قبل أيام انتهى موعد تسجيل التحالفات السياسية التي ستشارك في الانتخابات المقرر إجراؤها في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وبين انفراط عقد تحالفات قديمة وتشكيل تحالفات جديدة ستدخل حلبة التنافس الانتخابي بقوة، ستكون الانتخابات القادمة مختلفة عن ست دورات انتخابية سبقتها.
قد لا يكون الاختلاف في مخرجات الانتخابات التي تتشكل على أساسها الحكومة القادمة، لأن القاعدة العامة التي تحكم تفكير الطبقة السياسية في العراق منذ 2003 إلى يومنا هذا أن السلطة تلد السلطة، والبقاء فيها يعني الحفاظ على النفوذ والثروة. ومن ثم ينحصر فهم الكثير من السياسيين للانتخابات باعتبارها طريقة الوصول إلى السلطة، وليست مدخلا لشرعية بناء نظام ديمقراطي.
ولكن، بعيدا عن تفكير الطبقة الحاكمة، تبقى الانتخابات المنجز الوحيد الذي تحقق بعد إسقاط النظام الدكتاتوري. وهي الوسيلة الوحيدة التي يمكن الرهان عليها في حال التقادم بممارستها، بأن تكون السبيل الوحيد نحو إنضاج تجربة التحول الديمقراطي بالعراق. لا سيما أن حالة التشظي في الكتل السياسية قد تسهم مستقبلا في تفكيك التحالفات القديمة، وتعمل على إنتاج معادلة سياسية جديدة تحمل مشروعا انقلابيا على الأعراف السياسية التي رسختها المنظومة الحاكمة كالمحاصصة والصفقات، وبات قبولها كما لو أنها عاهة ولادية مرتبطة ببنية النظام السياسي.
وتتصارع على الانتخابات القادمة ثلاث إرادات سياسية، الأولى يمثلها جيل سياسي جديد يريد إزاحة أو منافسة القوى السياسية التقليدية، ويعتبر الانتخابات فرصة لتأكيد قدرته على تحشيد جمهورها الانتخابي وقد تكون فرصة لزيادة مقاعدها النيابية، ويتحول إلى رقم صعب في معادلة زعامات الطبقة السياسية. وهذا التوجه يمثله تحالف "الإعمار والتنمية" الذي يتزعمه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وأيضا حزب "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب السابق، والذي يسعى إلى إعادة نفوذه السياسي من خلال المشاركة بقوة في الانتخابات، بعد إقصائه من المنصب بقرار المحكمة الاتحادية.