في يناير/كانون الثاني من العام 2024، تلقى العديد من سكان ولاية نيوهامبشير مكالمة هاتفية آلية بصوت الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، تحث الديمقراطيين على البقاء في المنزل خلال فترة الانتخابات التمهيدية وتوفير أصواتهم لانتخابات نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، التي يواجه فيها دونالد ترمب الجمهوري نظيرته كمالا هاريس الديمقراطية، لكن اتضح أن المكالمة كانت آلية مولدة بالذكاء الاصطناعي. وقتذاك اتخذت الحكومة الإجراءات اللازمة، إذ أصدر المدعي العام للولاية بيانا لتوضيح أن المكالمة زائفة.
وهكذا مرت المكالمة الزائفة بدون أن يتأثر أي ناخب، لكن ظهرت طريقة جديدة لنشر المعلومات المضللة مع انطلاق ثورة الذكاء الاصطناعي، خاصة أن الكشف عنها عبر المكالمات الهاتفية أمر صعب للغاية. الأمر الذي أيقظ الأذهان لإيجاد حلول للكشف المسبق عن تلك الطريقة للتلاعب ونشر المعلومات المضللة خلال أوقات الانتخابات، وتلك استراتيجيا يمكن اتخاذها في مثل تلك الأوقات تعرف بـ"الدحض المسبق" أو "التحصين ضد التضليل".
تطعيم نفسي
في العودة إلى ستينات القرن العشرين، طور عالم النفس الأميركي ويليام جاي ماغواير نظرية تُعرف بـ"نظرية التطعيم النفسي" وهي بمثابة استراتيجيا نفسية لحماية الأشخاص من تغيير مواقفهم نتيجة تعرضهم لمؤثرات أو ضغوط مستمرة، الأمر أشبه بالتطعيمات التي يحصل عليها الناس لمكافحة العدوى أو انتشار فيروسات قاتلة.
التطعيمات أو اللقاحات عبارة عن مستحضرات بيولوجية مكونة من نوع ضعيف أو ميت من الفيروس أو مسبب المرض المراد مكافحته أو حتى أجزاء دقيقة منه، تُحقن في جسم الإنسان قبل الإصابة بالعدوى، وهنا يدرك الجسم البشري أن جسما غريبا قد اخترقه، فيعمل الجهاز المناعي على تكوين أجسام مضادة خاصة بهذا النوع من مسببات الأمراض، فتتكون للجهاز المناعي في ذاكرته استراتيجيا واضحة عند دخول مسبب المرض الحقيقي للجسم، مما يمنح الناس مقاومة ضد العدوى قبل أن يصاب بها الإنسان. فإذا أصابته، يكون الجهاز المناعي في أتم الاستعداد للمواجهة بالأجسام المضادة التي كونها بالفعل.