشكل هذا التحول بداية تراجع طويل الأمد في مكانة التعليم العالي الأميركي على الساحة العالمية؟ وكيف يمكن أن تؤثر فيها "الترمبية" التي تُعرف بكونها توجها سياسيا يرتبط بإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ويقوم على الشعبوية، والتركيز على السيادة الوطنية، وإعادة تشكيل دور الدولة في مواجهة المؤسسات التقليدية، مع اعتماد أسلوب مباشر في اتخاذ القرار واستخدام النفوذ التنفيذي لتحقيق أهداف سياسية.

اتهامات بمعاداة السامية

تتبنى إدارة الرئيس دونالد ترمب حاليا موقفا تصعيديا حيال ما تصفه بمناخ جامعي معادٍ لليهود، وذلك في أعقاب الأحداث التي رافقت الحرب المستمرة على غزة منذ أواخر عام 2023. فبعد موجة من الاحتجاجات الطالبية الداعية إلى وقف الحرب في عدد من الجامعات الكبرى التي رأت فيها الإدارة الفيديرالية معاداة السامية، أطلق البيت الأبيض حملة تهدف إلى "ضبط الأوضاع" في الحرم الجامعي.

فرانس برس
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوقع أمرا تنفيذيا لإنشاء صندوق ثروة سيادي أميركي، في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في 3 فبراير/شباط 2025، بواشنطن العاصمة

لذا شُكّلت في يناير/كانون الثاني 2025 فرقة عمل مشتركة لمكافحة معاداة السامية، تضم مسؤولين من وزارتي التعليم والصحة، إضافة إلى وكالات اتحادية أخرى. وقد وجهت هذه الفرقة رسائل إلى 60 مؤسسة تعليمية، تنبهها إلى احتمال فتح تحقيقات في انتهاكات تتعلق بالباب السادس من قانون الحقوق المدنية لعام 1964 (Title VI)، الذي يُعنى بحظر التمييز، لا سيما في ما يخص معاداة السامية. كما لوحت الرسائل صراحة بأن عدم امتثال الجامعات لالتزاماتها القانونية قد يؤدي إلى تجميد التمويل الفيديرالي المخصص لها.

تصرفات إدارة ترمب في حجب التمويل ووضع معايير مسيّسة للمنح المستقبلية غير مسبوقة تماما. فهي لا تشكل فقط هجوما مباشرا على الحرية الأكاديمية للعلماء، بل تمس أيضا قدرة الجامعات البحثية على العمل بشكل عام

هنري ريتشمان، أستاذ التاريخ الفخري في جامعة ولاية كاليفورنيا

وتؤكد إدارة ترمب أن دافع هذه الإجراءات هو حماية الحقوق المدنية للطلاب اليهود. فوفقا لروايتها، فإن بعض الجامعات أخفقت في التصدي لحوادث التحرش والتعصب التي استهدفت هؤلاء الطلاب خلال احتجاجات الحرم الجامعي، مما اعتُبر انتهاكا للقوانين الفيديرالية المناهضة للتمييز. وقد استشهدت الإدارة بالباب السادس الذي يحظر التمييز في المؤسسات التي تتلقى تمويلا حكوميا، مشددة على أن هذا التمويل الممول من دافعي الضرائب مشروط بالامتثال للقوانين الاتحادية وبتوفير بيئة خالية من الكراهية العرقية أو الدينية. وفي هذا الخصوص، صرح البيت الأبيض بأن "بعض أبرز جامعاتنا الوطنية تعتقد خطأ أن الاستثمار الفيديرالي يمكن أن يستمر دون مسؤولية التزام قوانين الحقوق المدنية".

كما رأت الإدارة أن ما وصفته بحالة "اضطراب التعلم" التي سادت الحرم الجامعي في السنوات الأخيرة لم تعد مقبولة، في إشارة إلى الاعتصامات والتظاهرات التي عطلت العملية التعليمية. وأكدت أن "الوقت قد حان لكي تأخذ الجامعات النخبوية هذه المشكلة على محمل الجد وتلتزم تغييرا حقيقيا إذا أرادت الاستمرار في تلقي الدعم من دافعي الضرائب".

