في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2025، أعلن المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف أن إدارة دونالد ترمب تعمل على التوسط في محادثات بين الجزائر والمغرب، أملا في التوصل إلى اتفاق سلام في غضون شهرين. ظاهريا، بدا الأمر مذهلا، وربما استراتيجيا. لكن وللأسف، سلط هذا الإعلان الضوء على الفراغ الاستراتيجي في السياسة الأميركية تجاه أفريقيا، حيث يحل التيسير محل الاستراتيجية، والتصريحات محل الأفعال.
كان وصول إدارة ترمب إلى الساحة الأفريقية مثل "فرقعة الفشار" صاخب ومتلاحق كموجة اضطرابات نجمت عن محاولات تفكيك إرث عهد بايدن. حيث عُلّق العمل بالكثير من البرامج أو أغلق ببساطة، وأصيبت أقسام وزارة الخارجية المعنية بأفريقيا بشلل جزئي، وتجمدت عمليات "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" في جميع أنحاء القارة فعليا.
بيد أن إيقاف "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" (USAID) لم يمحُ كل التبعات. فإلى جانب انعدام كفاءتها المزمن، أصبحت الوكالة أرضا خصبة لشرائح من النخب السياسية الأفريقية. وبدلا من تعزيز المؤسسات، عملت على تعزيز استياء بنيوي: عداء دفين ولكنه مستمر تجاه الوجود الأميركي، حتى في ظل البرامج التي بدت على الورق كأنها تسعى لتقديم المنفعة.
بدأت استراتيجية واشنطن الجديدة تجاه أفريقيا بالتبلور خلال عام 2025، مع محطات رمزية فارقة: كاتفاق السلام في يونيو/حزيران بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، والقمة المصغرة مع دول أفريقيا الأطلسية في يوليو/تموز، وإعادة هيكلة القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) في أغسطس/آب. وتجسدت مبادئ هذه الاستراتيجية الأساسية في شعارات عملية مثل: "التجارة بدل المساعدات"، و"الموارد من أجل الأمن"، و"الاستثمار من أجل الولاء". وهذه الشعارات البراقة ما هي إلا عبارات طموحة وخاوية في الوقت نفسه، فهي لا تعدو كونها إعادة صياغة للتدخل دون معالجة نقاط الضعف الهيكلية التي لطالما قوضت السياسة الأميركية.

