خبيرة اقتصادية: السلطات حققت إنجازا بتحويل الشعب اللبناني إلى متسول!

الخبيرة في الاقتصاد النقدي والمالي والأستاذة الجامعية الدكتورة ليال منصور

خبيرة اقتصادية: السلطات حققت إنجازا بتحويل الشعب اللبناني إلى متسول!

 

بيروت: بعد عامين على أقسى أزمة اقتصادية ومالية في تاريخ لبنان الحديث، أقر مجلس النواب اللبناني مشروع البطاقة التمويلية يوم الثلاثاء المنصرم، في خطوة متأخرة كثيرا طال انتظارها من قبل المواطنين، خصوصًا أنّ حزام الفقر اتسع ليشمل نحو 2.3 مليون نسمة من المقيمين وفق تقرير صدر مؤخرًا عن البنك الدولي. 

وبانتظار أن تبصر بطاقة «الفقراء» النور، فإن أموال المساعدات الاجتماعية المخصصة للأسر اللبنانية المقيمة في لبنان والأكثر فقرا، فسوف تدُفَع بالدولار الأميركي، بحسب ما أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأربعاء خلال الجلسة النيابية التي عقدت في قصر اليونيسكو، وستتفاوض الحكومة مع البنك الدولي لتخفيض النفقات التشغيلية التي يطلبها (هذا كان أحد اعتراضات الكثير من النواب على إقرار القانون)، ولتدارك هذا الاعتراض وعد ميقاتي بأن «الوفر المحقق في الهبة سيكون بالحد الأدنى 7 ملايين دولار، وسيعمل ليشمل العدد الأكبر من العائلات، على أن يتم اعتماد منصة impactفي الوقت الحاضر وستشرف عليها لجنة برئاسته.

وتشهد منصّة التسجيل الإلكترونية المخصّصة للبطاقة ضغطًا كبيرًا، منذ إعلان ميقاتي عن إطلاقها مطلع الشهر الحالي، ففي يوم واحد فقط تسجّل 36 ألف طلب، ومن المقرر بعد انتهاء مرحلة التسجيل التي بدأت الأول من ديسمبر (كانون الأول)، وستستمر لمدة شهرين، أن تبدأ عملية الدفع مطلع العام المقبل، مع مفعول رجعي من شهر يناير (كانون الثاني) 2022.

وفي السياق، التقت «المجلة» الخبيرة في الاقتصاد النقدي والمالي والأستاذة الجامعية الدكتورة ليال منصور، للحديث عن مدى أهمية البطاقة التمويلية، ومدى قدرتها على دعم الأسر الأكثر فقرا.

* ما تعليقك على إقرار البطاقة التمويلية؟

- بالدرجة الأولى فإنه لا أهمية لأي مساعدة إن لم تدفع بالدولار، لا سيما وأن الدولة اللبنانية كانت تسدد جميع المساعدات في العامين المنصرمين بالليرة اللبنانية (على سعر 6240 ليرة للدولار الواحد وهو أقل بكثير من سعر الصرف في السوق السوداء)، وبالتالي إعلان ميقاتي بأن المساعدات ستدفع بالعملة الأجنبية هو أمر إيجابي حتى لو كان المبلغ زهيدا.

 

* ما أهمية إقرار البطاقة التمويلية بعد عامين من الأزمة؟

- البطاقة التمويلية لم تكن يوما حلا للأزمة الاقتصادية، ولكن هذا لا يعني أنني ضد إقرارها، على العكس لأنها أمر إلزامي، إلا أنه لا يمكن بناء وطن عبر إعطاء "معونة" مالية للأفراد، إنما من خلال التعليم وتأمين فرص عمل تسمح للمواطن بالإنتاج والابتكار. وبالتالي صحيح أنه بالنسبة للسلطات اللبنانية إقرار البطاقة هو إنجاز لكن الإنجاز الأكبر هو تحويل الشعب اللبناني إلى متسول ينتظر المساعدات المالية «والمعونات» وتأمينها له... فبعد عامين من المفترض أن تعلن الدولة اللبنانية كما في جميع الدول التي تعاني من أزمات مالية عن نمو وتحسن اقتصادي إلا أنه بعد عامين على الأزمة تعلن السلطة اللبنانية عن «إكرامية» لشعب أصبح متسولا.

 

* هل المبلغ الذي سيتم توزيعه (قدر بـ25 دولارا لكل فرد من أفراد الأسرة، على أن لا تتعدى قيمة المبلغ الإجمالي 126 دولاراً للأسرة الواحدة)، قادر على إعالة هذه الأسر في ظل التضخم والغلاء الفاحش؟

- بالطبع هذا المبلغ غير كاف، ولكن هذه الأسر الأكثر حاجة لن تستخدم هذا المبلغ لشراء حاجاتها من مأكل ومشرب أو للتعليم، إنما ستكون الأولوية لشراء المازوت الذي أصبح اليوم مسعرا بالدولار، مع العلم أن كثيرا من اللبنانيين أصبحوا يعيشون حرفيا دون كهرباء ومياه.

 

* هل تعد البطاقة التمويلية مظلة اجتماعية أم «رشوة انتخابية» قبيل الاستحقاق النيابي الربيع المقبل؟

- التخوّف اليوم هو استغلال الطبقة السياسية لهذه المساعدات للتسويق والترويج لأنفسهم لا سيما مع اقتراب الانتخابات النيابية، فللأسف حتى لو كانت الأموال مؤمنة من البنك الدولي ومن المقرر توزيعها بعدل وشفافية، جرت العادة أن تطبق السلطة معادلة «6 و6 مكرر»، أما اليوم في ظل الأزمة المالية فقد أصبح الفقر يطال كل مواطن ولم يعد ممكنا التمييز بين مسلم أو مسيحي فقير. إضافة إلى أن ثمة تساؤلات حول كيفية توزيعها وحول ما إذا كانت ستستخدم كـ«رشوة انتخابية».

 

* هل من شأن أموال المساعدات أن تنعكس إيجابا على السوق النقدية؟

- الدولار سيبقى على مساره التصاعدي في السوق المالية اللبنانية حتى لو سجل انخفاضا بقيمة عشرة آلاف ليرة. علما أن هكذا قرار يتعلق بإقرار البطاقة من شأنه أن يرفع الدولار وليس العكس.

 

* ما مدى فعالية استخدام منصة «impact» وشفافيتها؟

- في الواقع لدي ثقة بالمنصة الإلكترونية، لا سيما في حال جرى استخدامها على غرار المنصة التي اعتمدت من قبل وزارة الصحة بشأن التطعيم ضد وباء كورونا، من حيث التنظيم وشمولها القرى والمناطق النائية، وبالتالي إذا اعتمد النموذج نفسه من الممكن أن تصل هذه المساعدات لأكبر عدد ممكن.

 

 

font change

مقالات ذات صلة