النفوذ الإيراني يتراجع في العراق... هل يزول؟

فرصة لتوسيع النفوذ الأميركي؟

نسمة محرم
نسمة محرم

النفوذ الإيراني يتراجع في العراق... هل يزول؟

في أعقاب الحرب التي دامت اثني عشر يوما بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة، وإيران من جهة أخرى، كتب مايكل نايتس– أحد أبرز المحللين المتخصصين في الشأن العراقي في واشنطن– في العاشر من يوليو/تموز أن "هذه اللحظة تحمل فرصة كبيرة لتوسيع النفوذ الأميركي في العراق... وتقليص النفوذ الإيراني".

وأشار نايتس بشكل خاص إلى ما وصفه بضعف الميليشيات الموالية لإيران في العراق، وضبط النفس النسبي الذي مارسته خلال فترة القتال. لا ريب أن النفوذ الإيراني في العراق، تراجع في بعض الأوجه، ولكن هل هو في طريقه إلى الزوال حقا؟

تؤدي العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة الأميركية، إلى تقليص واردات العراق من الطاقة الإيرانية، وهو ما يعني تراجع إحدى أبرز أدوات الضغط الإيراني على بغداد، وتزداد حساسية هذا الملف في ظل موجات الحر الشديدة التي تضرب العراق، إذ لم يعد انقطاع الكهرباء قضية اقتصادية فحسب، بل بات مسألة سياسية شديدة الحساسية. ففي الأسابيع الأخيرة، شهدت بغداد وواسط والديوانية ومدينة النجف، احتجاجات على الانقطاع المتكرر للكهرباء، (لا يزال العراق ينتج نحو 27 غيغاواط/ساعة من الكهرباء، بينما قد تصل ذروة الطلب في الصيف إلى أكثر من 45 غيغاواط/ساعة).

سعت إيران إلى منع العراق من تنويع مصادره. وفي عام 2020، مارست ضغوطا على حكومة حيدر العبادي، لثنيها عن توقيع اتفاق مع السعودية، لتزويد العراق بالكهرباء

وعلى مدى عشر سنوات، كانت الحكومة العراقية، تلتمس استثناءات من العقوبات الأميركية، التي تستهدف الدول التي تدفع لإيران مقابل السلع التجارية، وقد وافقت كل من إدارة ترمب الأولى وإدارة بايدن على منح تلك الاستثناءات، بشرط أن تودع المدفوعات في حساب مصرفي خاص في دولة ثالثة، يخضع لاستخدامات محددة، وفي العام الماضي، كان العراق يستورد يوميا نحو 1.5 غيغاواط/ساعة من الكهرباء من إيران، لكن هذا التبادل توقف في مارس/آذار الماضي، بعد أن رفضت إدارة ترمب منح إعفاء جديد يتيح لبغداد سداد ثمن الكهرباء المستوردة من طهران.

وحتى الآن، لم تفرض الإدارة الأميركية عقوبات على العراق، بسبب استيراده الغاز الطبيعي الإيراني، رغم أن هذا الغاز أكثر أهمية من الكهرباء، إذ تشكل واردات الغاز– في حال تشغيلها بالكامل– ما يقرب من 30 في المئة من إجمالي إنتاج العراق من الكهرباء، بينما لم تتجاوز حصة الكهرباء الإيرانية المستوردة 4 في المئة.

ومنذ عهد ترمب الأول، ظلت واشنطن تضغط على بغداد لتطوير مصادر بديلة للكهرباء والغاز الطبيعي، والابتعاد عن الاعتماد على إيران، وقد أفاد عدد من المسؤولين العراقيين السابقين، أن إيران سعت إلى منع العراق من تنويع مصادره، ففي عام 2020، صرح وزير الكهرباء العراقي السابق قاسم الفهداوي للتلفزيون المحلي، أن إيران مارست ضغوطا على حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، لثنيها عن توقيع اتفاق مع السعودية، لتزويد العراق بالكهرباء، وذكر الفهداوي أن العبادي لاحظ في حينه، تقليصا متعمدا في الصادرات الإيرانية من الكهرباء، ما تسبب في غضب شعبي عارم، واعتُبر ذلك وسيلة ضغط من جانب طهران.

وسبق أن قال السياسي الشيعي العراقي بهاء الأعرجي، في مقابلة تلفزيونية عام 2018، إن الإيرانيين ضغطوا على الحكومة العراقية خلال توليه منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية (2013–2015) لكي لا تبرم اتفاقات مع دول الخليج، بشأن إمدادات الكهرباء.

