لماذا يخلو الإسلام السياسي من المفكرين؟

الجماعات المتطرفة تصدّر الإرهاب

لماذا يخلو الإسلام السياسي من المفكرين؟

* مفتي مصر: حسن البنا أسس لنظرية الأستاذية والاستعلاء على العالم والتي تناقض المبدأ القرآني الذي ذكره الله تعالى في القرآن الكريم
* يتبادر إلى الذهن فوراً قائمة طويلة من المفكرين والباحثين ليس للإسلام السياسي فيها سوى حضور فردي محدود
* مقلد: السبب في قلة الإنتاج في العلم الشرعي لـ«الإخوان» أنها بالأساس جماعة سياسية تقوم على التنظيم السري المغلق لكنها تفعل ذلك تحت ستار الدين
* قام سيد قطب بالتحريض على حل الأحزاب بعد ثورة 23 يوليو، وحث عبد الناصر على حلّ كافة الأحزاب، فقد كان قطب يرى أنّ الحياة الحزبية مضرة بالثورة الناشئة
 
القاهرة: بات من الواضح أن الجماعات الإرهابية بكافة فصائلها لا تمتلك القدرة على إنتاج مفكرين حقيقيين فلم نسمع عن مفكر خرح من عباءة جماعة الإخوان أو غيرها لكن ما ينظرون إليهم هم عن أنهم علماء أمثال سيد قطب ومؤسس الجماعة حسن البنا هم من جلبوا للأمة الخراب ولم يتخرج من خلالها عالم أو مجدد أو فيلسوف
قالت دراسة للباحث الأردني إبراهيم غرابية الباحث في الحركات الجهادية بعنوان «لماذا يخلو الإسلام السياسي من المفكرين؟» يُظهر التأمل في الخريطة الفكرية «الإسلامية» غيابًا تامًا أو شبه تام للإسلام السياسي، فالفكر الإسلامي المعاصر اليوم يقوده ويؤثر فيه مجموعة من المفكرين والباحثين لا تكاد تجد بينهم من قادة أو كتاب الإسلام السياسي أثرًا يذكر، سوى إسهامات فردية محدودة لا تنظر إليها جماعات الإسلام السياسي باعتبارها تمثلها، بل هي إسهامات معزولة في الإسلام السياسي، وتلقى اهتمامًا واحترامًا في خارج نطاق الجماعات ومؤيديها.
وأضافت الدراسة: يتبادر إلى الذهن فورًا قائمة طويلة من المفكرين والباحثين ليس للإسلام السياسي فيها سوى حضور فردي محدود ويتيم؛ علي عبد الرازق، ونصر حامد أبو زيد، ومحمد أركون، ومحمد شحرور، وعبد الله النعيم، ووائل حلاق، وأبو القاسم الحاج، ومالك بن نبي... هناك على شواطئ الإسلام السياسي أعمال وإسهامات مثل حسن الترابي، وراشد الغنوشي، ورحيل غرايبة، ومحمد فتحي عثمان، ومحمد الغزالي، لكنها تحسب على سياق الفكر والتنوير خارج نطاق الإسلام السياسي، وهناك أعمال مؤسسة في الإسلام السياسي مثل سيد قطب، وهي أيضًا برغم ما تحظى به من قبول وتعاطف تقادمت، وهي في الواقع ليست منجزات للإسلام السياسي بقدر ما حملها والتزم بها من خارجه؛ إذ إنّ سيد قطب يمثل في الإخوان المسلمين حالة سائدة محرجة لقادتها الذين يحاولون التخلص منها، ومن العجيب أنّ كتابًا مثل «دعاة لا قضاة» للمرشد الثاني لجماعة الإخوان المسلمين حسن الهضيبي لا يكاد يكون معروفًا أو مقروءًا في أوساط الجماعة.
وأكدت الدراسة أن هناك مؤسسات للأسلمة أنفقت عليها مبالغ طائلة فشلت في الفكر والنشر العلمي لكنها نجحت (ماليًا) في مجالات الاستثمار والسياحة والتمويل وأسلوب الحياة، وهذا محير ومقلق أيضًا، والظاهرة الأخرى أنّ معظم، إن لم يكن جميع، إنجازات الإسلام السياسي الفكرية كانت في سياق العمل الحكومي الرسمي مثل الجامعات ورسائل الماجستير والدكتوراه التي أعدت في الجامعات الرسمية، وليس في أوساط النشر والتأليف والعمل في الإسلام السياسي؛ ما يؤكد مقولة أشرت إليها في مقالة أخرى وهي أنّ الإسلام السياسي لا يمثل في واقع الحال ظاهرة مستقلة بذاتها، لكنه حالة تابعة وفي أحيان متطفلة، ففي موجة التدين أو ما سمّي الصحوة الإسلامية كان الإسلام السياسي مستثمرًا فيها، كما يفعل المقاولون والتجار الذين اشتغلوا باتجاهات وظواهر الإقبال على ما هو «إسلامي» في اللباس والطعام والسلوك والتمويل والتعليم والإعلام، وفي برامج ومشروعات الدول والأنظمة السياسية للعمل الديني والمؤسسات الدينية كانوا تابعين للدول والأنظمة السياسية، ثم انفضت هذه الشراكة في دول أو تحولت في دول أخرى باتجاهات سياسية وظيفية أكثر مما هي دعوية وفكرية، بل إنّ الإسلام السياسي لم يعد له من الفكر والدعوة سوى تاريخ وذكريات.