لكن قضية معاداة السامية لم تكن وحدها ضمن مبررات الإدارة، إذ ترافقت هذه الإجراءات مع عناصر أخرى من أجندة ترمب المحافظة تجاه التعليم العالي. فقد طالبت الإدارة الجامعات المستهدفة بالحد مما وصفته بـ"النشاط السياسي على حساب التعليم"، كما دعت إلى التركيز على المبادرات القائمة على الجدارة بدلا من سياسات التنوع. وشملت القائمة التي أُرسلت إلى الجامعات شروطا محددة، مثل إلغاء برامج التنوع والمساواة والشمول وإجراء مراجعات دقيقة لسياسات القبول والتوظيف، لضمان عدم وجود أي تفضيلات مبنية على العرق أو الدين أو الأصل.

فرانس برس
مسيرة دعما للطالبة روميسا أوزتورك في جامعة تافتس، والناشط الطالبي في جامعة كولومبيا، محسن مهداوي، في ساحة فولي في 6 مايو/أيار 2025 بمدينة نيويورك

وتضمنت المطالب كذلك بندا يتعلق بـ "تنوع الآراء"، حيث دُعيت الجامعات إلى تعيين مدققين خارجيين لمراجعة التوازن الفكري داخل الأقسام الأكاديمية. كما شملت الإجراءات شرطا بمراقبة الطلاب الأجانب وفصل أي طالب دولي يثبت تورطه في سلوك مخالف أو دعم لأفكار "إرهابية أو معادية للسامية".

وبهذه الحزمة من الإجراءات، تسعى إدارة ترمب إلى فرض رؤيتها على الحياة الجامعية، تحت شعار حماية الحقوق المدنية ومكافحة التطرف. ومع بداية ربيع 2025، بدأت هذه السياسة تتحول إلى خطوات عملية صارمة. فخلال أسابيع معدودة، شرعت الحكومة في مراجعة وإيقاف التمويل الفيديرالي المخصص لعدد من الجامعات الكبرى، كإجراء عقابي أو احترازي. وقد تم الإعلان عن مبالغ ضخمة سيتم تجميدها؛ فمثلا، جُمّد نحو 2.2 مليار دولار من منح الأبحاث المتعددة السنوات، إضافة إلى 60 مليون دولار من العقود المخصصة لجامعة "هارفارد". كما شمل التجميد أكثر من مليار دولار لجامعة "كورنيل"، ونحو 790 مليون دولار لجامعة "نورث وسترن".

وامتدت الإجراءات إلى جامعات أخرى، إذ جُمّد تمويل بقيمة 510 ملايين دولار لجامعة "براون"، و210 ملايين لـ"برينستون"، و400 مليون لجامعة "كولومبيا". وبهذا، وجدت مؤسسات أكاديمية عريقة نفسها في مواجهة تهديد مالي حاد، بررته الإدارة الفيديرالية على أنه تطبيق للقانون، بينما اعتبره كثيرون تدخلا سياسيًا مباشرا في شؤون الجامعات.

التمويل كوسيلة ضغط

أثار تجميد التمويل الفيديرالي صدمة كبيرة لدى إدارات الجامعات المستهدفة، التي رأت في الخطوة تعديا غير مسبوق على استقلالية المؤسسات الأكاديمية. وبينما تباينت ردود الأفعال بين رفض قاطع للشروط الحكومية ومحاولات حذرة للتكيف معها، ظل الاعتراض المشترك هو رفض استخدام الإكراه المالي لأهداف سياسية.

في هذا الإطار، يقول هنري ريتشمان، أستاذ التاريخ الفخري في جامعة ولاية كاليفورنيا في إيست باي والرئيس السابق للجنة "الحرية الأكاديمية والتثبيت الوظيفي" في رابطة أساتذة الجامعات الأميركية، في تصريح خاص لـ"المجلة" إن تصرفات إدارة ترمب في حجب التمويل ووضع معايير مسيسة للمنح المستقبلية غير مسبوقة تماما. فهي لا تشكل فقط هجوما مباشرا على الحرية الأكاديمية للعلماء، بل تمس أيضا قدرة الجامعات البحثية على العمل بشكل عام "لتعويض خسارة الإيرادات من هذه المنح، خاصة التكاليف غير المباشرة المشروعة، ستضطر الجامعات إلى تقليص أنشطتها البحثية والتعليمية، مما سيؤثر سلبا على الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.

