ليست قصة النفط الخام في عام 2025 حكاية ازدهار أو انهيار، بل رواية توازن. ثلاثة عوامل قادت السوق: إدارة منسقة للإمدادات من قبل "أوبك بلس"، تحول مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي نحو خفض أسعار الفائدة، وقاعدة طلب عالمي على النفط أثبتت صلابتها. هذه القوى مجتمعة أبقت الأسعار متماسكة، وحصرت المؤشرات الرئيسة في واحد من أضيق نطاقات التداول خلال السنوات الأخيرة، رغم ما واجهته السوق من عقوبات اقتصادية، توترات جيوسياسية، وعناوين متقلبة.
تشكل مسار أسعار الخام هذا العام بتفاعل هذه القوى. أوبك+ ضبطت الإمدادات بخطوات محسوبة ومنضبطة، الاحتياطي الفيديرالي انتقل من التشدد إلى التيسير الحذر، والاستهلاك في الدول الكبرى المستوردة ظل قويا عبر النقل والصناعة والطيران والبتروكيماويات. صحيح أن نمو السيارات الكهربائية بدأ يعيد تشكيل بعض جوانب الطلب، لكنه لم يُعرقل النمو الكلي. النتيجة كانت عاما اتسم بتوازن واسع في السوق النفطية، حيث عكست حركة الأسعار استقرارا لا ضعفا بنيويا، فيما أثبت الطلب على النفط قدرته على الصمود رغم ضغط العقوبات واستمرار الأخطار الجيوسياسية.
حركة الأسعار في 2025: مستويات أدنى ونطاقات أضيق
كانت أسعار النفط في 2025 أدنى مما كانت عليه في سنوات ما بعد الجائحة، لكنها أكثر استقرارا بشكل ملحوظ. وشهد معظم العام تداول خام برنت ضمن نطاق ضيق نسبيا، متأرجحا ببضعة دولارات بين منتصف الستينات وأعلاها، من دون ارتفاعات مستمرة أو انهيارات حادة. سار خام غرب تكساس الوسيط على النهج ذاته، متداولا ببضعة دولارات دون برنت، مع تحركات محتواة سرعان ما يقابلها اهتمام شرائي جديد كلما اقتربت الأسعار من الحد الأدنى للنطاق.
وبالمقارنة مع عام 2024، كان المستوى العام للأسعار أكثر ليونة، لكن المسار أكثر سلاسة. العام الماضي اتسم بتقلبات أوسع واختبارات متكررة لمستويات مرتفعة، وتفاعل الأسواق مع توقعات متغيرة في شأن التضخم والفائدة وأخطار الإمداد. أما في 2025 فقد كان الزخم أكثر انحصارا ضمن نطاقات محدودة، واستمر هذا الاستقرار حتى مع موازنة عاملين رئيسين: من جهة تأثير الزيادات التدريجية في إمدادات أوبك+، ومن جهة أخرى انعكاسات تحول الاحتياطي الفيديرالي من رفع الفائدة إلى خفضها.
التحول النقدي للاحتياطي الفيديرالي: تيسير بلا نشوة
شهدت السياسة النقدية الأميركية تحولا تدريجيا في 2025. ففي سبتمبر/أيلول خفّض البنك سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى نطاق يتراوح بين 4.00 و4.25 في المئة، ثم أتبع ذلك بخفض مماثل في أكتوبر/تشرين الأول، لتنخفض الفائدة إلى 3.75 في المئة. هذا التحول عكس قرارا واعيا بالانتقال من التركيز المنفرد على محاربة التضخم إلى مقاربة أكثر توازنا تراعي علامات تباطؤ النمو وبرود سوق العمل.