 
الحالة الثقافية العامة السائدة
وكشفت الدراسة عن أنه إذا نظرنا في الحالة الثقافية العامة السائدة، فلا يكاد يكون للإسلام السياسي حضور أو أثر يذكر في الفلسفة والشعر والموسيقى والقصة والرواية والدراما والفنون التشكيلية والمسرح والعمارة والتصميم والذائقة وأسلوب الحياة، بل إنّ جماعات الإسلام السياسي ومؤيديها يشكلان تهديدًا للثقافة والآداب والفنون، وأداة تحريض على الفكر والإبداع، وإعاقة لكل محاولة أو مبادرة في هذا المجال. وإذا مضينا في متوالية التفكير والتداعيات المتصلة بظاهرة التصحر الفكري والثقافي للإسلام السياسي، فإنّه يمكن تقدير خطورة هذه الحالات على المجتمعات والقيم والمنظومة الاجتماعية التي تستوعب حياة الأمم واتجاهاتها، في ظل صعود أهمية الثقافة والفلسفة اليوم لاستيعاب حالة اللايقين والتحولات الكبرى الجارية اليوم.
وأكدت الدراسة على أنه ربما لا تكون جماعة الإخوان المسلمين وشبيهاتها جماعات عنيفة؛ لكنها بالخواء الذي تنشئه في عالم التدين والمجتمعات تؤسس للانفصال الاجتماعي عن الواقع ومتطلباته، وتنشئ أو تساعد على إنشاء بيئة من التطرف والهشاشة الاجتماعية وضعف الفاعلية والإنتاجية؛ بدلاً من أن تكون مظلة للتقدم ومساعدة المجتمعات والأفراد على الارتقاء بوعيها وذاتها ومواردها؛ فالجماعات والقيادات الاجتماعية تتحمل اليوم مسؤولية إعادة تنظيم المجتمعات والأمم باتجاه أولوياتها ومصالحها أو إدراكها على الأقل، وفي ذلك فإنّ الفكر والثقافة يجب أن يعكسا حياة الناس وتطلعاتهم وما يحبون أن يكونوا عليه، وما يجب فعله ليكونوا ما يحبون.
 
