على العكس مما كان متوقعا، وما إن انتهت الحرب الإسرائيلية-الإيرانية، بدأت سلسلة ضغوط أمنية وسياسية إيرانية على إقليم كردستان. وسائل إعلام إيرانية راحت تصف الهجمات التي تعرضت لها المواقع المدنية في الإقليم بأنها "هجمات تستهدف مقار الموساد الإسرائيلي"، فيما أجبرت "قوى الإطار التنسيقي" العراقية المقربة من إيران الحكومة العراقية على قطع رواتب موظفي الإقليم، وبدأت سلسلة هجمات استثنائية على حقول النفط في الإقليم، كانت رسالتها ومصدرها واضحين تماما، فيما شنت المنابر الإعلامية والسياسية العراقية المقربة من إيران حملة تحريض منسقة ضد الإقليم، رافضة أي اتفاق قد تُقدم عليه الحكومة الاتحادية مع الإقليم، بشأن ملفات تصدير النفط وتمويل الرواتب وترتيب الشؤون المالية. ليس من تفسير منطقي لكل ذلك، خلا نزعة "محاولة إعادة الاعتبار" التي تملكت القوى العراقية المقربة من إيران، بعد "الهزيمة" التي أصابت طهران.
حدث ذلك بالرغم من الموقف السياسي واللوجستي الواضح لإقليم كردستان من تلك الحرب، إذ لم ينجر ساسته وقادته لأي سلوك مناهض لإيران أثناء الحرب، ولا لأي خطاب مناهض لـ"الحشد الشعبي" وقوى "الإطار التنسيقي" المدعومة من إيران، وحصل الإقليم على "ثناء" من إيران نفسها. لكن يبدو أن كل ذلك لا يساوي شيئا في ميزان المزاحمة الكبرى بين حلفاء إيران و"مناهضيها" في المجال العراقي، ومحاولة الموالين إنكار الهزيمة وتراجع النفوذ، وتطلع المناهضين، وعلى رأسهم إقليم كردستان، على حصاد آثار ذلك التراجع.