في إبريل/نيسان الماضي، أصبح مدون الفيديو الأميركي الشهير دارين واتكنز جونيور، المعروف على الإنترنت باسم IShowSpeed، محط أنظار العالم بعد أن قام ببث مباشر لزياراته مدنا صينية عدة، مثل بكين، شنغهاي، متشنغدو، وتشونغتشينغ. حصدت معظم مقاطع الفيديو الخاصة به ملايين المشاهدات على "يوتيوب"، وأثنى نجم الإنترنت في مقاطع الفيديو الخاصة به على حفاوة استقبال الناس له، ونظافة الشوارع، واتصال الإنترنت السريع في مترو الأنفاق.
بعد ذلك، قامت وسائل الإعلام الرسمية، مثل صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية التي تديرها الدولة، وسفارة الصين في واشنطن، بنشر تعليقات داعمة تتماشى مع السرديات الرسمية لبكين. كان الانتشار المفاجئ لنجم الإنترنت الأميركي بمثابة نجاح للصين في عصر وسائل التواصل الاجتماعي.
يأتي ذلك بالتزامن مع خطوات صينية تهدف الى تحسين صورتها عبر ما يعرف باسم "الديبلوماسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي" أو الديبلوماسية الرقمية، وهي طريقة تشير إلى استخدام الديبلوماسيين، والحكومات، والجهات الفاعلة الأخرى منصات التواصل الاجتماعي لإدارة العلاقات الدولية وتحقيق الأهداف الديبلوماسية.
وبالمقارنة مع الديبلوماسية التقليدية، فإنها تؤكد دور الجهات الفاعلة غير الحكومية في توسيع الجمهور وتعزيز الألفة، والأصالة، والتنوع في الصورة. في السنوات الأخيرة، حاولت الحكومة الصينية استخدام الديبلوماسية الرقمية للتأثير على الأجانب لدعم أهداف سياستها الخارجية.
لكن الأمر أخطر من مجرد تحسين صورة الصين خارجيا، فهذه الحملات تهدف إلى التأثير على الرأي العام داخل الدول الأخرى، وخلق مشاعر تعاطف واهتمام بالصين بطريقة غير مباشرة، حتى تصبح السردية الصينية جزءا من النقاشات الداخلية في تلك الدول، وتجد لها مكانا في عقول مواطنيها. وحين يحدث ذلك، يصبح التأثير الصيني متجذرا في الداخل، لا عبر القوة الصلبة أو الضغوط الاقتصادية، بل عبر اختراق العقول وإعادة تشكيل طريقة النظر إلى العالم.