شوقي علام

 
في الفلسفة والشعر والموسيقى والقصة
كما كشفت الدراسة عن أنه إذا نظرنا في الحالة الثقافية العامة السائدة، فلا يكاد يكون للإسلام السياسي حضور أو أثر يذكر في الفلسفة والشعر والموسيقى والقصة والرواية والدراما والفنون التشكيلية والمسرح والعمارة والتصميم إنشاء بيئة من التطرف والهشاشة الاجتماعية وضعف الفاعلية والإنتاجية؛ بدلاً من أن تكون مظلة للتقدم ومساعدة المجتمعات والأفراد على الارتقاء بوعيها وذاتها ومواردها؛ فالجماعات والقيادات الاجتماعية تتحمل اليوم مسؤولية إعادة تنظيم المجتمعات والأمم باتجاه أولوياتها ومصالحها أو إدراكها على الأقل، وفي ذلك فإنّ الفكر والثقافة يجب أن يعكسا حياة الناس وتطلعاتهم وما يحبون أن يكونوا عليه، وما يجب فعله ليكونوا ما يحبون.
وقد أكد الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية أن العلم والثقافة ضرورة في تشكيل وعي الإنسان وتقدم ورقي الأمم والشعوب، وأن حضارة كل أمة تقاس بمقدار ونوع ما يقرأ أبناؤها في شتى المعارف والعلوم، وأن أَولى ما يتقرب به الإنسان من ربه تبارك وتعالى هو العلم، وأن أجدر ما تُنفق فيه نفائسُ الأوقات وعزيزُ الأعمار طلب العلم.
 

 
الباحث الاردني  إبراهيم غرابية

مشروع الإسلام السياسي
وقال المفتي إن ما يُطلق عليه مشروع (الإسلام السياسي) كما هو مشهور إعلاميًّا أو مشروع (التأسلم السياسي) كما يجب أن يطلق عليه - تنزيهًا للإسلام الحنيف - من الأمور التي شغلت بال العلماء والمفكرين والكتاب المعاصرين، وذلك منذ نشوء هذه الظاهرة في بداياتها الغامضة على يد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان وحتى يومنا هذا. 
وقد تحولت ظاهرة ما يعرف بـ(الإسلام السياسي) أو (التأسلم السياسي) من دعوة تدعي أنها إسلامية، تدعو إلى إحياء شعائر الإسلام في نفوس الناس، والدعوة إلى التمسك بالقيم الإسلامية ومكارم الأخلاق الكريمة، إلى كارثة أو كابوس مزعج للأمة الإسلامية بل وللعالم بأسره.
وأكد المفتي على أن «هذا المشروع سقط دينيًّا وقيميًّا وأخلاقيًّا منذ بداية نشأته، والسبب في ذلك أنه قام على أسس واهية، ومفاهيم خاطئة، وتصورات باطلة، وما بني على باطل فهو باطل وأن أول أسباب فشل هذا المشروع وهو في مهده هو الأساس الواهي الذي قامت عليه تلك الجماعة، والذي لا يمت إلى الشرع الحنيف بصلة، وهذا الكلام ينسحب بالضرورة على كافة هذه الجماعات الكثيرة المتسربة أو المنشقة عن الجماعة الأم؛ أي جماعة الإخوان».
وأوضح المفتي أن معالم منهج الإخوان الصدامي الاستعلائي في هذه الكلمات القليلة العدد الجسيمة الخطر، التي أدخلت مصر والأمة العربية والعالم بعد ذلك في دوامات من العنف ما زلنا نعاني منها حتى الآن، وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي قال في الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجة عن المنذر بن جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من سَنَّ سنة سَيِّئَة فَعُمِلَ بِهَا، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شيء».
 
