إلهام أحمد لـ"المجلة": هذه هي الرسائل التي نقلها الجنرال الأميركي من عبدي إلى الشرع (3 من 3)

مسؤولة الشؤون الخارجية بـ "الإدارة الذاتية" تتحدث عن المفاوضات مع دمشق ووعود أميركا وتهديدات تركيا

المجلة
المجلة

إلهام أحمد لـ"المجلة": هذه هي الرسائل التي نقلها الجنرال الأميركي من عبدي إلى الشرع (3 من 3)

بعدما تناول حوار "المجلة" مع القيادية الكردية في الحلقتين السابقتين تفاصيل المفاوضات مع دمشق حول اندماج "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في الجيش، واللامركزية، وقدمت موقفها الداعم للإدارة الذاتية في السويداء، تتناول الحلقة الثالثة والأخيرة تفاصيل زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) براد كوبر إلى شرق سوريا ودمشق ولقائه قائد "قسد" مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع.

وقالت أحمد، في الحوار الذي جرى في لندن في 21 سبتمبر/أيلول 2025، إن عبدي حمّل كوبر رسائل إلى الشرع، فيها: "إننا مستعدون للاندماج ونحن مستعدون لتشكيل لجان مشتركة، وفرق مشتركة. هذه الأمور التمهيدية والتي يمكن أن تشكل خطوات ثقة بيننا، نحن مستعدون للبدء بها".

وسئلت أحمد عن مطالبة واشنطن لدمشق بالانضمام إلى التحالف الدولي ضد "داعش"، فأجابت: "هذا الموضوع معناه أن الحكومة في دمشق يجب أن تحسم موقفها وخاصة بموضوع مكافحة الإرهاب ومحاربة (داعش). يجب أن يحسموا قرارهم".

وكشفت عن مفاوضات جارية للاتفاق على إدارة معبر نصيبين بين شمال شرق سوريا وتركيا. وقالت: "يمكن أن نقول إن هناك تفاهما أو اتفاقا مبدئيا بأن يفتح المعبر للأتراك".

وقالت أحمد، إنها ليست قلقة من تقسيم سوريا. وزادت: "لماذا التقسيم؟ لا أرى دعوات للتقسيم. حتى ولو كما يقال إن بعض الدول الإقليمية وعلى مستوى العالم تسعى للتقسيم، لا أرى ذلك".

وهنا نص الحلقة الثالثة والأخيرة:

* قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) الأميركي الجديد براد كوبر كان في شمال شرق سوريا، التقى الجنرال مظلوم عبدي ثم جاء إلى دمشق والتقى الرئيس أحمد الشرع. ما هدف زيارة قائد "سنتكوم"؟

- الزيارة هي أول زيارة جرت بعد التغيير في القيادة. الهدف منها كان معرفة التصور لدى "قوات سوريا الديمقراطية" وكيف يجب أن تكون عملية الاندماج وما المطالب، أو كيف يمكن أن تكون التشاركية، أخذ الرأي والاستشارة، وأيضا التأكيد على دور "التحالف" والشراكة بين قوات سوريا الديمقراطية وبين قوات التحالف واستمرارهم بمحاربة "داعش" والتعاون واستمرارية التعاون بهذا الإطار. وباعتباره كان سيتوجه إلى دمشق، الرسائل التي يمكن أن ينقلها إلى دمشق أيضا.

* ماذا كانت الرسائل؟

- الرسائل بأننا مستعدون للاندماج ونحن مستعدون لتشكيل لجان مشتركة، وفرق مشتركة... هذه الأمور تمهيدية ويمكن أن تشكل خطوات لبناء الثقة بيننا، نحن مستعدون للبدء بها.

* هل صحيح أن الأميركيين سواء براد كوبر أو غيره دائما يقولون لكم نحن لن نبقى في سوريا إلى الأبد ومن الضروري أن تتوصلوا إلى تفاهمات مع دمشق؟

- مثل هذه التصريحات دائما موجودة سواء كانوا سياسيين أو عسكريين. دائما يذكروننا بأنهم لن يبقوا إلى الأبد. يجب أن تكون هناك حلول معقولة بين الأطراف السورية. هذا شيء بديهي، دائما يذكروننا به.

