قبل أسابيع قليلة من إجراء الانتخابات البرلمانية، بدأت القوى السياسية السُنية العراقية حملاتها الانتخابية، بأربعة قوائم رئيسة متنافسة بشدة، وإن كانت كلها ذات هويات وخلفيات مناطقية وعشائرية، وبـ"طغيان" للخطاب الخدمي والوعود التنموية، دون أية مشاريع سياسية ذات رؤية عامة لكل قضايا البلاد، وبغياب ملحوظ للأحزاب الإسلامية والقومية التي كانت فاعلة تقليديا وذات شعبية في أوساط العرب السُنة العراقيين. ما فسره المراقبون كتعبير عن القلق والترقب الذي يسود مزاج هذه الكتل السياسية، في ظل تحولات إقليمية جارفة تحيط بالعراق.
خريطة سياسية
يعرض حزب "تقدم" الذي يتزعمه رئيس البرلمان الأسبق محمد الحلبوسي نفسه كأقوى التيارات السياسية السُنية في هذه الانتخابات، مستندا إلى ما حققه خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة في عام 2021، أو انتخابات مجالس المحافظات عام 2024.
لكن المؤشرات تدل على تراجع نفوذ حزبه لصالح الكتلة السُنية الصاعدة "تحالف عزم" برئاسة النائب مثنى السامرائي. فالأخير تمكن من جذب عدد من الزعامات المحلية في محافظة الأنبار، التي كانت تُصنف كـ"قلعة" لحزب "تقدم" خلال السنوات الماضية، مستفيدا من ردود الفعل على عدد من دعاوى وملفات الفساد التي لاحقت أعضاء فاعلين من حزب "تقدم" في هياكل الحكومة المحلية في المحافظة. وإلى جانبها إقالة الحلبوسي من رئاسة البرلمان، الأمر الذي أفقده موقع "الزعامة السُنية" في العراق. فالدعاية المضادة للحلبوسي في الأوساط السُنية عرضته كفاعل سياسي صِدامي مع مختلف القوى السياسية العراقية، سواء الكردية أو الشيعية، أو حتى السُنية نفسها. معتبرين ذلك بمثابة سبب لعدم القدرة على بلورة مشروع سياسي واضح ومتوافق عليه في الأوساط السُنية. مع الأمرين، فإن نقل الحلبوسي لمركز فعله السياسي إلى العاصمة بغداد، أفقده الكثير من أواصر الصلة مع قواعده الاجتماعية في محافظة الأنبار، ما خلق مساحة لـ"تحالف عزم".