مرّ عام كامل على سقوط الأسد ولم تتحقق كثير من الكليشيهات التي هيمنت على خطاب السياسة في المشرق، مثل تفكك سوريا على أسس عرقية ودينية، وفق السيناريو الذي رسمه أصحاب نبوءات الخراب، أي مقولة "الأسد أو لا أحد".
وكنت واحدا من أولئك المتشائمين الذين تنبأوا بالخراب والظلام، وسعدت لأن الأحداث أثبتت خطأهم. وللتوضيح، ما زال الوقت مبكرا للحكم النهائي، غير أن إنجازات الحكومة التي يقودها الرئيس أحمد الشرع فاقت التوقعات وأدهشت الجميع من بكين حتى واشنطن. وبينما ما زال الجدل قائما حول مجازر الساحل والدروز، يتبدى الدرس الأوضح الذي استخلصه الشرع مستمدا من عراق ما بعد صدام، وليبيا ما بعد القذافي. فقد أنجز انتقالا سلسا للحكم في دولة مُفرغة من مؤسساتها أنهكتها حرب أهلية دامية امتدت أربعة عشر عاما، وسارع إلى تبني قدر كبير من الانفتاح والمرونة في السياسة الخارجية في قطيعة مع تشدد الدولة السورية البعثية السابقة ومع النهج الذي ساد أيضا بعد سقوط نظامي صدام والقذافي.
درس مستفاد من العراق
يتحدث كثيرون عن كيف أدت عملية اجتثاث "البعث" في العراق إلى ملايين الرجال العاطلين عن العمل المستعدين لحمل السلاح، ليس فقط في وجه القوات الأميركية والبريطانية، بل أيضا في مواجهة نمط الحكم الشيعي المتأثر بإيران الذي هيمن على عراق ما بعد صدام. وبعيدا عن تجريد الجيش والشرطة من سلاحهما، أبعدت الإدارة الأميركية بقيادة بول بريمر مئات آلاف العراقيين المتعلمين من أطباء ومحامين وموظفين مدنيين، ممن لم يكن لهم دور في الطبيعة الاستبدادية أو في قمع "دولة البعث". ويشكل هذا العامل الفارق الذي يميز الإدارة الحالية التي يقودها الشرع. إذن، ما أكبر درس استخلصه الشرع من تجربة العراق؟