الحكومة في دمشق يجب أن تحسم موقفها وخاصة في موضوع مكافحة الإرهاب.. وفي محاربة "داعش"، يجب أن يحسموا قرارهم أيضا

* من عام 2014 إلى 2025 الشريك السوري الوحيد للتحالف الدولي ضد "داعش" كان "قوات سوريا الديمقراطية". الآن هناك كلام عن شريك آخر هو قوات الحكومة السورية. هل هذا صحيح؟ 

- لا أعرف مدى دقة هذه الجملة. 

* ما التوصيف الدقيق إذن؟ 

- حاليا مثلا أميركا موجودة بدمشق سواء من خلال السفارة أو من خلال محاولات ترتيبات عسكرية أخرى. هي لا تزال في طور بذل الجهود لبناء هذه الشراكة. أعتقد هذا التوصيف ربما يكون أكثر معقولية. 

أ.ف.ب
الرئيس السوري أحمد الشرع والجنرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأميركية، قبل اجتماعهما في دمشق، عاصمة سوريا، في 12 سبتمبر 2025

* هل تقلقون من أن تكون هناك شراكة؟

- لا بالتأكيد. إذا كانت هناك شراكة بيننا وبين دمشق و"التحالف" لن نكون قلقين. على العكس، نحن نرى أن هذه المحاولات يمكن أن تفتح الآفاق أمام إشراك المكونات في دمشق والوصول إلى حلول معقولة بما يخص اللامركزية. 

* بالتأكيد تعرفين أن أحد المطالب الأميركية من دمشق هي الانضمام العلني والرسمي إلى "التحالف". صحيح؟ 

- صحيح. هذا الموضوع معناه أن الحكومة بدمشق يجب أن تحسم موقفها وخاصة بموضوع مكافحة الإرهاب. وفي محاربة "داعش"، يجب أن يحسموا قرارهم أيضا. 

* عندما التقينا الرئيس الشرع قال في الاجتماع إنه المطلوب رقم واحد لـ"داعش"، وإنه خلال اشتباكات بين "هيئة تحرير الشام" و"داعش" قُتل من "هيئة تحرير الشام" ألفا شخص من المقاتلين. ما تعليقك؟

- لا تعليق. 

* لماذا؟

- لا أود أن أعلق. 

نحن لا نرى أنفسنا خارج إطار دمشق. بالتأكيد دمشق تمثل كل السوريين

* إذا وسعنا الرؤية قليلا، الأميركيون انسحبوا من القواعد في العراق، أعتقد من قاعدتين في العراق، ويخففون وجودهم من قاعدة في كردستان العراق، ومعروف أن أحد أسباب شرعية الوجود الأميركي في شمال شرق سوريا هو الوجود في العراق. هل تعتقدين أن الأمور تسير باتجاه أن يحول الأميركيون ثقل الوجود الأميركي من العراق إلى سوريا؟ 

- الثقل حاليا هو توجههم نحو أربيل، قاعدة الحرير. يمكن أن يكون هناك تمركز للقوات الأميركية في إقليم كردستان أكثر من العراق. لكن يبدو أن هناك توجها بأن الأميركيين يسعون لوضع ثقلهم على الملف السوري، هناك مثل هذا التوجه. 

* بما في ذلك أن يكون مركزا أساسيا للتحالف في الحرب ضد "داعش".

- هذا ممكن. 

* هل هذا مريح لكم؟

- طبعا مريح. 

* لماذا؟ 

- بالنتيجة سوريا بلد محوري بالشرق الأوسط وقضية محورية. الاستقرار في سوريا يعني الاستقرار في الشرق الأوسط بالتالي، وخاصة أنه منذ فترة تكثف نشاط "داعش" وبالتالي هذا يشكل خطرا. إشراك الشام في العمليات ضد "داعش" جدا مهم. إذا كانت هناك شراكة من المؤكد أنه ستكون هناك جهود مشتركة لمحاربة "داعش" وهذا أمر مهم وضروري، لذلك وضع ثقل "التحالف" في سوريا نراه أمرا ضروريا مهماً. 

