على مدى أكثر من عقدين، نجح نوح زعيتر في بناء "إمبراطورية" لن تكون عابرة في ذاكرة أبناء البقاع خاصة واللبنانيين بشكل عام، فهو لم يكن مجرد شخصية مطلوبة للعدالة، بل برز كأسطورة قادرة على تحدي الدولة بشكل علني. كان اسمه يُتداول بثقلٍ يشبه وقع الخبر الأمني، تُروى حوله الحكايات، تتضخم مع الزمن، ليبدو كأنه يتحرك فوق هامشٍ لا تطاله القوانين. ومع كل محاولة لملاحقته، كانت صورته تتكرس أكثر كرجل استطاع أن يبني لنفسه "منظومة" تجاوزت سلطة الدولة لسنوات طوال.
إلا أن نهاية الرجل الذي استفاد لسنوات من دويلة "حزب الله"، بات في قبضة الأجهزة الأمنية أخيرا، فقبل يومين أعلن الجيش اللبناني عن اعتقال زعيتر، وهو أخطر المطلوبين للسلطات لضلوعه في تجارة المخدرات، خلال كمين على طريق الكنيسة في بعلبك بمنطقة البقاع، شرقي البلاد.
وقال الجيش في بيان إن "الموقوف هو أحد أخطر المطلوبين بموجب عدد كبير من مذكرات التوقيف، بجرائم تأليف عصابات تنشط ضمن عدد كبير من المناطق اللبنانية في الإتجار بالمخدرات والأسلحة، وتصنيع المواد المخدرة، والسلب والسرقة بقوة السلاح. كما أقدم بتواريخ سابقة على إطلاق النار نحو عناصر ومراكز للجيش ومنازل لمواطنين، وعلى خطف أشخاص مقابل فدية مالية". أتى القبض على زعيتر بعد يومين من مقتل جنديين لبنانيين في اشتباكات في البقاع خلال ملاحقة من قال الجيش اللبناني على "إكس" إنهم مطلوبون مشتبه بهم في تهريب المخدرات.
شخصية استعراضية... جاهر بتحدي الدولة
يُعد نوح زعيتر أحد أخطر تجار المخدرات في لبنان، فهو لم يكن تاجرا عاديا، أو مجرد مزارع لنبتة القنب الرائجة زراعتها في منطقتي الهرمل والبقاع منذ عشرات السنوات، بل عمد زعيتر منذ عقدين إلى بناء إمبراطوريته الخاصة، شجع المزارعين على تحدي الدولة وزراعة الحشيشة علنا، وعمل على حمايتهم، وحماية محاصيلهم، شكل عصابات مسلحة، نشطت في أعمال خارجة عن القانون، تنقل بين الجرود والحدود، متخفيا لسنوات، ولكن في أوج قوة "حزب الله" بدأ ظهوره العلني عبر وسائل إعلام مختلفة، لبنانية وغير لبنانية، جاهر بتحدي الدولة، صور نفسه صديقا للفقراء والمهمشين، ومناصرا لأبناء منطقته المحرومين.