ورغم هذه الضغوط الإيرانية الخفية، بدأت الحكومة العراقية، بحلول عام 2022، تتجه نحو موردين جدد، تحت ضغط مباشر من الولايات المتحدة، وبعد أن سئمت من ضعف الاعتمادية، وارتفاع كلفة الإمدادات الإيرانية، وقّعت بغداد في ذلك العام اتفاقا مع الرياض، لبناء خطوط نقل كهرباء إلى منطقة اليوسفية، على الجانب العراقي من الحدود، لاستيراد واحد غيغاواط من الكهرباء، ولا يزال العمل على هذا المشروع جاريا.

لم يعد النفوذ الإيراني في العراق، قائما فقط على الدعم الخارجي أو الميليشيات المسلحة، بل بات يرتكز على اندماج حلفاء طهران، في مؤسسات الدولة العراقية نفسها

وفي العام نفسه، أبرمت العراق اتفاقا مع مجلس التعاون الخليجي، لربط جنوب العراق بشبكة الكهرباء الخليجية وآخر مع الأردن، وبحسب المدير العام لشركة الكهرباء الوطنية الأردنية، يحتمل أن يبدأ الأردن بتصدير ما بين 150 و200 ميغاواط من الكهرباء إلى العراق في أغسطس/آب المقبل، وفقا لتصريحات أدلى بها لـ"وكالة الأنباء الرسمية" (بترا) في مايو/أيار، كما أبرمت بغداد اتفاقا يتيح لها استيراد 600 ميغاواط من تركيا، وهي تعمل حاليا على إقامة منشآت لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، لكنها لن تكون جاهزة في المدى القريب.

وفي وقت سابق من هذا العام، وقّعت الحكومة العراقية اتفاقا آخر، رحبت به واشنطن مع شركة "توتال" الفرنسية، لإنشاء مرافق لاستغلال الغاز الطبيعي، الذي يُحرق حاليا في مواقع استخراج النفط، وتحويله إلى مصدر لإنتاج الكهرباء، وأبلغ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الإدارة الأميركية، بأن العراق لن يكون بحاجة إلى الغاز الإيراني بحلول عام 2028.

الدولة العميقة

لم يعد النفوذ الإيراني في العراق، قائما فقط على الدعم الخارجي أو الميليشيات المسلحة، بل بات يرتكز على اندماج حلفاء طهران، في مؤسسات الدولة العراقية نفسها، فإيران تمارس تأثيرها عبر تكتل سياسي يُعرف بـ"الإطار التنسيقي" ويضم أبرز الأحزاب الإسلامية الشيعية الموالية لها، إلى جانب التمثيل السياسي للميليشيات الرئيسة المدعومة منها، وعلى رأسها "قوات الحشد الشعبي".

وقد شكل هذا التكتل محور النفوذ الإيراني داخل الدولة، مستخدما أدواته البرلمانية والسياسية لتأمين مصالح طهران، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2022، اتفق قادة "الإطار التنسيقي" على تعيين محمد شياع السوداني رئيسا للوزراء، في خطوة عكست مدى قدرة إيران على توجيه القرار السياسي في بغداد، من خلال وكلائها المحليين داخل مؤسسات الحكم.

وكشف تقرير صدر في ديسمبر/كانون الأول 2023 عن مركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأميركية، أن "الإطار التنسيقي" اتخذ خطوات منهجية، لتغيير المسؤولين الذين عينهم رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، واستبدالهم بشخصيات موالية له، وأشار التقرير إلى تعيين مدير جديد للأمن الداخلي، وآخر للمراقبة، وثالث لمكافحة التجسس، داخل جهاز المخابرات الوطني العراقي، وعلى مستوى جهاز الأمن الوطني– المعني بالأمن الداخلي– جرى تعيين مدير ينتمي إلى حزب "الدعوة"، ونائب له من ميليشيا "عصائب أهل الحق"، إحدى أبرز الميليشيات الموالية لإيران.

وبالمثل، فاوض قادة "الإطار التنسيقي" على تعيينات في مناصب عليا في المطارات والموانئ وإدارات الحدود والجمارك، إضافة إلى وزارات رئيسة، ويمتلك هؤلاء المسؤولون الكبار في الوزارات والهيئات، سلطة منح العقود والموافقات للمشاريع، ما يتيح لهم توجيه موارد الميزانية العامة نحو حلفائهم والأحزاب المرتبطة بإيران.

وفوق ذلك، تتلقى قوات "الحشد الشعبي" التي تضم الكثير من الميليشيات الموالية لإيران، وإن لم تكن كلها، تمويلا مباشرا من الحكومة العراقية، وقد ارتفعت مخصصاتها في الموازنة من 2.16 مليار دولار في عام 2020 إلى 3.4 مليار دولار في موازنة 2024، ومنحت الحكومة قادة "الحشد" مزيدا من الامتيازات، إذ سمحت لهم برفع عدد أفرادهم من 122 ألفا إلى 238 ألفا في موازنة 2023، ولا يخضع هذا التمويل الحكومي لمراقبة صارمة في المدى القصير، وهو ما يثير قلقا بالغا في واشنطن.

