في خطاب ألقاه مؤخرا أمام عدد كبير من القادة العسكريين الأميركيين، اشتكى الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أن جائزة نوبل للسلام هذا العام لن تذهب له على الأغلب: "هل سيعطونكم جائزة نوبل؟ بالتأكيد لا! سيعطونها لشخص ما لم يفعل شيئا مفيدا على الإطلاق". أضاف ترمب أن عدم منحه الجائزة يُعد "إهانة كبرى لبلدنا". كان جديدا في تصوير الرئيس لاهتمامه بهذه الجائزة هو أن نيلها يمثل شأنا عاما أميركيا يتعلق بمعنى أميركا كبلد أمام العالم، وليس شأنا شخصيا مرتبطا بترمب نفسه.
الاهتمام الرئاسي بجائزة نوبل
ليس واضحا بدقة متى بدأ اهتمام ترمب بالحصول على جائزة نوبل للسلام، لكن يمكن الحديث عن لحظات علنية حصلت في عهد رئاسته الأولى ظهر فيها هذا الاهتمام على نحو مبكر وشديد الوضوح. ففي مؤتمر صحافي عقده في البيت الأبيض في منتصف فبراير/شباط 2019 للحديث عن الجدار الفاصل بين أميركا والمكسيك الذي اقترح بناءه لمنع تدفق المهاجرين عبر الحدود الجنوبية، ذكرَ ترمب أن رئيس الوزراء الياباني حينها، شنزو آبي، قد أَطلعه على "نسخة من أجمل رسالة من خمس صفحات بعثها للناس الذين يعطون شيئا يُدعى جائزة نوبل".
في أثناء حديثه هذا، ذكر ترمب أن الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، قد نال الجائزة لكنه، أي أوباما، "لم يعرف حتى لماذا منحوه الجائزة"، بحسب ترمب الذي اعتاد الانتقاص من أوباما عند ذكره حصول سلفه على هذه الجائزة. ورغم الأسئلة الكثيرة التي وُجهت لمؤسسات رسمية يابانية بخصوص ما أثاره ترمب، لم يصدر تأكيد ياباني رسمي يدعم ادعاء ترمب، كما لم يصدر نفي بالاتجاه المعاكس أيضا.
وحتى في جلسة للبرلمان الياباني امتنع آبي عن الإجابة على أسئلة وُجهت بهذا الصدد متذرعا أن ضوابط لجنة تلقي الترشيحات النرويجية تشترط السرية في الترشيحات. فيما بعد وبحسب ما كشفته صحيفة يابانية ظهر أن آبي فعلا قدم تزكية لترشيح ترمب للجائزة، لكن بناء على طلب الأخير منه ذلك وليس بمبادرة شخصية من رئيس الوزراء الياباني. جاء طلب ترمب هذا والموافقة اليابانية عليه على خلفية الجهود الحثيثة التي كان يبذلها ترمب لعقد صفقة كبرى مع كوريا الشمالية تتضمن نزع السلاح النووي الكوري الشمالي الذي يقلق اليابان كثيرا، مقابل رفع أميركي للعقوبات المفروضة على كوريا الشمالية. وفي آخر المطاف، فشلت هذه الجهود، التي تضمنت لقاءين رئاسيين بين ترمب والرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، وبقي التوتر عاليا، وما يزال، في شبه الجزيرة الكورية.
تكرر إظهار الاهتمام العلني للرئيس الأميركي بالحصول على الجائزة في أثناء مؤتمر صحافي جمعه مع رئيس الوزراء الباكستاني السابق، عمران خان، في نيويورك على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2019، بعد نحو سبعة أشهر من إعلانه عن الترشيح الياباني له لنيل الجائزة. ردا على سؤال لصحافي باكستاني له بخصوص استحقاقه لجائزة نوبل في حال نجاحه في حل النزاع الباكستاني-الهندي بخصوص كشمير، رد ترمب بالقول: "أعتقد أنني سأحصل على جائزة نوبل بسبب أشياء كثيرة، إذا كانوا يمنحون الجائزة على نحو عادل، وهو الأمر الذي لا يفعلونه". انتقد ترمب سلفه أوباما على حصوله على الجائزة قائلا إن الأخير "لم تكن لديه أي فكرة عن سبب حصوله على الجائزة وهو الشيء الوحيد الذي اتفق فيه معه".