صحيح أن الحكومة الفيديرالية لها الحق في تمويل المشاريع التي ترغب بها ورفض تمويل المشاريع التي لا تراها جديرة، لكن كان هناك دائما اتفاق على أن تُتخذ قرارات التمويل ضمن معايير واسعة يحددها القانون، من قبل هيئات خبراء خالية من الضغط السياسي. لقد تخلت الإدارة عن هذه المبادئ، واستخدمت القوة المالية للضغط على الجامعات لتبني سياسات واتخاذ إجراءات في قضايا لا علاقة لها بالبحث العلمي".

جميع الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترمب تنتهك القوانين الفيديرالية، وفي بعض الحالات ربما حتى الدستور الأميركي نفسه

هنري ريتشمان، أستاذ التاريخ الفخري في جامعة ولاية كاليفورنيا

في جامعة "هارفارد" – التي نالت النصيب الأكبر من العقوبات المالية – جاء الرد سريعا وحازما، إذ رفضت المطالب الفيديرالية رفضا قاطعا حيث أكد رئيسها آلان غاربر في رسالة إلى مجتمع الجامعة أن المؤسسة "لن تتخلى عن استقلالها أو تتنازل عن حقوقها الدستورية"، مشددا على أنه لا يجوز لأي حكومة – مهما كان الحزب الذي تقوده – أن تملي على جامعة خاصة ما الذي تعلمه أو من توظف أو ما المجالات التي تبحث فيها. وبعد ساعات من إرسال الرد الرسمي، شرعت الحكومة بتنفيذ تهديدها، وجمدت مليارات الدولارات كانت ممنوحة لـ"هارفارد".

واعتبرت الجامعة أن هذه الإجراءات ذات طابع عقابي، ولذلك لجأت إلى القضاء ورفعت دعوى في محكمة فيديرالية تتهم فيها الإدارة بأنها تسعى لمعاقبتها على تمسكها بحقوقها الدستورية. وأشارت الدعوى إلى أن استمرار تجميد التمويل الفيديرالي، إلى جانب التهديدات بوقفه نهائيا، سينتج ما يُعرف بـ"تأثير تبريدي" — أي أن الخوف من العقوبات سيتسبب في تقييد حرية الجامعة الأكاديمية بشكل غير مباشر، بحيث تحجم عن توظيف بعض الأساتذة، أو تعيد النظر في برامجها التعليمية، أو تتردد في قبول طلاب معينين، خشية إثارة غضب الجهات الحكومية.

أما جامعة "كولومبيا"، فقد سلكت بداية مسارا أكثر تصالحا، إذ قدمت تنازلات محددة على أمل استعادة التمويل، وهي كانت أولى الجامعات التي تعرضت لتجميد بقيمة 400 مليون دولار من المنح الفيديرالية في مارس/آذار 2025، كونها بؤرة للاحتجاجات الطالبية التي طالبت بوقف الحرب على غزة في العام السابق. ونتيجة لذلك، اتخذت إدارة الجامعة المؤقتة خطوات عدة تلبية لمطالب الحكومة، من بينها استحداث قوة أمنية مخولة إخراج "مثيري الشغب"، وفرض قيود على ارتداء الأقنعة، وتبني تعريف موسع لمعاداة السامية.

كما أعلنت "كولومبيا" خططا لتعزيز "التنوع الفكري" في هيئة التدريس، إلى جانب مراجعة برامج دراسات المناطق الجغرافية – بدءا من دراسات الشرق الأوسط – لضمان عدم انحرافها أيديولوجيا. لكن هذه التنازلات قوبلت بانتقادات حادة داخل الجامعة، فقد اعتبرها بعض أعضاء الهيئة التدريسية ونشطاء الحريات المدنية سابقة خطيرة. ووصفت رابطة الحريات المدنية في نيويورك استجابة الجامعة بأنها "استسلام يعرّض الحرية الأكاديمية والتعبير للخطر على مستوى البلاد".

رغم ذلك، أكدت "كولومبيا" لاحقا أنها ترفض أي وصاية حكومية صارمة تمس استقلاليتها، حتى وإن كانت بعض المطالب "منسجمة مع سياسات نؤمن بها"، على حد تعبير رئيستها بالإنابة.

