في مؤشر على تصاعد التوتر بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمقررة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيز، أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو فرض عقوبات جديدة على واحدة من أبرز المنتقدين للسياسات الإسرائيلية في الحرب على غزة.
جاء هذا الإجراء رداً على الانتقادات المتواصلة التي وجّهتها ألبانيز للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث اتهمها روبيو بقيادة ما وصفه بـ"حملة حرب سياسية واقتصادية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل".
التحرك الأميركي الأخير جاء بعد أن دعت ألبانيز، بصفتها الرسمية، المحكمة الجنائية الدولية إلى "التحقيق مع المسؤولين التنفيذيين في الشركات والكيانات المؤسسية وملاحقتهم قضائياً"، متهمة إسرائيل بارتكاب جرائم حرب خلال المواجهات مع حركة "حماس".
وفي تقريرها الصادر الأسبوع الماضي تحت عنوان "من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية"، حددت ألبانيز 48 جهة فاعلة تشمل شركات لتصنيع الأسلحة ومؤسسات مالية كبرى، من بينها "مايكروسوفت"، و"ألفابت" (الشركة الأم لـ"غوغل")، و"أمازون". وذكرت أن هذه الشركات تساعد إسرائيل في تهجير الفلسطينيين، في انتهاك للقانون الدولي، وتحقق أرباحاً من تعاونها مع الحكومة الإسرائيلية.
ورداً على التقرير، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على ألبانيز بموجب الأمر التنفيذي رقم 14203، وصنّفتها على أنها "شخص مُدرج ضمن قائمة العقوبات الخاصة" (SDN)، ما يحظر على الأفراد والكيانات الأميركية التعامل معها. كما وصفتها وزارة الخارجية بأنها تمارس "ترويجاً مخزياً" لتحركات المحكمة الجنائية الدولية ضد واشنطن وتل أبيب.
ويُشار إلى أن الإدراج في قائمة "SDN" يعني أن الشخص أو الجهة المصنّفة يُعتبر تهديداً للأمن القومي الأميركي أو لسياسته الخارجية أو الاقتصادية، ما يؤدي إلى تجميد جميع أصوله الواقعة ضمن نطاق الولاية القضائية الأميركية، ويُحتمل أن تفرض عليه قيود في السفر إلى الولايات المتحدة.
وقال روبيو في بيان: "ستواصل الولايات المتحدة اتخاذ ما تراه ضرورياً للرد على الحرب القانونية، ولحماية سيادتنا وسيادة حلفائنا".
وفي وقت سابق من هذا العام، طالبت فرقة العمل التابعة لوزارة العدل الأميركية لمكافحة معاداة السامية الأمم المتحدة بإقالة ألبانيز من منصبها، متهمة إياها بـ"الصمت الانتقائي وغضبها المنحاز".
ألبانيز، الباحثة الإيطالية التي عُيّنت مقررة خاصة في مايو/أيار 2022، دعت منذ اندلاع الغزو الإسرائيلي الشامل لغزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى فرض عقوبات على إسرائيل وحظر تصدير الأسلحة إليها. وفي فبراير/شباط 2024، منعتها السلطات الإسرائيلية من دخول البلاد، بعد أن صرحت علناً بأن "ضحايا السابع من أكتوبر لم يُقتلوا بسبب ديانتهم اليهودية، بل كردّ فعل على القمع الإسرائيلي".
وتطرّقت ألبانيز إلى العقوبات المفروضة عليها خلال مؤتمر عقد هذا الأسبوع في العاصمة الكولومبية بوغوتا، واستمر يومين بمشاركة ممثلين عن الصين، وإسبانيا، وقطر. وقالت في كلمتها: "لا ينبغي اعتبار هذه الهجمات موجهة ضدي شخصياً، بل هي تحذير لكل من يجرؤ على الدفاع عن العدالة الدولية والحرية. لكننا لن نُسكت، وأنا أعلم أنني لست وحدي. هذه المسألة لا تتعلق بي أو بأي شخص آخر، بل تتعلق بالعدالة للشعب الفلسطيني في أكثر مراحل تاريخه حساسية".