منذ عام 2016، شهد الاقتصاد الأميركي تقلبات حادة في كل من نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي والتضخم. ففي السنوات الأولى من عهد الرئيس دونالد ترمب، استمر النمو بوتيرة مستقرة، قبل أن تتسبب جائحة "كوفيد-19" في عام 2020 بانكماش اقتصادي بلغ 2,2 في المئة، بينما ظل التضخم منخفضا نسبيا، وفقا لإحصاءات مكتب التحليل الاقتصادي ومكتب إحصاءات العمل الأميركيين.
شهد عام 2021 تعافيا سريعا، حيث سجّل النمو 6,1 في المئة، غير أن الأسعار قفزت إلى 4,7 في المئة بفعل الضغوط في سلاسل التوريد. وفي حلول 2022، واجهت الولايات المتحدة أعلى معدل تضخم منذ أربعة عقود عند 8 في المئة، في وقت تراجع فيه النمو إلى 2,5 في المئة. أعقب ذلك اعتدال نسبي، حيث استقر النمو عند 2,8 في المئة في 2024 في مقابل تضخم يناهز 2,9 في المئة.
لكن توقعات أطلقتها كل من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، و"أبولو غلوبال"، و"إرنست أند يونغ" لعام 2025، تعيد المخاوف إلى الواجهة. إذ يُنتظر أن يتباطأ النمو إلى ما بين 1,2 في المئة و1,6 في المئة، في حين يُتوقع أن تتراوح معدلات التضخم بين 2,7 في المئة و3,9 في المئة بحسب المنظمة.
هذا المزيج من ضعف النمو واستمرار ارتفاع الأسعار، يعيد إلى الأذهان شبح "الركود التضخمي" الذي عرفته أميركا في سبعينات القرن الماضي. من أبرز العوامل وراء هذه الأخطار، الرسوم الجمركية التي تزيد تكلفة الواردات، وتباطؤ توفير الوظائف، وتراجع ثقة المستهلك، واستمرار ضغوط الأسعار في قطاع الخدمات.
ويجد صناع السياسات أنفسهم أمام معضلة: خفض الفائدة قد يفاقم التضخم، أما تشديد السياسة النقدية فقد يقود إلى ركود أعمق.