وفي هذا السياق القانوني، يضيف هنري ريتشمان لـ"المجلة": "تقريبا جميع الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترمب تنتهك القوانين الفيديرالية، وفي بعض الحالات ربما حتى الدستور الأميركي نفسه. لذلك أنا متفائل بأنه سيتم إبطال هذه الإجراءات في النهاية من قبل المحاكم أو، إذا لزم الأمر، من قبل كونغرس أقل تبعية. لكن لا أحد يستطيع التنبؤ بالمدة التي سيستغرقها ذلك، وقد بدأت آثار هذه التجميدات تظهر بالفعل.

فرانس برس
شخص يحمل لافتة خارج جامعة كولومبيا في 30 أبريل/نيسان 2025 بمدينة نيويورك


وعلى الرغم من أن استسلام جامعة "كولومبيا" لمثل هذا الضغط لم يسفر عن أي مكاسب تُذكر لها، فإن مؤسسات التعليم العالي بدأت تقف بثبات – أو بثبات أكبر على الأقل – في وجه هذا النوع من التدخل. وهذا أمر مشجع.
ومع ذلك، أخشى أن عقودا مما يسمى بـ"الرأسمالية الأكاديمية" قد أضعفت مبادئ الحكم المشترك والحرية الأكاديمية، ودفعَت العديد من إدارات الجامعات إلى تسيير المؤسسات بأسلوب الشركات، مما يجعلها تميل إلى تقديم تنازلات تضر باستقلالها وتضعف رسالتها الأساسية. لكن من ناحية أخرى، ربما يكون تجاوز إدارة ترمب للحدود، كما في مطالبها من جامعة "هارفارد"، قد أجبر حتى أكثر الإدارات الجامعية خنوعا على إظهار بعض الصلابة".

من جهتها، اتسم رد كلٍّ من جامعتي "نورث وسترن" و"كورنيل" بالحذر والتعاون الجزئي. إذ تلقت الجامعتان خبر التجميد عبر وسائل الإعلام قبل وصول أي إخطار رسمي، ومع ذلك حرصت إداراتهما على التأكيد أنها ملتزمتان القانون وتسعيان لحل الأزمة. وأوضحت جامعة "كورنيل" أنها لم تتلق إشعارا رسميا بتجميد مليار دولار، لكنها بالفعل تسلمت أكثر من 75 أمرا فيديراليا بوقف مشروعات بحثية ممولة من وزارة الدفاع، تتعلق بمشروعات تساهم في تعزيز القدرات الدفاعية والتكنولوجية للولايات المتحدة، مثل الأمن السيبراني والصحة.

وفي بيان لها، أبدت جامعة "كورنيل" استغرابها من الإجراء المفاجئ، مشيرة إلى أنها تسعى للحصول على معلومات إضافية من الحكومة. كما صرحت جامعة "نورث وسترن" بأنها لم تتسلم بعد تفاصيل رسمية في شأن تجميد 790 مليون دولار، لكنها تعاونت مع المحققين الفيديراليين وقدمت تقارير حول جهودها في مكافحة معاداة السامية. ولتفادي تعطيل أبحاثها، أعلنت الجامعة أنها ستواصل تمويل نحو 100 مشروع داخليً، كما أنشأت موقعا إلكترونيا لتسليط الضوء على أهمية هذه الأبحاث، مؤكدة أن "استمرار هذا البحث الحيوي هو من أهم أولوياتنا" رغم الأزمة القائمة.

وفي جامعات أخرى، تصاعد خطاب التحدي القانوني والدستوري. فقد صرحت رئيسة جامعة "براون"، كريستينا باكسون، بأن الجامعة ستدافع بكل قوة عن حرياتها الأكاديمية في حال تعرضها لأي إجراءات تعيق أداء مهامها، مشيرة إلى استعدادها لمواجهة الحكومة بنزاهة ووفقا للقيم التي تؤمن بها المؤسسة. كما أكد كريستوفر آيسغرابر، رئيس جامعة "برينستون" – التي جُمّدت لها 210 ملايين دولار في انتظار استكمال التحقيق المتعلق بجهودها في مكافحة معاداة السامية – أن الجامعة تلتزم القانون وتحرص على محاربة جميع أشكال التمييز، لكنها في الوقت نفسه ستدافع بقوة عن الحرية الأكاديمية وعن حقوقها القانونية الكاملة.