نظرية الأستاذية والاستعلاء على العالم
وأضاف مفتي الديار المصرية أن حسن البنا أسس لنظرية الأستاذية والاستعلاء على العالم والتي تناقض المبدأ القرآني الذي ذكره الله تعالى في القرآن الكريم بقوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إن أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إن اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير)، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم لم يذكر كلمة تدل على الاستعلاء على الغير إلا في وضع الحرب التي شرعت للدفاع عن النفس وليس لفرض الدين أو احتلال الشعوب، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إن كُنْتُمْ مُؤْمِنِين) فهذا مجرد تشجيع لتثبيت أقدام المؤمنين في معركة الدفاع عن النفس وليس مبدأ عامًّا يؤسس لاستعلاء المسلمين على غير المسلمين كما هو مبدأ هذه الجماعات.
ويقول علي مقلد الباحث في شؤون الحركات الإسلامية إن جماعة الإخوان لم ولن تنتج عالما في الفقه أو التفسير أو الحديث أو في أي بحر من بحور العلم الشرعي، كما لن تجد من بين مخرجاتها فنانا بارعا في فن بعينه ولا شاعرا بليغا، ولا مفكرا سياسيا صاحب رؤية سياسية يعتد بها في التنظير السياسي، فهي جماعة مثل الأرض البوار لا تثمر خيرا، وكل الأسماء التي تتفاخر بها الجماعة في المجالات المختلفة مثل العلوم الشرعية أو الشعر أو الفن أو السياسة هم ثمار لمدارس أخرى، اختطفتهم الجماعة بطريقة أو بأخرى واستغلتهم في تزيين وجهتها.
 
قلة الإنتاج في العلم الشرعي
ويوضح مقلد أن السبب في قلة الإنتاج في العلم الشرعي لـ«الإخوان» سببه أنها بالأساس جماعة سياسية تقوم على التنظيم السري المغلق، لكنها تفعل ذلك تحت ستار الدين، فهي لم تهتم بعلوم الإسلام الشرعية ولا بتاريخ الإسلام قدر اهتمامها بتاريخ مؤسسها حسن البنا وطرق السرية وأساليب التقية والتخفي، ويشير مقلد إلى أن الباحث في تاريخ الإخوان يجد أن كتابات المنظرين الرئيسيين للجماعة تخلو من الحث على التبحر في العلوم الشرعية والدينية، بل إن حسن البنا مؤسس الجماعة كان ذا حظ قليل من العلوم الدينية وهو قال عن نفسه في مذكراته: يا أخي إني لست بعالم، ولكني رجل مدرس مدني أحفظ بعض الآيات وبعض الأحاديث النبوية الشريفة وبعض الأحكام الدينية من المطالعة في الكتب، وأتطوع بتدريسها، فإذا خرجت بي عن هذا النطاق فقد أحرجتني. 
وفي شهادة الشيخ محمد الغزالي عن البنا قال: إن البنا لم يكن عالما، ولذلك لم يكن يُقَرِب إليه أحدا من أهل العلم كعادة العلماء، وإنما كان يقرّب عوام الناس.
ولفت مقلد إلى أن البنا كان يعتمد على جذب الأنصار والعوام بالعبارات الرنانة غير القائمة على تأصيل شرعي، وكان أمر أصحابه بامتثال أوامره وقراءة رسائله فقط دون غيرها من الكتب وكان يعرف جيدا ضحالة فكره وفكر من معه، وهذه الضحالة الفكرية وصلت بعناصر الإخوان إلى درجة الاستخفاف بالعلوم الشرعية إلى حد السخرية من بعض أعضاء الجماعة الوافدين إليها من الأزهر وهؤلاء معروفون بحصيلتهم الوافرة من العلوم الشرعية، ولكن عناصر الإخوان كانوا دائما ما يسخرون ممن يحثهم على تحصيل العلم الشرعي فهو برأيهم غير ذي قيمة بجانب أساليب وأدوات التنظيم في السرية وإعداد العدة والرياضة والتدريب على السلاح والتخطيط للقتل والاستيلاء على السلطة. 
وفي هذا الإطار أشار مقلد إلى ما أورده عضو التنظيم الخاص ووزير الأوقاف المصري الأسبق عبد العزيز كامل في مذكراته حين قال: كنت دائما أدعو إخواني وأبنائي إلى العناية بالعلم والمنهجية والتخطيط الطويل، حتى أصبحت هذه – للأسف – مثار دعابة، قد تصل أحيانا إلى شيء يقترب من السخرية.
 
