يصعب اختزال معاناة السوريين التي تجاوزت عقدا من الزمن، منذ اندلاع الثورة السورية، في كتاب واحد أو عمل فني واحد، لكن توثيق أحد أبرز جوانبها، وهو المتعلق بالمعتقلين والمغيبين، يساهم على الأقل في تحويل المعاناة الفردية إلى ذاكرة جماعية، ليصير أداة ثقافية فعالة ضد النسيان.
وحتى لا تتحول عبارة "أنا المعتقل أدناه" إلى مسألة هامشية، سعى معرض "معتقلون ومغيبون" الذي أقامته منصة "ذاكرة إبداعية للثورة السورية" بين 18 مايو/ أيار و6 يونيو/ حزيران، في رعاية وزارة الثقافة السورية في المتحف الوطني في العاصمة دمشق الذي اختير لرمزيته كفضاء يؤرخ لتاريخ سوريا القديم والحديث، إلى تقديم سردية الاعتقال بوصفها هوية مشتركة بين المعتقلين. فبينما كانت السلطة السابقة تستخدم الاعتقال سبيلا لسحق الهوية الفردية وتحويل المعتقلين إلى أرقام، مجردين من أسمائهم، يحاول المعرض خلق هوية جماعية كفعل مقاوم للنسيان الممنهج، وذلك بعد جهود مكثفة على امتداد سنوات لتوثيق حالات الاعتقال التعسفي في عهد النظام المخلوع كوثيقة للمحاكمة والإدانة الدولية.
تمرد على التغييب القسري
يعيد المعرض إحياء ذكرى المغيبين والمفقودين ويصر على تعريف الضحايا بوصفهم أفرادا لهم أسماء وكيانات، مما يمنحهم حضورا رمزيا ويسقط عنهم صفة الغياب.