* وهذا يساهم في تعزيز العلاقة الأميركية مع دمشق، وأيضا يساهم في شرعنة ودعم العلاقات الدولية مع دمشق. هل هذا بالنسبة لكم مريح أيضا؟

- نحن لا نرى أنفسنا أننا سنكون دائما خارج إطار دمشق. عندما نتكلم عن دمشق بالتأكيد دمشق تمثل كل السوريين والسوريون يكونون ممثلين في دمشق وبالتالي عاصمة سوريا يكون لها حلفاء دوليون بالطبع، وبالتأكيد دمشق ستمثلنا.

الاتفاق كان له تأثير إيجابي خاصة بموضوع التهدئة الأمنية. بعد الاتفاق لم نشهد حملات عسكرية أو هجوما. هناك لغة تهديد بين فترة وأخرى، لكن من الناحية العسكرية هناك حفاظ على الاستقرار

* خلال تسعة أشهر أعتقد أن الحكم السوري الجديد حصل على دعم عربي إقليمي أميركي غير مسبوق. صحيح؟

- يمكن أن نقول إن الدعم دبلوماسي. حتى الآن هناك إشكاليات كبيرة في هذا الدعم، بموضوع التجاوب من قبل دمشق من حيث مقابل هذا الدعم المقدم لهم، ومدى التجاوب. اتخذوا خطوات إيجابية بموضوع الاستقرار. وتأمين الأمن والأمان. وبناء المؤسسات. والعمل المؤسساتي. وإشراك المكونات. هناك الكثير من الأمور. الدعم موجود صحيح، لا ندري فيما بعد ماذا سيحدث. هذا بالتأكيد يتعلق بالعملية التفاوضية المتعلقة بالتشاركية ربما.

* الرئيس الشرع كان في نيويورك، لأول مرة رئيس سوري في نيويورك من عام 1967. كيف تنظرين إلى هذه الزيارة وإلى أنه يلقي خطابا، خطاب سوريا لأول مرة منذ عقود؟ 

- بالتأكيد يحز في أنفسنا عندما تكون سوريا بعيدة عن المجتمع الدولي، منعزلة. ولكن بعد مرحلة إذا كانت سوريا تريد أن تمثَّل هي خطوة مهمة. لكن باعتقادي من المفترض أن يتم طرح أسئلة على الرئيس الشرع: ما قام به وما سيقوم به؟ برنامجه يجب أن يكون واضحا.

المجلة
رئيس تحرير "المجلة" ابراهيم حميدي يحاور مسؤولة الشؤون الخارجية في "الإدارة الذاتية" إلهام أحمد، في لندن في 21 سبتمبر/أيلول 2025

* برنامجه السوري والإقليمي؟ 

- طبعا، السوري والإقليمي، يجب أن يكون واضحا.

* أليس واضحا بالنسبة إليك؟

- أن يوضح للمجتمع الدولي. 

* كيف تقيمين الدور التركي في سوريا؟ وإلى أي حد تلعب تركيا دورا في موضوع التفاوض بينكم وبين دمشق؟

- تركيا حتى الآن لا نرى أن دورها إيجابي بموضوع التفاوض. أعتقد أن تركيا تقارن بين أو تساوي بين الملف الكردي في سوريا والملف الكردي في تركيا، فأي خطوة يتم اتخاذها في سوريا هم يرون أنه يجب أن يكون في تركيا أيضا نفس الخطوة، أو العكس. فربط الملفين بهذا الشكل يؤخر من العملية السياسية. ونعلم أن تركيا لها تأثير بمستوى معين على مراكز القرار في دمشق. وهي منخرطة في الملف السوري سواء كان أمنيا. أو سياسيا. منخرطة بقوة. لكن ما نأمله فعلا أن تلعب تركيا دور الوسيط. يعني أن تكون حيادية. هي لا تستطيع أن تبقى حيادية لكن نطلب أن تكون حيادية. 

* هل بالفعل الرئيس الشرع وقّع الاتفاق مع الجنرال عبدي بعيدا عن رغبة أنقرة، أي إن أنقرة لم تكن مؤيدة لاتفاق مارس/آذار الماضي؟ 

- هكذا سمعنا، وهذا محتمل. 

