المجتمع الدولي وحقوق المرأة اليمنية

المجتمع الدولي وحقوق المرأة اليمنية

استمع إلى المقال دقيقة

قبل ثلاث سنوات، ظهرت إجراءات جديدة تحدّ من حركة النساء في اليمن مثل فرض وجود محرم إذا أرادت السفر، أو شرط موافقة هذا المحرم حتى وإن كان طفلا في السابعة عشرة من عمره أو أقلّ أحيانا.

بعد هذا القرار، دُعيتُ لحضور مؤتمر في إحدى الدول العربية، نظمته جهة دولية مختصة بحقوق المرأة، وكان من الطبيعي أن نناقش موضوعا كبيرا مثل هذا، خاصة وأن الكثيرات ممن يترأسن منظمات وصلن من صنعاء وتعرضن لمشكلة بسبب قانون المحرم، وإحداهن اضطرت إلى أن تطلب من ابنها المراهق أن يكتب لها هذه الموافقة. ورغم الإهانة الكبيرة التي واجهتها تلك القيادات، فإن رد فعل المنظمة الدولية التي استضافتنا في هذا المؤتمر كان صادما، حيث لم يبدُ أن الموضوع مهم بالنسبة لهم، وكان الجواب الذي سمعناه منهم: "هذه عادات وتقاليد يمنية، وليست مشكلة كبيرة".

اليمن بلد معزول إلى حد كبير، وليس من الدول العربية التي يهتم الناس بأخبارها إلا عندما تصبح مصدر إزعاج للآخرين. بلد غامض ومعقد مثل جباله، وهذا الوصف ينطبق بالذات على شمال اليمن، حيث إن الجنوب قد يختلف بسبب تاريخه الذي جعله أكثر انفتاحا على العالم. لماذا أتحدث عن هذا الجزء؟ لأن العالم لا يعرف الكثير عن اليمن، ولا يعرف كيف كان وضع النساء شمالا وجنوبا. هو دائما يتوقع أن المرأة اليمنية أساسا ليس لديها أي حقوق، وبالتالي إذا خسرت شيئا، لا يرى ذلك مهمّا، ولا يستنكر هذه الخسارة، بل في الحقيقة يستغرب أنها كانت تملك هذا الحق. وينطبق هذا أيضا على نظرة المجتمع الدولي للمرأة اليمنية.

تكرر هذا الخذلان من قبل المجتمع الدولي خلال مشاورات السلام. حيث حاولت الكثير من النساء الناشطات والقياديات التواجد في مؤتمرات السلام وأصررن على هذا الحق. ولكن النتيجة لم تكن مُرضية، حيث إن المجتمع الدولي، الذي من المفترض أن يأخذ أهمية وجود صوت "نصف المجتمع" بجدية، اكتفى بصور لقياداته مع هؤلاء النساء وبإعطائهن أسماء لمناصب يتفاجأن بعد ذلك أنها كانت شكلية، والهدف منها أن يُقال: "النساء شاركْن".

من الواضح أن هناك فجوة هائلة بين الإطار المعياري للقانون الدولي وخطاب الأمم المتحدة والتنفيذ الفعلي للأحكام المعيارية في عمليات السلام

في بحث كتبته الدكتورة إلهام مانع بعنوان "تأملات في النهج الدولي لإدماج النوع الاجتماعي في مناطق النزاع: الحالة اليمنية"، ناقش البحث هذا الموضوع، وسأقتبس هذا الجزء الذي يقول: "تُركز الأدبيات الحالية حول إدماج المرأة ومراعاة منظور النوع الاجتماعي في عمليات السلام وتسويات ما بعد النزاع على ثلاثة أبعاد: أهمية الأطر القانونية الدولية، وإدماج منظور النوع الاجتماعي في تدابير حل النزاعات، ودور الأطراف الثالثة والوسطاء كجهات فاعلة في وضع المعايير. في المقابل، تُشير الأدلة التجريبية إلى أن محاولات الإدماج لطالما بُدئت على أسس معيارية، وكثيرا ما قوبلت باللامبالاة والمقاومة من أطراف النزاع. ولا يقتصر الأمر على استبعاد المرأة من عملية السلام الرسمية فحسب، بل تواجه أيضا صعوبات في الوصول إلى العمليات الاستشارية. ومن الواضح أن هناك فجوة هائلة بين الإطار المعياري للقانون الدولي وخطاب الأمم المتحدة والتنفيذ الفعلي للأحكام المعيارية في عمليات السلام".
وهذا يعني أن المجتمع الدولي، الذي من المفترض أن يقف مع حقوق المستضعفين- أي النساء المستضعفات في هذه الحالة- اختار بدلا من ذلك أن ينفذ ما تطلبه الأطراف المتنازعة. فلم يضغط لتحقيق وجود النساء بشكل حقيقي في مصير بلدهن، وليس هذا فحسب، بل إنه عندما حُرِمت النساء من حق الحركة، وهو واحد من الحقوق التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كان الجواب: "هذه عادات وتقاليد".

font change