سيد قطب

 
مفكر الجماعة كان يسخر من العلوم الشرعية
ويضيف مقلد أن سيد قطب مفكر الجماعة أيضا لم يكن بعيدا عن السخرية بالعلوم الشرعية رغم أنه كتب كتابا في تفسير القرآن هو «الظلال»، حيث يرى قطب أن الاشتغال بالفقه بوصفه عملا للإسلام مضيعة للعمر، وللأجر أيضا، كما يضرب قطب بكتب المفسرين الثقات وأهل العلم من القدامى والمحدثين فيقول بكل تكبر وغرور: دخلت المعاهد العلمية فقرأت تفسير القرآن في كتب التفسير، وسمعت تفسيره من الأساتذة، لكني لم أجد فيما أقرأ أو أسمع ذلك القرآن اللذيذ الجميل الذي كنت أجده في الطفولة والصبا، فلما عدت إلى القرآن أقرأه في المصحف لا في كتب التفسير وجدت قرآني الجميل الحبيب. 
ويوضح مقلد أن قطب بعباراته السالفة الذكر يرى نفسه مفسرا أولا وأوحد لا يرتكن على علم من سبقه بل هو مرجع لنفسه ولجماعته.
أما عن علاقة الجماعة بالفن فهي علاقة متأرجحة تكشف عن مدى هشاشة أفكار الجماعة وانتهازيتها فهي تحرم الشيء عندما ترى أن ذلك يحقق مصلحة التنظيم وتحل ذات الشيء إن تغيرت المصلحة (يحلونه عاما ويحرمونه عاما) فالبنا تقرب للفنانين وأسس فرقا مسرحية عندما كان يرى أن الفن قادر على نقل رسالته إلى جمهور أكبر من جمهور وعاظه وخطبائه، لكن الجماعة هاجمت الفن ووصفت الفنانين بكل الموبقات حينما تصدى الفن لرجعية الجماعة وكشف زيفها، والفيصل في القضية برمتها أن الجماعة تقدم مصلحة التنظيم على أي مصلحة أخرى فهم اتخذوا التنظيم – والعياذ بالله – إلها يعبد من دون الله.
وأكد مقلد على أنه من الناحية السياسية لم يظهر في الجماعة مفكر سياسي يعتد برأيه أو رؤيته، ومن كان من رموز الإخوان صاحب نصيب من الفكر السياسي فهو وافد ودخيل عليها من مشارب أخرى وليس من بين شبابها الذين ولدوا وتربوا ونأوا في سراديب السرية ودهاليز التقية والتخفي، فالجماعة ليست ذات رأي ثابت في السياسة فهي تفعل الشيء ونقيضه كالعادة، وبما يخدم مصلحتها الوقتية، فهي تارة ضد الانتخابات وتارة معها، وتارة ترفض النظام الحزبي، ويقول حسن البنا: إن الإسلام هو دين الوحدة في كل شيء، وهو دين سلامة الصدور، ونقاء القلوب، والإخاء الصحيح، والتعاون الصادق بين بني الإنسان جميعا، فضلا عن الأمة الواحدة والشعب الواحد ـ لا يقر نظام الحزبية ولا يرضاه ولا يوافق عليه. 
وهذا أيضا رأي سيد قطب، فقد قام سيد قطب بالتحريض على حل الأحزاب بعد ثورة 23 يوليو (تموز) وحث عبد الناصر – زمن الوفاق بين الرجلين - على حلّ كافة الأحزاب، فقد كان قطب يرى أنّ الحياة الحزبية مضرة بالثورة الناشئة. ورغم ذلك سارع الإخوان بتأسيس أحزاب في عدة دول عندما شعروا بالتمكين أو أحسوا بأن هذه طريقتهم المثلى للتمكين والاستيلاء على السلطة.
 
font change