في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترمب، التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار وتبادل أسرى بعد موافقة كل من حركة "حماس" وإسرائيل على الخطة المقترحة والمكونة من 20 بندا. وجرى عقبها البدء في تنفيذ البنود، بداية من انسحاب الجيش الإسرائيلي من عمق مدن قطاع غزة إلى مناطق الانسحاب الأول خلف الخط الأصفر، حيث بدأ جزء من الفلسطينيين في العودة إلى منازلهم فيما حرم الآلاف من ذلك.
فرضت خطة ترمب، خريطة انسحاب تدريجي خلال مراحل تنفيذ الاتفاق الثلاث، والتي لم يجرِ تحديدها وفق موعد زمني محدد. الخط الأصفر، يحدد الانسحاب الأول للجيش إلى شرق وجنوب وشمال القطاع والتمركز خلفه، وهي مساحات قضمت أكثر من 50 في المئة من مساحة القطاع البالغة 365 كيلومترا مربعا، أما الانسحاب الثاني والذي يجب تنفيذه من قبل الجيش، فمن المفترض أن يدخل حيز التنفيذ مع بدء تطبيق المرحلة الثانية والتي تشترط إسرائيل قبلها تسلم جميع المحتجزين الأحياء والأموات، فيما تفرض المرحلة الثالثة انسحاب الجيش إلى ما بعد الحدود المتعارف عليها للقطاع منذ عام 1967.
صحيح أن إسرائيل نفذت تراجعها الأول مُجبرة أكثر من مليوني فلسطيني على العيش في خيام ومراكز إيواء رغم وقف إطلاق النار وفارضة سيطرتها وتحكمها في حياتهم اليومية من خلال التحكم في المعابر والمساعدات والبضائع الواردة، إلا أن ذلك ليس بالأزمة الوحيدة، حيث إن الإشكالية وفرض السيطرة والتحكم ساهمت في أزمات مفروضة بشكل مباشر أو غير مباشر على طريقة تنفيذ بنود الاتفاق غير المحددة بوقت زمني.
ولكن يبدو أن إسرائيل تلاعبت وكيّفت تنفيذ بنود الاتفاق وفق تحكمها في تنفيذه على مدار الأسابيع الثلاثة الأولى من مرحلته الأولى. بخلاف الخروقات الإسرائيلية ومماطلتها، كان من المفترض أن تُسلم حركة "حماس" 20 محتجزا إسرائيليا أحياء، ثم تبدأ في تسليم جثامين 28 محتجزا آخرين، وبالفعل سلمت الحركة المحتجزين الأحياء على دفعتين في اليوم ذاته، وبعد أقل من 72 ساعة من بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه، وأفرجت إسرائيل عن قرابة 200 أسير فلسطيني من سجونها.
منذ اليوم الأول لبدء تنفيذ الاتفاق، وحتى خلال عمليات المفاوضات، طالب ممثلي حركة "حماس" وكذلك فصائل المقاومة الفلسطينية، بدخول معدات ثقيلة إلى القطاع لهدفين، الأول لانتشال جثامين المحتجزين الإسرائيليين من تحت أنقاض المنازل التي دُمرت بفعل الحرب، ومن داخل الأنفاق التحت أرضية والتي تعرضت لقصف إسرائيلي كذلك، وهو الهدف الأهم لإتمام تنفيذ مرحلة تبادل الأسرى والانتقال للمرحلة الثانية، ثم الهدف الثاني خلال المراحل التالية والمتمثل في استخدام المعدات في عمليات إزالة الركام وانتشال الضحايا الفلسطينيين من تحت الأنقاض وفتح الشوارع.

