يعرض "المتحف الدولي للتجسس" في واشنطن العاصمة عالما من الأسرار المثيرة والتفاصيل المجهولة المرتبطة بالحروب والصراعات والمؤامرات والدسائس الخفية. من عمليات التجسس المعقدة لجمع المعلومات، إلى الخطوات الاستباقية التي تتخذ قبل شن الهجمات، أو لإحباطها قبل وقوعها، إلى غرف الاستجواب والتعذيب، والعرض الفعلي للإيهام بالغرق، يفتح المتحف نافذة على الجانب الخفي من تاريخ هذه المهنة، حيث تصنع القرارات في الظل، وترسم ملامح العالم من خلف الكواليس، وتنتزع المعلومات بأساليب وحشية.
مبادرة فردية
بدأت فكرة المتحف كمبادرة فردية من ميلتون مالتز، مفكك الشفرات السابق في الحرب الكورية، ومؤسس مجموعة "مالرايت" للاتصالات. ففي عام 1996، خطرت له فكرة إنشاء متحف فريد من نوعه يروي تاريخ الجاسوسية، ويوثق أسرارها. أراد مالتز أن يكون المشروع مزيجا من التعليم والتسلية، مكانا يثري وعي الزوار، ويشبع فضولهم، دون أن يبتعد عن الجاذبية البصرية والتشويق الذي يميز هذا العالم. وبفضل هذه الرؤية، تحول المتحف إلى وجهة ثقافية عالمية، تجمع بين التوثيق وروح المغامرة.
افتتح المتحف عام 2002 في حي "بن كوارتير" في واشنطن العاصمة، بعد استثمار بلغ أربعين مليون دولار. مولت شركة "مالرايت" نصف التكلفة، وجاء النصف الآخر من "صندوق منطقة كولومبيا" من طريق سندات تمويل خاصة. لعب هذا المشروع دورا مهما في إعادة إحياء المنطقة التي بدأ تجديدها في ثمانينات القرن الماضي. وأصبح المتحف مع مرور الوقت وجهة سياحية رئيسة. وبعد ازدياد الإقبال عليه، وتوسع مجموعاته، اقتضت الضرورة البحث عن مساحة أكبر لاستيعاب الزوار فأعلن في عام 2015 عن خطط لإنشاء مبنى جديد للمتحف، وتصميمه، وأوكلت المهمة إلى المهندس المعماري الشهير روجرز ستيرك هاربر. وفي 12 مايو/ أيار 2019، افتتح المتحف في موقعه الجديد في ”لي إنفانت بلازا“ بعد استثمار قدره 162 مليون دولار جعل المتحف ينتقل من كونه مشروعا ربحيا إلى مؤسسة غير ربحية هدفها نشر الثقافة والمعرفة حول الجاسوسية. يمتاز المبنى الجديد بمساحة واسعة تصل إلى 32 ألف قدم مربع، ويشمل مسرحا يتسع لمئة وخمسة وأربعين مقعدا، وشرفة تطل على المدينة، فضلا عن مساحة متعددة الاستخدامات للطابق العلوي.
معارض
يتكون المبنى من طوابق عدة مخصصة لأنواع مختلفة من الأنشطة والمعارض. فالطابق الأرضي مخصص للزوار، ويحتوي على المدخل الرئيس ومنطقة الاستقبال، بينما تشمل الطوابق العليا المعارض الدائمة التي تعرض قطعا أثرية تتعلق بتاريخ التجسس. ويضم الطابق الخامس معظم المعارض الرئيسة، حيث تعرض مجموعة من الأدوات المتنوعة المستخدمة في عمليات التجسس عبر العصور، مثل أجهزة التنصت وأدوات التخريب والملابس المتخصصة التي كان يستخدمها الجواسيس في الماضي. خصص الطابق السادس للمعارض التفاعلية التي تشرح كيفية تجنيد الجواسيس، والتكتيكات التي يستخدمونها في مختلف الحروب والصراعات. أما الطابق السابع فيحتوي على قاعة للأفلام والندوات، حيث يمكن الزوار مشاهدة أفلام وثائقية عن الجاسوسية، أو حضور محاضرات وندوات تعليمية.