لم تكد تكتمل المائة يوم الأولى من ولاية دونالد ترمب الثانية حتى طبعت بصماتها على سائر مناحي الحياة في الولايات المتحدة بل وفي العالم. واتشحت هذه الحلقة الأولى بسمة واحدة، وهي الهدم والتفكيك لـ "الدولة العميقة". أكثر من 142 أمرا رئاسيا أصدرها ترمب في تلك الفترة، كان قليلها إيجابيا وكثيرها سلبيا وبعضها لا يسمن ولا يغني من جوع.
وانكبت إدارة ترمب فور توليها على التنفيذ العاجل والمتعجل لوعوده، وفي مقدمتها الترحيل العشوائي وغير القانوني للمهاجرين وتقليص الحكومة الفيدرالية وفرض تعريفات جمركية واسعة وغير منطقية وإعادة هيكلة السياسة الخارجية بعد أن أطلق له الكونغرس ذو الأغلبية الجمهورية العنان للوفاء بأجندته الانتخابية.
لكن المشهد العام من السياسات الداخلية إلى الخارجية إلى الاقتصادية إلى المالية غلبت عليه الفوضى وبدا وكأن عقد الإدارة المحكمة لشؤون البلاد قد انفرط من بين يديه وخيمت على الآفاق سحابة من عدم اليقين والسير نحو المجهول. وأصابت التناقضات الكثير من قرارات ترمب، بينها على سبيل المثال وعده بتخفيض تكاليف الحياة ثم فرضه رسوما جمركية مرتفعة على الواردات مما تسبب في زيادة الأسعار والتضخم. كما رفعت الكثير من الدعاوى القضائية التي تطعن في قانونية قراراته التي أسقط القضاء بعضها فيما لا يزال ينظر في أخرى.
كانت عين ترمب طوال هذه الأيام المئة على أنصاره من اليمين المتشدد وعلى إشباع نهمه للأضواء رغم ما تنطوي عليه ممارساته من تسرع دون اعتبار للدستور أو القوانين الفيدرالية أو أجهزة الرقابة والمحاسبة فضلا عن استخدام سلطاته الواسعة لقمع المعارضين وتنفيذ سياسات عنيفة يئن منها المواطن العادي وإن كان يسعد بها الأثرياء.