هناك الكثير من الأدلة التي تُظهر أن تمويل الأبحاث من المعاهد الوطنية للصحة يشكل أساسا للاكتشافات العلمية والتطوير اللاحق للتقنيات التي تحسن الصحة

شيري جاليد، عميدة كلية روبرت ف. فاغنر بجامعة نيويورك

وعليه، وجدت الجامعات المتضررة نفسها أمام معضلة شائكة، فإما الاستجابة لمطالب تعتبرها تدخلا في استقلالها الأكاديمي، أو المخاطرة بخسائر تمويلية جسيمة قد تعرقل قدرتها البحثية. وقد أجمع مسؤولو هذه المؤسسات ومناصروها على اتهام الحكومة باستخدام التمويل كسلاح سياسي لفرض أجندتها. وقد تجلى الطابع السلطوي لهذه القرارات في الطريقة التي اتُّخذت بها، حيث، كما ذكرنا سابقا، علمت بعض الجامعات بقرارات التجميد عبر وسائل الإعلام، في الوقت نفسه الذي علم فيه الرأي العام، دون أي إشعار رسمي مسبق، مما عمق الشعور بعدم الشفافية والإقصاء في التعامل مع مؤسسات يُفترض أنها شريكة في صياغة مستقبل البلاد العلمي.

من ناحية أخرى، أثار هذا النهج الحكومي قلقا متزايدا حيال حرية التعبير، إذ اعتبرت جماعات حقوقية أن معاقبة الجامعات بسبب احتجاجات طالبية يُعد تهديدا مباشرا لحرية التعبير السلمي وللبيئة الجامعية الحرة. في المقابل، ترى الإدارة ومؤيدوها أن التمويل العام أداة مشروعة تضمن مساءلة الجامعات عن سياساتها، خاصة حين يتعلق الأمر بخطاب الكراهية أو الممارسات التمييزية.

وهكذا تصاعدت الأزمة بشكل غير مسبوق، لتطرح تساؤلات جوهرية حول حدود تدخل الحكومة في الشأن الجامعي، والثمن الذي قد يدفعه البحث العلمي مقابل ذلك التدخل.

شلل البرامج البحثية

شكّل تجميد تمويل المعاهد الوطنية للصحة وسائر مصادر الدعم الفيديرالي للأبحاث صدمة كبرى في الأوساط الأكاديمية والعلمية في الولايات المتحدة، إذ تعتمد الجامعات البحثية بشكل كبير على هذه المنح لتشغيل المختبرات وتمويل آلاف المشاريع. وتُعد الجامعات المستهدفة من أبرز المؤسسات البحثية عالميا في مجالات الطب والهندسة والتكنولوجيا، مما جعل تعليق الدعم يهدد بتعطيل أبحاث أساسية، ويضع استثمارات علمية تراكمت عبر سنوات على المحك.

وتقول شيري جاليد، عميدة كلية "روبرت ف. فاغنر" بجامعة "نيويورك"، التي شغلت سابقا منصب مساعدة وزيرة التخطيط والتقييم في وزارة الصحة الأميركية خلال إدارة أوباما، في تصريح خاص لـ"المجلة إن هناك الكثير من الأدلة التي تُظهر أن تمويل الأبحاث من المعاهد الوطنية للصحة يشكل أساسا للاكتشافات العلمية والتطوير اللاحق للتقنيات التي تحسن الصحة "تقليص التمويل المخصص للأبحاث الأساسية سيحد من فهمنا للتهديدات الصحية القائمة والجديدة، ويبطئ تقدم الاستجابات لها".

وبينما تختلف مجالات الأبحاث من جامعة إلى أخرى، إلا أن القاسم المشترك بينها هو التأثير المباشر لتجميد التمويل على سير العمل في المختبرات، مما أدى إلى توقف تجارب مخبرية، وتعليق برامج تدريبية، وتشريد فرق بحثية كاملة، ففي جامعة "هارفارد"، مثلا، تم إيقاف مشروع بحثي مهم في مكافحة السل، بينما حذر عميد كلية الصحة العامة من أن العلاقة التاريخية بين الجامعات والحكومة – التي أثمرت عن اكتشافات أنقذت ملايين الأرواح – باتت مهددة، خصوصا في أبحاث حيوية كالسرطان والزهايمر والسكتة الدماغية والإيدز.

أما في جامعة "كولومبيا"، فكان التأثير قاسيا على برامج الطب الحيوي، حيث أفادت التقارير بإنهاء نحو 400 منحة تشمل مشاريع تدريب وأبحاث في أمراض مثل التوحد والزهايمر والسرطان، إلى جانب مراكز بحثية متخصصة حيث جُمّدت كافة المبالغ المتبقية من منح "كولومبيا" قيد التنفيذ حتى إشعار آخر، وهو ما يعني عمليا شللا شبه كامل للبحث الممول اتحاديا داخل مختبرات الجامعة.

