بغداد - اثنا عشر يوما كانت فترة الحرب بين طهران وتل أبيب، لم تكن فيها الأجواء العراقية طريقا سالكا للطائرات الحربية، والصواريخ الباليستية والمسيرات، وإنما كانت على أرضه تدار حرب من نوع آخر، هي حرب الترقب والحذر والخوف، من أن تمتد نيران المعركة إلى العراق، وبدأت تُرفع لافتات "معركة الحق ضد الباطل والصمت فيها خيانة". وما إن دخل الاتفاق على وقف النار حيز التنفيذ، رفع بعض العراقيين شارة "النصر" محتفلين بانتصار "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" في حربها ضد إسرائيل.
المفارقة، أن كل مواقف الدعم والإسناد لإيران في أيام الحرب، وخطابات احتفالات "النصر الإيراني" على إسرائيل، كان يديرها العراقيون عبر منصات التواصل الاجتماعي في "فيسبوك" ومنصة "إكس"، وهذا على خلاف التوقعات، التي كانت تعتقد أن العراق لن يكون بعيدا عن نار الحرب، إذا اشتعلت بين إيران وإسرائيل، وبناء على خطابات التهديد والوعيد، لقادة الفصائل المسلحة في العراق، الذين طالما حذروا من استهداف إيران. ولكنهم اكتفوا بإعادة صياغة خطابات التحذير، التي تحدد مستوى تدخلهم في المعركة "إذا تم استهداف قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي".
يفترض أن العراقيين من بين شعوب الشرق الأوسط، الذين جربوا الحرب وعاشوا مأساتها، وتعرفوا تماما أن الحروب لا يوجد فيها منتصر، لأن آثارها الاقتصادية والاجتماعية، لا تترك مجالا للاحتفاء بالنصر، وإنما هو وهم عشناه كعراقيين، مع كل وقف إطلاق نار في حروب صدام العبثية ضد إيران (1980-1988) وحماقة غرو الكويت (في 1990). ولكن ثقافة التوجيه السياسي، كما وصفها الباحث العراقي سليم سوزه، ترى أن النصر في الحرب، هو بقاء رأس الهرم في سدة الحكم.