* باعتبار أننا نتحدث عن تركيا وعن الربط والتداخل من وجهة نظر أنقرة بين الملفين السوري والتركي. كان هناك اعتقاد واسع بأنه بعد الاتفاق بين الحكومة التركية وزعيم "حزب العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان الموجود طبعا في السجن، أن هذا سيسهل التفاوض بينكم وبين الحكومة السورية. هل شعرتم بأي تغيير سواء سلبا أو إيجابا بعد الاتفاق بين أوجلان والحكومة التركية؟ 

- الاتفاق كان له تأثير إيجابي خاصة بموضوع التهدئة الأمنية. بعد الاتفاق لم نشهد حملات عسكرية أو هجوما. هناك لغة تهديد بين فترة وأخرى، لكن من الناحية العسكرية هناك حفاظ على الاستقرار أو الهدوء وهذا أمر إيجابي. أيضا بموضوع فتح إمكانية أمام مناقشة آفاق بما يخص العلاقة بيننا وبين تركيا. في لقاءات مثلا تمكنا من الحديث حول فتح معابر حتى فتح المعبر، تمكنا من الحديث عن تعاون.

* السيطرة على الحدود... 

- صحيح. حدث هذا الشيء. فهذا نعتبره أمرا إيجابيا باعتبار أنها أمور يمكن أن تخص تركيا. فنحن في منطقة على الحدود ويمكن أن تكون مهمة لتركيا وهي مهمة لسوريا. لكن حوارنا الأساسي هو مع سوريا، باعتبار أننا سوريون وحوارنا الأساسي يكون مع سوريا بالتعاون مع تركيا، وهناك بعض الملفات التي من الضروري أن يتم حوار بشأنها مع تركيا.

من الضروري أن تكون قنوات الحوار مفتوحة دائما، حتى إذا لم نتمكن في فترة قصيرة من الوصول لتفاهمات لكن من الضروري أن تكون هذه القنوات مفتوحة

* هل لك أن تشرحي مسألة المعابر الحدودية؟

- يمكن أن نقول إن هناك تفاهما أو اتفاقا مبدئيا أن المعبر يفتح للأتراك. 

* معبر نصيبين... 

- معبر قامشلو-نصيبين. تركيا منفتحة على هذا المقترح والحكومة المؤقتة أيضا منفتحة ونحن منفتحون، من المفترض أن يحصل حوار على التفاصيل.

* سؤال أخير: إلهام أحمد، القيادية في الإدارة الذاتية، القيادية الكردية السورية، كيف ترى سوريا في المدى المنظور، والمتوسط، والطويل، والعلاقة بين دمشق والأطراف؟ 

- آمل فعلا في المدى المنظور أن تدخل سوريا في حوارات معمقة دون الالتجاء إلى أساليب القتال. حاليا نشهد مناوشات في دير حافر.

* في ريف حلب... 

- في ريف حلب حصلت مناوشات، وتصادم عن بُعد، راح ضحيته البارحة مدنيون. وإيقاف هذه المحاولات أو الهجمات بشكل كامل والاعتماد على لغة الحوار مهم جدا بين السويداء والحكومة، وأيضا في المناطق الأخرى. من الضروري أن تكون قنوات الحوار مفتوحة دائما، حتى إذا لم نتمكن في فترة قصيرة من الوصول لتفاهمات لكن من الضروري أن تكون هذه القنوات مفتوحة. إضافة إلى أن فهم الوضع مهم جدا. حاليا الذين أصبحوا في دمشق يجب أن ينظروا بأفق أوسع للوضع السوري بشكل متكامل، بصورة أوسع. حتى نتمكن من بناء سوريا معا. بجهود طرف واحد من المستحيل أن يتم بناء سوريا، هم سيعتمدون على أنهم هم الذين يبنون وهم أصحاب سوريا... إلخ. هذه اللغة وهذا المنطق لم يعد يفيد الشعب السوري ولم يعد يفيد سوريا نهائيا. الجميع ضحى والجميع سيشاركون في بناء سوريا الجديدة. لذلك على المدى البعيد إن اعتمدنا هذا المبدأ فعلا سنبني سوريا، لكن إن لم نعتمده مع الأسف سنرى معارك جديدة. 

* هل أنت خائفة من تقسيم سوريا؟ 

- لا. ولماذا التقسيم؟ لا أرى دعوات للتقسيم. حتى ولو كما يقال إن بعض الدول الإقليمية والعالمية تسعى للتقسيم، لا أرى ذلك. 

* أنت متفائلة عموما بمستقبل سوريا. 

- بالتأكيد.

font change