شهد المغرب خلال الأسابيع الأخيرة من شهر مايو/أيار 2025، انفجار فضيحة مدوية، أثارت ولا تزال الرأي العام، واستقبلت باهتمام واسع من طرف منظمات المجتمع المدني، وبالأخص منها العاملة في مجال مكافحة الفساد، فغطت بذلك على ما دونها من أحداث وقضايا وانشغالات يومية للمواطنين، مثل الارتفاع المهول في أسعار المواد الاستهلاكية، وتداعيات إلغاء شعيرة عيد الأضحى لهذا العام، بسبب النقص الكبير في قطيع الأغنام، نتيجة الجفاف. ناهيك عن موضوع صراعات الأحزاب الوطنية التي يتبادل قادتها الاتهامات، حد إلقاء الشتائم، في حملة انتخابية محمومة سابقة لأوانها.
الفضيحة المدوية والخطيرة، هي تلك التي تعرف اليوم بـ"قضية الإتجار في الشهادات" الجامعية. وقد اندلعت إثر توقيف أستاذ جامعي، يشتبه في قيامه بمنح شهادات الماجستير والدكتوراه في القانون، مقابل رشوة بآلاف الدولارات.
حدث هذا في أكبر مؤسسة جامعية في المغرب من حيث عدد الطلاب، وهي جامعة ابن زهر بمدينة أغادير (562 كيلومترا جنوب العاصمة الرباط).
بهذا الصدد تردد الأخبار تورط عدد من المسؤولين الكبار، بينهم محامون ومسؤولون في أجهزة الشرطة والقضاء، رُفِع ضدهم الاتهام بالاستفادة من خدمات الأستاذ المعني، الذي يقال إنه نجح في إنشاء شبكة واسعة من المحسوبية، قائمة على الاحتيال والتزوير.
كان طبيعيا أن ينضم الكثير من الأساتذة إلى إدانة "الإتجار في الشهادات الجامعية"، من منطلق الدفاع عن هيئة التدريس وعن سمعة الجامعة المغربية ومصداقيتها، والتنديد بـ"المحسوبية في منح شهادات الماجستير".
بالموازاة، أسهمت الفضيحة في تأجيج نقاش قوي حول حوكمة النظام الجامعي المغربي، خاصة وأن فضائح أخرى سبقت في السنتين الأخيرتين، أبرزها ما يسمى في الإعلام المحلي بـ"النقاط مقابل الجنس"، وهي فضيحة غير مسبوقة هزت الوسط الجامعي في المغرب، واكتسبت زخما مع الكشف في وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة، عن سلسلة من حالات التحرش ضد الطالبات في بعض المؤسسات الجامعية، وصلت إلى ملاحقة بعض الأساتذة أمام المحاكم.