مع اقتراب الذكرى السنوية لانفجار بيروت... مسيرات تصعيدية من أهالي الضحايا

مرفأ بيروت بعد الانفجار. By Reuters

مع اقتراب الذكرى السنوية لانفجار بيروت... مسيرات تصعيدية من أهالي الضحايا

ثلاثة أسابيع تفصل لبنان عن الذكرى السنوية الأولى للانفجار الذي هزّ مدينة بيروت والذي وصل صداه إلى الدول المجاورة، حينها اعتقد مستخدمو الشبكات الاجتماعية، عند انتشار صور انفجار مرفأ بيروت، أن العاصمة اللبنانية تعرضت لانفجار نووي، نظرا لشدته والخسائر المادية والبشرية التي تسبب بها، ولكن شركة «ألفورد تكنولوجيز»- وهي شركة بريطانية متخصصة في التخلص من الذخائر المتفجرة- صنفت انفجار بيروت الذي وقع يوم 4 أغسطس (آب) قائلة: «ربما يكون من أكبر الانفجارات غير النووية في كل العصور».

الاستراليّة سارة كوبلاند والدة أصغر ضحايا انفجار مرفأ بيروت تستعيد ذكريات اليوم المشؤوم

وعلى الرغم من هول الكارثة التي حلّت حينها بدمار المدينة وتهجير أهلها ووقوع أكثر من 200 ضحية، وآلاف الجرحى، يبدو أن الحكام لن يكترثُوا لأوجاع أهالي الضحايا، فالوعود بتحقيق شفاف وكشف الحقائق ومحاكمة المسببين لم تتحقق حتى الساعة، بل أكثر من ذلك يعملون على عدم مثول أي من المسؤولين أمام القضاء بحجة «الحصانات».

 

أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت في تحرك سلمي في ساحة الشهداء، بيروت. (غيتي)

تحركات سلمية

منذ يوم الجمعة الماضي يواصل أهالي ضحايا انفجار المرفأ تحركهم السلمي، لرفع الحصانة عن الوزراء والمسؤولين الذين استدعاهم القاضي طارق البيطار. وبعد الاعتصام يوم الجمعة 9 يوليو (تموز) أمام قصر عين التينة، واعتداء شرطة مجلس النواب عليهم، انطلقوا في مسيرات عدّة شملت المجلس النيابي ووزارة الداخلية ومنازل الوزراء والمسؤولين الذين تمّ استدعاؤهم، مطالبين بمثولهم أمام القاضي محذرين أن من يرفض المثول أمام القضاء «دمّ أولادهم في رقبته،  وعليه الحذر هو وعائلته، إننا سنهدر دمه». 

وكان الأهالي طالبوا المواطنين بمؤازرتهم في قضيتهم وقالوا في الدعوة: «في ظل التطورات الأخيرة بملف استدعاءات المتهمين، ونظراً لما لمسناه من تكالب السلطة الحاكمة على حمايتهم وتمييع قضيتنا الإنسانية والوطنية، ولأننا أولياء الدم المهدور ظلما وعدواناً، ندعوكم لمواكبة مسيرتنا السيارة التي ستكون لها محطات عند مجلس النواب ووزارة الداخلية».

وأمام مجلس النواب، أكدوا أن «تحركاتهم أضحت يومية، وأن لا سقف لها، وستكون تصاعدية، وأن دماء شهدائهم لن تذهب هدرا». وانتقدوا «ما حصل في مجلس النواب في موضوع رفع الحصانة، محملين السلطة السياسية مسؤولية هدر دم أبنائهم. وطالبوا بكشف حقيقة ما حصل، مشددين على أنهم «يتحركون باسم الوطن وليس باسم دماء الشهداء فقط، ودعماً للقاضي بيطار الذي دعوه إلى استكمال خطواته وإجراءاته لكشف كامل ملابسات انفجار بيروت ومحاسبة المسؤولين».

