ينشغل سياسيو العراق هذه الأيام بسجالات التنافس الانتخابي، في حين أن ما يشغل المواطن العراقي هو البحث عن إجابات لأسئلة تتعلق بالتهديدات التي يمكن أن يواجهها العراق في قادم الأيام في ظل التطورات الإقليمية في المنطقة، وعن حاجاته من الخدمات المعطلة كالكهرباء، التي تتكرر في كل عام معاناته من نقصها.
وربما تكون حالة عمى السلطة هي التي تنتج لنا هذه الفجوة في التفكير بين حاجات آنية يطالب بها المواطن والخوف من مصير مجهول، وبين قوى سلطوية تحشد كل طاقاتها للانتخابات القادمة والتباري في إسقاط خصومها وتوسيع دائرة الزبائن من أجل ضمان بقائها في دائرة النفوذ السياسي.
إلى ذلك فإن فرضية جولة جديدة من الحرب بين طهران وتل أبيب بدأت تتكرر كثيرا، وكذلك التوقعات بأن العراق لم يغادر لحد الآن منطقة الخطر في تفادي نيران هذه الحرب. رسائل أميركية علنية جاءت على لسان وزير الخارجية ماركو روبيو، وكررها القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد مفادها رفض تمرير قانون "الحشد الشعبي". يقابلها تصريحات لمستشار خامنئي يعلن فيها رفض إيران نزع سلاح "الحشد" في العراق. ليتحول موضوع قانون "الحشد الشعبي" سجالا سياسيا في داخل العراق وخارجه، كما تحول إلى دعاية انتخابية بين الأطراف السياسية الشيعية. وبالنتيجة، فإن الخلاف هو على تمرير قانون يراد منه منح توصيف جديد لـ"الحشد" باعتباره حاميا للنظام السياسي والديمقراطية التي تتجسد في حكم الأغلبية الشيعية! في حين أن الخلافات داخل قيادات الإطار التنسيقي هي التي عطلت قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي "الحشد الشعبي"، الذي يحفظ حقوق منتسبيه التقاعدية.