ألقى الرئيس السوري أحمد الشرع خطابا في الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الاسد في 8 ديسمبر/كانون الاول، في قصر المؤتمرات بدمشق.
وأعلن الشرع في "يوم التحرير" عن قطيعة تاريخية مع حقبة الاستبداد والطغيان إلى فجر جديد قوامه العدل والإحسان والمواطنة والعيش المشترك، مشدداً على أن حق الشعب في المعرفة والمساءلة، ثم المحاسبة أو المصالحة هو أساس استقرار الدولة وضمان لعدم تكرار الانتهاكات.
هنا النص الكامل للخطاب:
إلى الأبطال الذين حرّروا البلاد بدمائهم والأمهات اللواتي صبرن على الفقد واحتفظن بالأمل في قلوبهن رغم الألم، إلى الأبناء الذين فتحوا عيونهم على اليتم ومرّوا بظلام الفقد قبل أن يعرفوا معنى الحياة، وإلى الشعب السوري العظيم الذي صمد رغم كل الصعاب وواجه سنوات من القهر والظلم داخل البلاد وخارجها، إليكم أيها الحاضرون في قلب التاريخ وأنتم تشكلون صفحة من صفحات البطولة وحكاية من حكايات النصر العظيم، نبارك لكم جميعاً ذكرى تحرير سوريا من الطغيان والاستبداد وعودة الوطن إلى أهله شامخاً حراً عزيزاً كما كان دوماً.
لقد فقدنا الشام درة الشرق لأكثر من خمسة عقود، وحاولوا فيها سلخها عن هويتها وحضارتها وعمقها التاريخي، وسعوا عبثاً لدفنها مراراً وتكراراً، ولكن أنّى للأقمار أن تخفى وجوهها، وأنّى للشمس أن يحجب نورها.
هنا الشام، من هنا عبرت البشرية، ومن هنا ستعود من جديد، ومن هذه الأرض الطاهرة تسللت إلى قلوب البشر نسائم الإيمان، ومن هنا أدرك الناس معنى الإنسانية والوفاء والعدل والحكمة وتوارثوها جيلاً بعد جيل.
لقد كانت حقبة النظام البائد صفحة سوداء في تاريخ بلدنا، استحكم فيها المستبد حيناً من الزمن، ثم ما لبث أن هوى، لتشرق من جديد أنوار البصيرة وحسن الحوار وجسور المحبة والإخاء، وباتت الشام مهوى الأفئدة ومحط القلوب وميزان المصالح، وتغيرت حكايات الناس عن سوريا وأهلها من الإشفاق إلى الإعجاب والاعتزاز، وأدركت الأبصار عمود الكتاب يضيء نوره من جديد، كل ذلك في عام واحد ولله الحمد.
ما أعجبك يا شام، ففيك الخير وحسن المعشر وأطيب القلوب وأفطن العقول وألمع الأذهان، وكان أهلك أشد بأساً حين سلبت الحقوق وأهينت الكرامة، وأدركوا مبكراً أن الحقوق تنتزع لا توهب، وأن للحرية ثمناً يجب وفاؤه، وأن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسرا، فكان لكل ذلك جميل العطاء.
