تحوّلت صورة "الجيل زد" في الإعلام العالمي من رمز للسطحية الرقمية إلى علامة على قلق اجتماعي أعمق. فبعد أن صُوّر طويلا كجيلٍ يعيش خلف الشاشات ويفتقر إلى المهارات الاجتماعية– كما عكسته ظاهرة "نظرة الجيل زد"– بات اليوم في قلب النقاش العام لأسباب سياسية واقتصادية متزايدة. فقد شهدت الأسابيع الأخيرة موجة احتجاجاتٍ قادها شباب من هذا الجيل في بلدانٍ تمتد من آسيا إلى أفريقيا وأوروبا، أسفرت في بعض الحالات عن سقوط قتلى أو تغيير حكومات، في مشهدٍ يذكّر بالثورات الطلابية في القرن الماضي، وإن بأدوات رقمية وحدود مفتوحة.
لكن من هم أفراد "الجيل زد"؟ كما هو الحال مع أي تصنيف جيلي، ثمة قدر من الغموض والانحياز الغربي في تحديد الفئات. ومع ذلك، يُستخدم هذا المصطلح عادة للإشارة إلى من وُلدوا بين عامي 1997 و2012، ويُعرفون أيضًا باسم "الزوومرز"، وهم في الغالب أبناء "جيل إكس" الذي سبقهم. ويُعدّون أول جيل نشأ بالكامل في عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، أي إنهم جيل لم يعرف عالمًا بلا شاشات أو اتصالٍ لحظي، وهو ما صاغ رؤيتهم لأنفسهم والعالم من حولهم.
ورغم الاستخدام المتكرر لمفهوم "الجيل" في الخطاب الإعلامي والسياسي وكأنه حقيقة ثابتة، فإن هذا التصنيف حديث نسبيا، إذ يعود إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وقد بدأ كمجرد تمييز بين الشباب وكبار السن، ثم تطوّر ليصبح أكثر تحديدا. وساهمت الثورة الصناعية ونشوء الدولة الحديثة في ترسيخ هذا المفهوم، لا سيما من خلال التعليم الجماعي الذي منح أبناء الجيل الواحد تجارب متشابهة، ما عزز شعورهم بالهوية المشتركة.
كما أدّى تجانس الخبرات اليومية داخل الفئة العمرية الواحدة- بفضل المدرسة والإعلام والمؤسسة العسكرية لاحقا- إلى توليد نوعٍ من الوعي الجمعي المتزامن، يمكن اعتباره النواة الأولى لفكرة "الجيل".