بعد معرضه الذي أقامه في "تيت بريتان" بلندن عام 2009 والحائز "جائزة تيرنر"، يعود الرسام البريطاني ريتشارد رايت إلى العرض ثانية من خلال معرض شخصي كبير يضم أكثر من خمسين عملا بمختلف الأحجام، منفذة جميعها على الورق في "مركز كامدن للفنون".
تلك لفتة استثنائية من فنان لم تعد العروض العامة تغريه بعد أن اهتدى إلى ضالته في صنع أعمال فنية تتناسب مع الفضاءات العامة والأماكن الشخصية على حد سواء من خلال رسوم ينفذها مباشرة على الجدران أو من طريق الرسم على الزجاج الذي يظهر براعة في التعامل مع الضوء الطبيعي. وهو ما صار نادرا في زماننا إلا على مستوى الفن التجاري وليس فن رايت في طبيعة الحال من ذلك النوع.
يعيدنا رايت إلى زمن الأوهام البصرية في ظل انتشار الـ Op Art بعد ظهور الفنان المجري الفرنسي فيكتور فازارلي في ستينات القرن العشرين. كانت هناك يومذاك حماسة لإحداث نوع مزدوج من الخداع والتحريص البصريين. يرى المرء أعمالا فنية لا تنقل الطبيعة ولا تشتبك بالواقع وفي الوقت نفسه لا تعبر عن أي مستوى من مستويات الشعور.
ابتكر فازارلي عالما مستقلا، مادته الرسم. سبقه إلى ذلك الاستقلال، البولندي الروسي كازيمير مالافيتش صاحب "مربع أبيض داخل مربع أبيض"، والهولندي بيت موندريان المشهور بتجريده الهندسي الذي استفاد منه مصممو الأزياء. لكن فازارلي ذهب بعيدا في اللعب، في حين كان سلفاه جادين. حرص فازارلي على أن يصنع عالما مستقلا ليس من أهدافه اخضاع العين بل العمل على إحداث شغب بصري تكون العين مركزه.