بعد سلسلة من الحروب الاقتصادية، بدءا من فرض التعريفات الجمركية والتنافس على المعادن النادرة والأسواق العالمية، وصولا إلى السعي للهيمنة على الممرات البحرية ومضائق التجارة الدولية، تستعر حرب أكاديمية-علمية، أميركية-أوروبية هذه المرة، على خلفية قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب تقليص موازنات الجامعات الأميركية بنسبة 15,3 في المئة، الذي يدخل حيز التنفيذ في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مما سيجعل فصل الصيف يشهد موجة هجرة جماعية للعقول من الجامعات الأميركية، مع توجه الأدمغة من غرب المحيط الأطلسي إلى شرقه، في صراع شد الحبل بين حلفاء الأمس، حول استقطاب أفضل المهارات في مجالات الابتكار والابداع والعلماء.
هجرة أكاديمية غير مسبوقة في الافق
قدرت مجلة "نايتشور" (Nature) المتخصصة في العلوم، أن أكثر من 1200 من أصل 1650 مشاركا في استطلاع للرأي من كبار المهندسين والأطباء وعلماء الفضاء والمناخ، والفيزياء الفلكية، والطاقة، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الرقمية، وعلوم الأرض والمحيطات، يرغبون في مغادرة الجامعات الأميركية.
واعتبر المشاركون في الاستطلاع أن المناخ السياسي الراهن يشكل عائقا أمام البحث العلمي بسبب الضغوط والتدخلات التي تستهدف المجال الأكاديمي، بالإضافة إلى تقليص الاعتمادات المالية التي تحد من قدرة الجامعات والطلبة على تحقيق أهدافهم التعليمية والبحثية.
وأظهر تقرير مجلة "نايتشور" أن 80 في المئة من المشاركين (طلبة وأساتذة)، عبروا عن رغبتهم في مغادرة البلاد في أقرب فرصة، وهم يتهمون إيلون ماسك، مستشار الرئيس ترمب وداعمه في الحملة الانتخابية، بالوقوف وراء القرارات التي تستهدف الجامعات، وذلك في إطار برنامجه المثير للجدل لترشيد النفقات الفيديرالية بقيمة تريليوني دولار. يشمل هذا البرنامج تسريح آلاف الباحثين في الجامعات والمعاهد المختلفة عبر الولايات الخمسين، الذين يتلقون أجورهم من الموازنة الفيديرالية. كما عبر الباحثون والأستاذة عن قلقهم من تراجع حرية الأنشطة الأكاديمية، وتعقيد شروط وصول الطلبة الأجانب إلى المختبرات العلمية الأميركية.