الوضع لم يختلف كثيرا في جامعة "نورث وسترن"، التي علّقت مشاريع في تقنيات الأجهزة القابلة للارتداء والروبوتات والنانو، ومن بين هذه المشاريع التي أصبحت في مهب الريح مشروع تطوير أصغر منظم لضربات القلب في العالم، إلى جانب أبحاث بارزة لمكافحة الزهايمر. وكذلك واجهت جامعة كورنيل تجميدا لأبحاث استراتيجية تموَّل من وزارة الدفاع، شملت تطوير مواد طيران وتقنيات اتصالات متقدمة.

إذا استمرت الأزمة وتعمّقت، فإن دولا كالصين ودولا أوروبية كبرى قد تستغل هذا الاضطراب لتوسيع نفوذها العلمي والتقني

المشهد يتكرر في جامعتي "براون" و"برينستون"، حيث تسود حالة من الترقب في شأن مصير العشرات من المشاريع الممولة في مجالات تتراوح بين الطاقة والفضاء والعلوم الاجتماعية.

وفي خضم هذه الأزمة، لم تقتصر التداعيات على مختبرات الجامعات فحسب، بل بدأت تهز الثقة في منظومة البحث العلمي الأميركية برمتها. إذ وجدت فرق بحثية بُنيت عبر سنوات نفسها مجبرة على التوقف، وبات مستقبل الطلاب الباحثين غير واضح، وسط غياب أي ضمانات. وقد حذرت جامعات عدة من أن تأثير هذا التجميد لن يقتصر على المؤسسات المتضررة مباشرة، بل سيمتد إلى كامل شبكة البحث العلمي الأميركية. فكما جاء في شكوى "هارفارد" القضائية، فإن وقف التمويل لا يهدد فقط صحة ورفاهية ملايين البشر، بل يمس أيضا الأمن الاقتصادي وحيوية الأمة.

فالتقدم العلمي في الولايات المتحدة لا يقاس فقط بعدد الأبحاث المنشورة، بل يتجسد أيضا في آلاف الوظائف التي تخلقها المختبرات، وفي الأثر الاقتصادي المباشر الناتج من الابتكارات العلمية. وبالتالي، فإن شلل هذه المنظومة لا يمثل مجرد خسارة معرفية، بل ينعكس سلبا على سوق العمل، وعلى الصناعات المرتبطة بالبحث، وعلى القدرة الأميركية في الحفاظ على تنافسيتها عالميا. ومن المرجح أن تكون لهذه الأزمة ارتدادات طويلة الأمد، تهدد التفوق الأميركي في مجالات حيوية مثل الطب والتكنولوجيا، وهي مجالات باتت مهددة أصلً بفعل صعود منافسين عالميين، في مقدمهم الصين.

نفور العقول وتراجع الثقة

 لم تقتصر تداعيات أزمة تجميد التمويل على الولايات المتحدة الأميركية فحسب، بل أثارت مخاوف في شأن انعكاساتها على التعاون العلمي الدولي ومكانة الولايات المتحدة كمركز للبحث العالمي حيث قادت تاريخيا الجامعات الأميركية نهضة علمية عالمية وكانت مقصدا للكفاءات والباحثين من شتى البلدان، لذا فإن أي اضطراب في منظومة تمويل الأبحاث الأميركية الكبرى قد يؤثر في عجلة البحث والتطوير عالميا بطرق عدة.

فعرقلة المشاريع البحثية المشتركة دوليا حيث أن العديد من الأبحاث الممولة من المعاهد الوطنية للصحة وجهات اتحادية أخرى هي جزء من شبكات تعاون دولية، سواء عبر التجارب السريرية المتعددة المواقع أو فرق الباحثين العابرة للحدود. فعندما يتوقف التمويل الأميركي لمشروع ما، فإن الشركاء في أوروبا وآسيا وغيرهما سيتضررون أيضا. على سبيل المثل، إلغاء تمويل مركز أبحاث للسرطان في جامعة "كولومبيا" لا يؤثر على علماء كولومبيا وحدهم، بل ربما يمتد أثره إلى شبكة من المستشفيات ومعاهد الأبحاث العالمية التي كانت تتعاون وتشارك البيانات مع ذلك المركز مما سيؤدي إلى تأخر اكتشافات علاجية عالمية بسبب تعطل جزء أساسي في هذه الشبكة البحثية.