التصعيد الإسرائيلي- الفلسطيني يباغت بايدن

الالتفاف على قرارات المحقق العدلي

لا شيء يوحي بأن التحقيقات في ملف انفجار المرفأ ستسلك طريقها الطبيعي، بل إن أداء السلطة السياسية والجهات المعنية برفع الحصانات من جهة وإعطاء أذونات الملاحقة من جهة ثانية، كلها تبعث على القلق وتؤشر إلى أن هناك اتجاها من جديد نحو الالتفاف على قرارات المحقق العدلي في القضية القاضي طارق البيطار، تماما كما فعلت مع سلفه القاضي فادي صوان.

«الحجّة» لعدم رفع الحصانات النيابية، هذه المرة، أتت بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل الجمعة الماضي في عين التينة، على الشكل التالي: «وجوب طلب خلاصة عن الأدلة الواردة بالتحقيق وجميع المستندات والأوراق التي من شأنها إثبات الشبهات والمتعلقة بكل من المستدعين للاستجواب، سندا للمادة 98، للتأكد من حيثيات الملاحقة، لنبني على الشيء مقتضاه وأخذ الإجراءات الدستورية الضامنة لإحقاق الحقيقة». ويبدو أن هذا القرار بحسب مطلعين هو لشراء الوقت وحشر القاضي بيطار ليكشف مستنداته، لكن على الأرجح، القاضي بيطار سيستمرّ في عمله ولن يتوقّف عند عدم مثول «المطلوبين» أمامه. ولدى إصداره قراره الظني في الشهرين المقبلين، سيكشف كل شيء بالأسماء والمستندات أمام الرأي العام.

 

ذكرى 4 أغسطس.. مسيرات وقداس

في 4 أغسطس وبالتنسيق والتعاون مع مطرانية بيروت المارونية التي كان لها النصيب الأوفر من التفجير المشؤوم، يحيي أهالي الضحايا والمصابون والمنكوبون واللبنانيون الذكرى. التجهيزات على قدم وساق وقد جنّدت المطرانية طاقاتها كلها، الروحية والشبابية لتنظيم وإحياء قداس سيقام في الباحة أمام الإهراءات، حيث وقع الانفجار. وقد خصصت للمدعوين من الأهالي والمصابين وسكان المناطق المتضررة ستة آلاف كرسي.

الدعوات بدأت تصل تباعا للمدعوين، جميعا، إلا الرسميين الذين يأبى الأهالي وكل معني بالجريمة تواجدهم في المناسبة، خصوصا مع عرقلة مسار التحقيقات. مطارنة، وكهنة، وكل من يقف إلى جانب المتضررين ويساعدهم ويؤازر قضيتهم ومن بينهم محافظ بيروت مروان عبود، وهو على الأرجح الوحيد من بين الرسميين المدعوين، فيما تغيب سائر الفاعليات السياسية والروحية التي كان غيابها عن القضية فاقعاً، كما تقول عائلات الضحايا.

مجموعة شحن فرنسية تعرض خطة لبناء مرفأ بيروت في أقل من 3 سنوات

المناسبة تنطلق في الرابعة بعد الظهر بمسيرات حاشدة من ثلاثة اتجاهات. أبرزها من أمام فوج الإطفاء مع وقفة رمزية وتحية لأرواح من قدموا الروح في سبيل إنقاذ كل حيّ أصابته المصيبة، من قلب الجميزة ومار مخايل والرميل. الجميع يلتقون أمام تمثال المغترب مقابل الإهراءات ضمن إطار تنظيمي تتولاه جمعيات مدنية أبرزها فوج العطاء وفوج الكشاف اللبناني.

من هناك وبمواكبة أمنية من الجيش اللبناني، يتجه الجميع نحو المرفأ على وقع صلوات إسلامية- مسيحية مشتركة ودعاء يتلوه مطارنة ورجال دين مسلمون ممن يدعمون الأهالي.

لحظة الانفجار تحديدا، في السادسة وسبع دقائق، دقيقة صمت على أرواح من رحلوا، ثم تلاوة لأسماء الشهداء قبل أن يبدأ القداس.

إقرأ أيضاً:

انفجار مرفأ بيروت

ألمانيا تطرح مشروعاً لإعمار مرفأ بيروت والمناطق المجاورة

font change

مقالات ذات صلة