لم يعد فقدان الوزن في 2025 مجرد قرار شخصي أو معركة طويلة مع الحمية والرياضة، بل أصبح – في نظر كثيرين – تدخلا دوائيا عالي التأثير، مدعوما بالعلم والاستثمار والطلب الجماهيري. حقن إنقاص الوزن، وفي مقدمها أدوية تنتمي إلى عائلة محاكيات هرمون GLP-1، لم تعد علاجا هامشيا أو خيارا أخيرا، بل تحولت إلى الظاهرة الطبية الأبرز التي أعادت رسم علاقة البشر بأجسامهم، وبشركات الدواء، وبفكرة السمنة ذاتها.
في 2025، لم تعد هذه الأدوية مجرد "موضة صحية"، بل صناعة بمئات المليارات، ومحركا لتغيرات عميقة في أنماط الاستهلاك، وسوق الغذاء، وحتى تصورات الجمال والمسؤولية الفردية عن الوزن... لكن كيف بدأت فكرة استخدام الأدوية لإنقاص الوزن؟
في عام 1906، لاحظ فريق بحثي في مدينة ليفربول أن مستخلصا من الأمعاء قادر على خفض مستوى الغلوكوز في الدم. أطلق لاحقا على هذا العامل اسم "الإنكريتين"، لكن الاهتمام العلمي به خبا سريعا بعد اكتشاف الإنسولين، الذي أصبح حجر الزاوية في علاج السكري. غير أن الفكرة لم تختف تماما؛ ففي ستينيات القرن العشرين عاد الإنكريتين إلى الواجهة حين أظهرت ثلاث مجموعات بحثية مستقلة أن تناول الغلوكوز من طريق الفم يرفع مستويات الإنسولين في الدم ويخفض سكر الدم بدرجة أكبر مقارنة بإعطائه وريديا، رغم أن كمية الغلوكوز نفسها تدخل الجسم في الحالتين.
كانت هذه الملاحظة حاسمة، إذ أشارت إلى أن الأمعاء تفرز هرمونا أو أكثر يستجيب للكربوهيدرات ويعزز إفراز الإنسولين. صاغ العالم كرويتسفيلد تعريفا واضحا للإنكريتين بوصفه عاملا يفرز من الأمعاء استجابة للكربوهيدرات، ويحفز إفراز الإنسولين، ولا يعمل إلا في وجود مستويات مرتفعة من الغلوكوز في الدم.
بالتالي، لو أمكن العثور على مثل هذا الهرمون، فسيشكل علاجا واعدا لمرض السكري. ومن هنا بدأت رحلة البحث المكثف.
مع تسارع اكتشاف الببتيدات المعوية في تلك الفترة، كان كل ببتيد جديد يختبر لمعرفة قدرته على تحفيز إفراز الإنسولين. ومن بين هذه الجزيئات، بدا الهرمون المحفز لإفراز الإنسولين المعتمد على الغلوكوز (GIP) وكأنه يحقق معايير الإنكريتين. إلا أن خيبة الأمل جاءت لاحقا عندما تبين أن GIP لا يظهر فعالية علاجية كافية لدى مرضى السكري، مما أعاد الباحثين إلى نقطة البداية.
مسار غير تقليدي
بذلك، ظل الإنكريتين الحقيقي لغزا حتى عام 1986، حين نجح جويل هابنر وسفيتلانا مويسوف في تحديد GLP-1 غلوكاغون-شبيه الببتيد-1 في الأمعاء بوصفه ناتجا من شطر الطليعة البروتينية لهرمون الغلوكاغون.
الغلوكاغون هرمون معروف يفرز من خلايا ألفا في البنكرياس عند انخفاض سكر الدم، ويعمل على الكبد لتحفيز تحلل الغليكوجين واستحداث الغلوكوز، رافعا بذلك مستويات السكر ومانعا هبوطه الحاد. لاحقا، أظهرت دراسات باستخدام المقايسات المناعية أن ببتيدات شبيهة بالغلوكاغون تفرز من الأمعاء استجابة للغلوكوز، مما فتح الباب أمام فرضية أن أحد نواتج جين الغلوكاغون قد يكون هو الإنكريتين المنشود.



