خلال الأعوام السبعة المنصرمة، شهدت السعودية تحولا لافتا في نهجها، إذ أصبحت لغة الأرقام محورا رئيسا في سياساتها في مختلف القطاعات، من التجارة والسياحة إلى الثقافة والرياضة. ولم يعد في الإمكان التفاوض مع المسؤولين السعوديين من دون الرجوع إلى البيانات والمؤشرات بوصفها قاعدة انطلاق وأداة تقييم لجدوى أي استثمار قبل الشروع في تنفيذه.
يلعب القطاع الثقافي دورا محوريا في تعزيز مسار القطاعات الأخرى، لا سيما الاقتصاد، إذ يصعب جذب المستثمرين الأجانب إلى السعودية من دون اطلاعهم على الطابع الثقافي للبلاد واختلاف مناطقها، بما يتيح لهم فهم الفرص والاحتياجات المحلية. وعملت المملكة خلال الأعوام السبعة المنصرمة على إبراز معالم الثقافة الوطنية خصوصا تلك التي لم تحظ بالاهتمام على النحو الذي يضاهي أهميتها، واستثمارها على النحو الأفضل. على سبيل المثل، تزخر محافظة العلا بمعالم تاريخية وسياحية، وتملك آثارا تعد مرجعا أساسيا للمؤرخين والباحثين العمرانيين في دراسة الحضارات التي استوطنت الجزيرة العربية، وقد كثفت العمل عليها بتطويرها وتهيئتها لاستيعاب مزيد من المشاريع، من خلال برامج وخطط عملت عليها الهيئة الملكية للعلا، الأمر الذي ساهم في توفير نحو 7,700 وظيفة واستقطاب أكثر من 740 ألف زائر منذ عام 2018.
بلغ إجمالي إنفاق الرياض على القطاع الثقافي منذ انطلاق "رؤية 2030"، 81 مليار ريال (نحو 22 مليار دولار)، وقد بدأ هذا الإنفاق يترجم عمليا على الأرض خلال السنوات القليلة المنصرمة. فأنشئت أجهزة وهيئات متخصصة لتكون البوصلة والوجهة للأموال المخصصة لتنمية القطاع، الذي كان يعتمد سابقا على مبادرات العاملين فيه والمهتمين به، التي كانت تحدث انتعاشا بسيطا للقطاع بين حين وآخر، لكن دون تحقيق استدامة له على المدى الطويل. في هذا الإطار، اعتمدت وزارة الثقافة استراتيجيا لضمان استمرار جهود المنظمات غير الربحية، سواء عبر الدعم المباشر أو توفير الاحتياجات والخطط اللازمة، بالإضافة إلى التعاقد مع منظمات وخبراء مختصين.