باتت منجزات علمية ومصائر آلاف الباحثين على المحك. ورغم أن حماية الطلاب ومكافحة التمييز أهداف لا خلاف عليها، إلا أن طريقة تحقيق هذه الأهداف – عبر سلاح التمويل – هي موضع الخلاف الجوهري


كما أن تراجع ثقة المجتمع العلمي الدولي في استقرار الدعم البحثي الأميركي حيث أن استعمال التمويل كأداة ضغط سياسي بهذا الشكل العلني قد يبعث إشارة سلبية للباحثين والمؤسسات خارج الولايات المتحدة، فقد يتساءل البعض: فهل من الحكمة الاعتماد على شراكات أو منح أميركية إذا كانت عرضة للإيقاف المفاجئ بقرار سياسي؟ وهو ما حدث بالفعل في بلدان عربية مثل مصر والأردن والعراق ولبنان، وقد يدفع هذا الغموض المؤسسات الدولية للبحث عن شركاء بديلين أكثر استقرارا مثل الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، أو إلى محاولة إنشاء تمويلات عابرة للدول تقلل الاعتماد على مصدر واحد.

فرانس برس
ناشطون وطلاب في اعتصام احتجاجي في ساحة جامعة جورج واشنطن، في 25 أبريل/نيسان 2024، بواشنطن العاصمة

ويمكن أن يتسبب الأمر في نفور العقول والمواهب الدولية من الجامعات الأميركية. فلطالما اجتذبت أميركا أفضل الباحثين والطلاب من حول العالم بفضل انفتاح مناخها الأكاديمي وسخاء دعمها البحثي.

لكن الإجراءات الأخيرة قد تقوّض سمعة هذا المناخ وخصوصا بعدما حدث مع بعض الطلاب الأجانب الذين تم احتجازهم في الأسابيع الأخيرة في جامعات أميركية على خلفية مشاركتهم في احتجاجات، والتي تعمل السلطات الأميركية الآن على ترحيلهم، كما تم إلغاء تأشيرات العديد من الطلاب الأجانب الموجودين في الجامعات المستهدفة. هذه التطورات تبعث برسالة مثبطة مفادها أن الطلاب والعلماء الدوليين قد يتعرضون للخطر أو الطرد إذا عبّروا عن آراء سياسية معينة. وبالنتيجة، قد يعيد كثيرون النظر في القدوم إلى الولايات المتحدة للدراسة أو العمل البحثي. إن نزيف المواهب الدولية أو عزوفها سيحرم المختبرات الأميركية من تنوع فكري وبشري هو أحد أسرار نجاحها تاريخيا.

كما يمكن أن تخلخل ريادة الولايات المتحدة العلمية لصالح قوى أخرى. فإذا استمرت الأزمة وتعمقت، فإن دولا كالصين ودولا أوروبية كبرى قد تستغل هذا الاضطراب لتوسيع نفوذها العلمي والتقني. فالصين، التي تضخ استثمارات هائلة في البحث والتطوير، تملك طموحا معلنا لتجاوز الولايات المتحدة في مجالات استراتيجية كأبحاث الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، والفضاء. وإذا تباطأت وتيرة البحث الأميركي بفعل القيود التمويلية والتدخل السياسي، فإن هذا قد يسرّع انتقال مراكز الريادة العلمية إلى جامعات ومؤسسات بحثية خارج أميركا. عندها لن يكون الأمر مجرد تراجع مؤقت، بل تحوّل هيكلي في خريطة النفوذ العلمي والاقتصادي، يؤثر في التعاون الدولي، وفي ملكية براءات الاختراع، وحجم الابتكار، وحتى في موازين القوى الجيوسياسية. فقد سبق أن شهدنا كيف تفوقت الصين في قطاعات صناعية كانت تُعد حكرا على الغرب، ولا شيء يمنع تكرار هذا السيناريو في ميادين العلم.