مع تفشي الفساد وسوء إدارة الموارد، وتزايد الخوف من القمع، تتراجع نسب المشاركة في الانتخابات العراقية بشكل مستمر

حيثما تدفق المال في الاقتصاد العراقي المعتمد على النفط والمربوط بالدولار، كانت لوزارة الخزانة الأميركية وسائل ضغط فعالة، وفي مثال حديث على ذلك، فرضت واشنطن قبل شهرين، عقوبات على رجل أعمال ثري يحمل الجنسيتين البريطانية والعراقية، بتهمة تهريب النفط الإيراني، إلى جانب اثنتي عشرة ناقلة استُخدمت في العملية، ومحطة شحن في خور الزبير، في خطوة قد تؤدي إلى تعطيل صادرات نفطية عراقية أخرى، وتلحق ضررا بسمعة الحكومة، في وقت تسعى فيه بنشاط إلى جذب استثمارات أجنبية في قطاع الطاقة.

وفي الفترة ذاتها، زعم عدد من السياسيين العراقيين، أن تأخير صرف رواتب عناصر "قوات الحشد الشعبي" في يونيو/حزيران يعود إلى ضغوط أميركية على "مصرف الرافدين" لحجب بطاقاتهم المصرفية، وبينما عزت الحكومة العراقية وقيادة "الحشد" هذا التأخير إلى "مشكلة فنية"، وأكدت أن الرواتب ستُصرف لاحقا، اكتفت السفارة الأميركية بالقول إن على المصارف العراقية، الالتزام بالمعايير الدولية، وعدم تمويل الجماعات الإرهابية، على أن عناصر "الحشد" استلموا رواتبهم في نهاية المطاف، وإن لم يخلُ الأمر من جدل.

لا تستطيع الطائرات الحربية والصواريخ الأميركية والإسرائيلية وحدها، تقويض قبضة الأحزاب الإسلامية الشيعية الموالية لإيران، وقوات "الحشد الشعبي" على الدولة العراقية، فإذا اغتيل مدير عام أو نائب وزير أو مسؤول استخباراتي مقرب من إيران، فإن الحلفاء الإيرانيين لا يلبثون أن يستبدلوه بآخر موال، والطريق الوحيد لتفكيك هذا النفوذ، لا يمر عبر القوة، بل يعتمد على تحرك سياسي داخلي يقوده العراقيون أنفسهم.

ورغم ما يبدو من تماسك، فإن "الإطار التنسيقي" و"الحشد الشعبي" يعانيان من نقاط ضعف واضحة، ففي "انتفاضة تشرين" التي اندلعت في وسط العراق وجنوبه عام 2019، احتجاجا على سطوة الأحزاب الإسلامية الشيعية والميليشيات، أضرم المتظاهرون النار في مقار تلك الأحزاب والميليشيات في عدة مدن، وهاجموا القنصلية الإيرانية في البصرة، وقد بلغ التهديد الشعبي لشرعية هذه القوى مستوى دفعها إلى الرد بعنف مفرط، سواء عبر عناصرها المسلحة أو من خلال سيطرتها على الأجهزة الأمنية، ما أسفر عن مقتل وإصابة الآلاف، بحسب تقرير لـ"منظمة العفو الدولية" نُشر عام 2023، ومع أن الحكومة العراقية– التي تهيمن عليها الأحزاب والميليشيات نفسها– تعهدت بالمحاسبة، إلا أنها لم تقدم إلى العدالة سوى عدد محدود جدا من أفراد الأمن.

ومع تفشي الفساد وسوء إدارة الموارد، وتزايد الخوف من القمع، تتراجع نسب المشاركة في الانتخابات العراقية بشكل مستمر، فمن 62 في المئة في انتخابات عام 2010، انخفضت النسبة إلى 60 في المئة في 2014، ثم إلى 44 في المئة في 2018، و43 في المئة فقط في 2021. وهذا التراجع يعكس فقدان شريحة واسعة من الشباب- وهم يشكلون غالبية السكان- ثقتهم بالنظام السياسي الذي تهيمن عليه إيران منذ عقد كامل. وردا على هذا الاستياء الشعبي المتنامي، وتخوفا من تآكل شرعية الدولة، يواصل المرجع الشيعي علي السيستاني توجيه انتقادات منتظمة للفساد المستشري في مؤسسات الحكم ببغداد، وإن من دون تسمية أشخاص أو كيانات بعينها، وكثيرا ما شدد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، في إشارة لا تخفى إلى وجوب كبح الميليشيات، وعلى رأسها "الحشد".

