يستضيف "غاليري صالح بركات" في العاصمة اللبنانية بيروت معرضا كبيرا لفنان الخط العربي والحروفية سمير الصايغ، ابتداء من 25 مايو/أيار وحتى أواخر يوليو/تموز 2025. يضم المعرض أعمالا للصايغ من بدايات رحلته الفنية وحتى آخر اختباراته في فن الخط والحروفية. وهو بلغ الثمانين من عمره، من دون أن تفارقه حيوية الحضور والإقبال على العمل.
مزيج الحروفية والصوفية والشعر
من محترفه في طبقة من مبنى تراثي في منطقة الأشرفية البيروتية، خرجت أعمال الصايغ الجديدة إلى صالة الغاليري في محلة كليمنصو البيروتية أيضا. وكان احتشد جمع متنوع المشارب الفنية والثقافية في بيروت نهار افتتاح المعرض بحضور الفنان المشبع منذ شبابه بالشعر والفلسفة الصوفيين في التراث العربي الإسلامي الذي بدأ احتكاكه به عندما كان تلميذا داخليا في "دير المخلص"، بعد ولادته في بلدة مشغرة سنة 1945.
نشأ الصايغ في بيروت الستينات والسبعينات، وعاصر حداثتها الثقافية والفنية وشارك فيها ناقدا للفن التشكيلي العربي الحديث. لكن مصادر ثقافته الفنية كانت تكونت في يفاعته وشبابه الأول عندما مال إلى جماليات فن الخط العربي، بعدما أثنى على جمال خطه راهب في دير المخلص، فأخذ يميل إلى الحروفية التشكيلية وتجريداتها، لا سيما عقب تأثره العميق بقدامى المتصوفين العرب المسلمين، وبدايات إقباله على كتابة الشعر متأثرا بقراءته كبار المتصوفة وأدب جبران خليل جبران النهضوي الحديث.
وكان أن درس الصايغ تاريخ الفن في كلية الفنون الجميلة في باريس نهايات الستينات، ليضع جسورا بين الفنون البصرية الحديثة والفنون الإسلامية في تراثها العريق، بدءا من فن الخط الكوفي. وفي العام 1988 وضع كتابه "الفن الإسلامي: قراءة تأملية في فلسفته وخصائصه الجمالية"، ثم أتبعه أخيرا بكتاب آخر عنوانه "أنا الآخر" الذي ضمنه تجربته المديدة في الشعر وفن الرسم والخط والحروفية.
وسمير الصايغ لا يعتبر نفسه فنانا تشكيليا، بل حروفيا في فن الخط العربي الذي ينتمي إلى فنون الشرق المختلفة عن فنون الغرب في فلسفتها وتجسيداتها البصرية التي تصدر عن الحدس والبصيرة والتجريد.
في معرضه الجديد الذي اعتبر حدثا فنيا في بيروت، اختبر الصايغ أشكالا جديدة في الحروفية، متأثرا بجديد الفن الصيني الحروفي المصدر، لكن المتطور والمنفتح على توظيف طاقات جديدة في الرؤيا وفي تحرر حركة اليد في الأداء الفني الخطي واللوني.