عندما أعلن قطب الإعلام روبرت مردوخ في سبتمبر/أيلول 2023 أنه سيتنحّى عن رئاسة مجلس إدارة شركتي "فوكس" و"نيوز كورب"، مع تولّي ابنه لاكلان قيادة الشركتين، لم يكن أحد يتوقع أن يدخل في مواجهة مع الرئيس دونالد ترمب بعد عامين في دعوى قضائية بمليارات الدولارات تتعلق بإحدى صحفه وهي صحيفة "وول ستريت جورنال".
وفي يوم الثلاثاء 15 يوليو/تموز، تواصلت "وول ستريت جورنال" مع فريق ترمب، وأبلغتهم بأنها تعتزم نشر ادعاءات تفيد بأن ترمب كتب قصيدة ورسماً تخطيطياً فاضحاً ضمن مجموعة أُعدّت للاحتفال بعيد ميلاد جيفري إبستين الخمسين.
كان الادعاء ليكون مؤذياً في أي وقت، لكن توقيته كان كارثياً بالنسبة للرئيس. فقد كانت قضية إبستين تتطور لتصبح أكبر أزمة في رئاسته، كما أثارت معارضة إدارة ترمب نشر ملفات حكومية تتعلق بإبستين سيئ الصيت غضب مؤيدي حركة "ماغا" اليمينية.
كلمة ماغا (MAGA)، هي اختصار لشعار دونالد ترمب الانتخابي "لنجعل أميركا عظيمة من جديد" (Make America Great Again).
أطلق ترمب هذا الشعار خلال حملة ترشّحه لمنصب الرئاسة عام 2016، وكان يستخدمه بشكل خاص عند تناول موضوع الهجرة إلى الولايات المتحدة، ليشير إلى أن بلاده فقدت "مكانتها العظيمة" بسبب التعددية الثقافية أو بسبب عدم ضبط الحدود أمام المهاجرين.
ونجح خطاب ترمب وشعاره في جذب شريحة كبيرة من المحافظين القوميين الأميركيين.
وبسبب حساسية الادعاء في "وول ستريت جورنال"، اتصل ترمب برئيسة تحرير الصحيفة إيما تاكر من على متن طائرة "إير فورس وان" في محاولة لوقف نشر القصة، واصفاً إياها بأنها "مزيفة". وعندما رفضت تاكر طلبه ونشرت المقال، ردّ ترمب برفع دعوى يطالب فيها بتعويضات قدرها 10 مليارات دولار.
وإلى وقتنا هذا، لا يزال مردوخ وإمبراطوريته الإعلامية، على الرغم من تقدمه في العمر، لاعبا بارزا في المشهد الإعلامي العالمي، ليس بسبب السجال مع ترمب فحسب، بل تؤكد مشاركته الأخيرة، إلى جانب نجله لاكلان، ضمن مجموعة من المستثمرين الساعين للاستحواذ على عمليات تطبيق "تيك توك" داخل الولايات المتحدة.
وكشف ترمب، في مقابلة حديثة مع شبكة "فوكس نيوز"، أن مردوخ ونجله سيكونان "على الأرجح" طرفا في الصفقة المقترحة لإبقاء التطبيق نشطا في السوق الأميركية، مشيرا كذلك إلى احتمال مشاركة كل من رئيس "أوراكل" لاري إليسون ومؤسس "ديل" مايكل ديل. وأضاف ترمب: "أعتقد أنهم سيقومون بعمل ممتاز"، واصفا المشاركين بأنهم "وطنيون أميركيون"، وهو توصيف لافت في ظل النزاع القضائي القائم بينه وبين مردوخ.
وأوضح ترمب أنه اتصل بنظيره الصيني شي جينبينغ بشأن الصفقة، لافتا إلى إحراز تقدم في المفاوضات بين واشنطن وبكين قد يفضي إلى بيع عمليات "تيك توك" الأميركية لمستثمرين أميركيين. ويأتي هذا المسار تنفيذا لقانون أقره الكونغرس في أبريل/نيسان 2024 يقضي بحظر التطبيق ما لم تبع شركته الأم الصينية "بايت دانس" فرعها الأميركي، وسط مخاوف من احتمال وصول السلطات الصينية إلى بيانات نحو 170 مليون مستخدم أميركي. وقد تم تعليق تنفيذ القانون مؤقتا بانتظار التوصل إلى اتفاق.
ومنذ توقيع القانون، ظل مستقبل "تيك توك" في الولايات المتحدة غير واضح المعالم، إذ مُنحت "بايت دانس" مهلة أولية حتى 19 يناير/كانون الثاني 2025، قبل أن تُمدد عدة مرات بقرار من ترمب، وصولا إلى الموعد النهائي الحالي في 16 ديسمبر/كانون الأول. وأي صفقة محتملة ستتطلب موافقة الحكومة الصينية.

وبعد تصريحات ترمب الأخيرة، أفادت تقارير إعلامية أميركية بأن عائلة مردوخ لن تستثمر في الصفقة بصفة شخصية، بل من خلال شركة "فوكس كورب". وفي السياق ذاته، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت لشبكة "فوكس نيوز" أن إدارة بيانات التطبيق وخصوصية المستخدمين الأميركيين ستتولاها شركة "أوراكل" المتخصصة في الحوسبة السحابية، والتي تتخذ من ولاية تكساس مقرا لها، وتربطها شراكة تقنية قائمة مع "تيك توك".
وبحسب تصريحات ليفيت، فإن ستة من أصل سبعة مقاعد في مجلس إدارة "تيك توك" الأميركي سيشغلها مواطنون أميركيون، كما أن خوارزمية التطبيق ستكون خاضعة للسيطرة الأميركية. وأضافت: "نحن واثقون بنسبة 100 في المئة من أن الصفقة قد أُنجزت".