أما الزعيم الديني والسياسي مقتدى الصدر، المنحدر من أسرة دينية عريقة في النجف، فقد اتخذ موقفا أكثر صراحة وجرأة، إذ وجه انتقادات مباشرة للميليشيات المسلحة، على الرغم من أنه يقود ميليشيا خاصة به، وقد عبر الصدر عن رفضه القاطع لتدخل إيران في الشأن العراقي، ولا سيما بعد أن منعت الأحزاب الشيعية حركته البرلمانية من تشكيل الحكومة عقب فوزها في انتخابات عام 2022، ما دفعه إلى الانسحاب الكامل من البرلمان، وتحوله إلى خصم شرس لـ"الإطار التنسيقي".

يعتقد كثير من المراقبين أن الطائرات المسيّرة، التي تستهدف مؤخرا مطار أربيل ومنشآت نفطية في كردستان، تنطلق من قواعد "الحشد" لتحذير الأكراد من الضغط على بغداد في ملف النفط

ومؤخرا، قال أحد المتحدثين باسمه إن "رائحة السياسة في العراق لم تعد عراقية، بل أجنبية"، في إشارة إلى حجم النفوذ الخارجي المتغلغل في العملية السياسية، ويطالب الصدر بإصلاحات جذرية تطال بنية الدولة، تشمل تفكيك الميليشيات الموالية لإيران ونزع سلاحها، ودمج عناصرها ضمن جيش وطني موحد، وبسبب قناعته الراسخة بأن الفساد المستشري يعقد مسار الإصلاح، ويجعله مستحيلا في ظل المعادلة الحالية، يواصل الصدر مقاطعته للانتخابات المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وهذا الموقف الصدري يقلق القوى المسيطرة على البرلمان من الأحزاب والميليشيات الشيعية، ففي 13 يوليو/تموز، أعلن الصدر أنه سيدعم تكتلا سياسيا بديلا يلتزم برؤيته الإصلاحية، بما في ذلك حل الميليشيات. ونقل موقع "صوت العراق" في 15 يوليو أن قيادات "الإطار التنسيقي" تبدي خشيتها من أن يدعم الصدر رئيس الوزراء السوداني، الذي يكرر تعهده بجمع سلاح الميليشيات، وإن كان منتقدوه يشككون في جديته، ويرون أنه قد يستهدف فقط الميليشيات الخارجة عن عباءة "الحشد الشعبي".

اللافت أن السوداني بدأ في تشكيل تكتل سياسي خاص به، يسعى من خلاله إلى بناء قاعدة مستقلة، قد تتيح له تقليص اعتماده في المستقبل على أحزاب مثل "الدعوة" وميليشيات "الفتح" بحلول عام 2026.

وعلى الرغم من أن تشكيل ائتلاف سياسي جديد، يضم مختلف المكونات العراقية، ما خلا الأحزاب الشيعية المرتبطة بإيران، يبدو مهمة شاقة، فإن نجاحه في حصد الأغلبية داخل مجلس النواب بعد انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني قد يتيح له فرصة حقيقية، لتشكيل الحكومة المقبلة، والبدء بتفكيك الدولة العميقة الموالية لطهران، من خلال إقصاء المسؤولين المرتبطين بها، ونزع سلاح الميليشيات بشكل تدريجي.

على أن المرجح أن ترد الأحزاب، والميليشيات المرتبطة بإيران بكل الوسائل القانونية وغير القانونية، بل وربما بالعنف، للحفاظ على سيطرتها ونفوذها المالي، وقد سبق أن استخدمت هذه الأساليب عام 2022  لإجهاض محاولات الصدر تشكيل الحكومة، وإذا كانت تلك الميليشيات قد أبدت ترددا في مواجهة إسرائيل أو الولايات المتحدة خلال عامي 2024–2025، فإنها لن تتردد في خوض معركة شرسة، ضد خصومها العراقيين فيما تعتبره معركة وجودية.

ويعتقد كثير من المراقبين أن الطائرات المسيّرة، التي تستهدف مؤخرا مطار أربيل ومنشآت نفطية في إقليم كردستان، تنطلق من قواعد "الحشد" في محاولة لتحذير الأكراد من الضغط على بغداد في ملف النفط. ويُنظر إلى هذه التحركات بوصفها نذيرا لما قد تحمله المرحلة المقبلة، ولذلك، فحتى في حال تبلور ملامح ائتلاف بديل بعد انتخابات نوفمبر، فإن النتيجة الفورية، ستكون صراعا سياسيا محتدما، وربما انفجارا جديدا للعنف.

font change

مقالات ذات صلة