ومما يزيد حدة القلق أن هذه التوجهات الانعزالية قد لا تبقى حكرا على الولايات المتحدة. فنجاح إدارة ترمب في استخدام التمويل كأداة لمعاقبة الجامعات قد يشكل سابقة مغرية لحكومات أخرى حول العالم لتبني أساليب مشابهة تجاه مؤسساتها الأكاديمية. وإذا حدث ذلك، فسنكون أمام بداية حقبة جديدة من تسييس العلم على نطاق دولي، بما يهدد أسس حرية البحث والتبادل الفكري العابر للحدود. فالعلوم لا تزدهر إلا في مناخ من الانفتاح وتبادل البيانات والتعاون العالمي، وأي إعاقة لهذا التدفق المعرفي بفعل سياسات ضيقة، قد تعطل التقدم في قضايا مصيرية تواجه البشرية جمعاء، مثل الأوبئة، وتغير المناخ، والأمراض المستعصية. وهي مجالات نعرف جيدا كيف تعاملت معها إدارة ترمب سابقا، سواء بتقليل شأنها أو بالانسحاب من التعاون الدولي في شأنها، مما يعزز المخاوف من تكرار النهج نفسه، لكن هذه المرة عبر بوابة الجامعات والبحث العلمي.

مفترق طرق خطير

تكشف أزمة تجميد تمويل المعاهد الوطنية للصحة للجامعات المرموقة في الولايات المتحدة عن مفترق طرق خطير بين السياسة والعلم، حيث يتقاطع الاعتبار السياسي بالمصلحة العلمية في سياق شديد التعقيد. فمن جهة، تصر إدارة ترمب على أن قراراتها تمثل تطبيقا للقانون، وتهدف إلى حماية الأمن القومي ومكافحة معاداة السامية داخل الجامعات. وتؤكد الإدارة أن المال العام لا ينبغي إنفاقه إلا في بيئة تتماشى مع القيم التي تتبناها الدولة. ومن جهة أخرى، تحذر الجامعات، ومعها شريحة واسعة من المجتمع الأكاديمي، من أن هذه الإجراءات تمثل تدخلا تعسفيا يقوض أسس الحرية الأكاديمية، ويهدد جوهر الإبداع العلمي الذي يقوم في الأساس على الاستقلالية والانفتاح والنقاش الحر.

في خضم هذين الشد والجذب، باتت منجزات علمية ومصائر آلاف الباحثين على المحك. ورغم أن حماية الطلاب ومكافحة التمييز أهداف لا خلاف عليها، إلا أن طريقة تحقيق هذه الأهداف – عبر سلاح التمويل – هي موضع الخلاف الجوهري. إذ يخشى كثيرون أن يشكل هذا التوجه سابقة خطيرة تغيّر طبيعة العلاقة التاريخية بين الحكومة الفيديرالية والجامعات، التي طالما قامت على مبدأ الشراكة من أجل الصالح العام، لا على المشروطية السياسية. فبدلا من تمكين البحث العلمي، قد يؤدي هذا النهج إلى تقييد روح المبادرة، وتقويض القدرة على البحث الحر عن الحقيقة.

وهكذا، يبرز التحدي الأكبر في إيجاد توازن دقيق بين حماية البيئة الجامعية وضمان استقلالها الأكاديمي، وهو التحدي الذي فجرته هذه الأزمة. وبينما تتجه المواجهة إلى ساحات القضاء والسياسة، يبقى السؤال مفتوحا: هل تتراجع الحكومة الفيديرالية عن بعض إجراءاتها مجبرة بسبب الدعاوى القضائية أو مخيّرة تحت ضغط الانتقادات المتصاعدة؟ أم أنها ستنجح في فرض معايير جديدة تغيّر سياسات الجامعات مقابل إعادة التمويل؟

كذلك، يتابع العالم تداعيات هذه المواجهة على موقع الولايات المتحدة العلمي عالميا: هل ستكون هذه الأزمة مجرد عارض عابر تعود بعده المختبرات إلى نشاطها المعتاد؟ أم أنها جرس إنذار لتحوّل أعمق في علاقة الدولة بالعلم؟ الإجابة ستتضح في الأشهر والسنوات المقبلة، لكن المؤكد أن هذه الأزمة كشفت هشاشة العلاقة بين السياسة والبحث العلمي، وذكّرت الجميع بأن التقدم المعرفي يمكن أن يصبح ضحية جانبية حين تطغى الحسابات السياسية على حرية الفكر في مجتمع يفترض أنه ديمقراطي.

font change