تدور أحداث فيلم "القيد"، أحدث إنتاجات شركة "استوديو تلفاز" السعودية، من إخراج حسام الحلو وكتابة أحمد الحقيل وبطولة يعقوب الفرحان وخالد عبد العزيز وسعد الشطي، في شمال الجزيرة العربية في عشرينات القرن الماضي، حيث يقوم رماح (الفرحان) بقيادة مجموعة من الرجال، بعضهم من رجاله والبعض ينضم إلى الركب بهدف التكسب، في غزوات على البدو والقرى المجاورة لهم. في نظر رماح، هو مجرد غازٍ يمارس ما مارسه آباؤه وأجداده لسنوات طويلة، بينما في نظر ضحاياه، هو مجرم سفاح يستبيح دماء الكبار والصغار والرجال والنساء على حد سواء، دون أي احترام للعادات والتقاليد والأعراف القبلية.
نتيجة هذه "الغزوات"، تنبع رغبة انتقام لدى سعود (سعد الشطي) الذي شهد رماح يرتكب هذه الجرائم في قبيلته وتجاه ابنة عمه تحديدا، ويبدأ بتتبع خطواته في الصحراء الشاسعة. في الوقت نفسه تظهر شخصية سطام (خالد عبد العزيز)، ابن الشيخ الذي يحظى بثقة واحترام من حوله في سبيل قيادتهم للقضاء على رماح والثأر منه.
طموح إنتاجي
قبل الحديث عن محتوى الفيلم، تجدر الإشارة إلى الطموحات التي قادت "استوديو تلفاز" إلى صناعة هذا الفيلم، إذ صور في صحراء نيوم في مواقع تصوير حقيقية بتكلفة إنتاجية عالية، وتناول موضوع الثأر بهذه الوحشية وارتكاز الفيلم على شخصية رماح الذي إن لم تعتبره مجرما فهو قطعا ليس بالشخص السوي، هما خطوة جريئة تجاه سينما أكثر نضجا. كما يتضمن هذا الفيلم أكثر من مخاطرة من الجهة المنتجة، فهو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج حسام الحلوة، مبني على النص السينمائي الأول للكاتب والروائي أحمد الحقيل، وبطولة الفيلم جزئيا من نصيب ممثل شاب في فيلمه الطويل الأول. نضع الأمور ضمن هذا السياق الواسع لأن هذه المخاطرات، وإن استمدت طاقتها من طموح ورغبة في إنجاز كبير، فهي بالنسبة لعمل بميزانية كبيرة ويعتبر التجربة الأولى للاستوديو في صناعة أفلام من هذا النوع، قد تتحول إلى عقبات إضافية غير ضرورية يمكن تجنبها.
المفاجأة السارة تمثّلت في قدرة الفيلم على تخطي العديد من هذه العقبات. جودة الصورة في الفيلم، تضعه في مرتبة مرتفعة، مقارنةً بأحدث الإصدارات. اختيار مواقع التصوير مبهر، ومن المفرح أن فيلم "القيد" يأتي بقيادة طاقات سعودية شابة ويقدم لنا مشاهد صحراوية خلابة ثرية بالألوان والتفاصيل لتعزز هوية الفيلم والثقافة التي يستند اليها، في وقت يقرر العديد من الأفلام الأميركية ذات الميزانية الضخمة، تصوير أغلب مشاهده داخل استوديوهات أمام شاشة خضراء (ما يسمى بالـ Green Screen) لخفض التكاليف وتقليل احتمالية إعادة تصوير المشاهد ما بعد الإنتاج، والنتيجة هي ظهور أفلام رمادية باهتة اللون . قلة الخبرة في طاقم التمثيل الشاب، لم تؤثر سلبا على جودة العمل، بل إن أداءات سعد الشطي وأبو سلو كانت محل إعجاب، ويعقوب الفرحان يستمر في ترصيع اسمه كأحد أهم نجوم السينما السعوديين.