3 آراء حول موقف أميركا من أزمة أوكرانيا

بين الدعوة للمواجهة ورفض الحرب

استطلاع للرأي أظهر أن معظم الأميركيين لا يشعرون بالقلق إزاء تصاعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا (غيتي)

3 آراء حول موقف أميركا من أزمة أوكرانيا

واشنطن: منذ أن صار جو بايدن رئيسا قبل عام، لأول مرة، لم يواجه الحزبان الديمقراطي والجمهوري بعضهما البعض في مشكلة رئيسية، مثل المشكلة الحالية في أوكرانيا. لا اتهامات واتهامات مضادة؛ لا شعارات «تعريض الأمن القومي للخطر». ولا دعوة لجلسة استماع خاصة، أو لجنة خاصة، أو مدع عام خاص.


في جانب الديمقراطيين، كان جناح «بروغريسيف» (التقدميبن) لا يتمتع بتأييد بايدن لأجندته فقط، بل أيضا دفع بايدن- وهو ليبرالي معتدل- إلى اليسار، حتى صار خصومه يتهمونه بأنه صار «اشتراكيا».

الآن، في موضوع أوكرانيا، صار التقدميون يحذرون بايدن من خوض حرب بسبب أوكرانيا.


في جانب الجمهوريين، حتى السيناتور المحافظ زعيم الأقلية، ميتش ماكونيل، قال إن بايدن «يسير في الاتجاه الصحيح» في رده على تهديدات روسيا ضد أوكرانيا.

يبدو واضحا أن كابوس ماكونيل سيكون مشاهدة بايدن، في وقت لاحق من العام، يشن حملة ضد المرشحين الجمهوريين في الانتخابات، ويتهم الحزب الجمهوري بأنه «يتساهل مع الشيوعية».


لهذا، في غياب آراء حادة متعارضة، ظهرت مجموعات متنوعة من الآراء.


هذه آراء ثلاثة أشخاص متنوعين آيديولوجياً، من تغريداتهم، ومواقعهم الإلكترونية، وبياناتهم إلى وسائل الإعلام:
أولاً: قالت النائبة براميلا جايابال، رئيسة الكتلة التقدمية في الكونغرس: «أرجوكم لا حرب».
ثانياً: قال جيمس كارافانو من مؤسسة «هيرتدج» (التراث) المحافظة: «لنواجه الاثنين: روسيا والصين».
ثالثاً: قال ستيفن والت، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد: «أيها الليبراليون، كونوا واقعيين». وهو ليبرالي مشهور.

براميلا جايابال: «أرجوكم لا حرب»: نحن نواصل مراقبة سلوك التهديد الروسي تجاه أوكرانيا بقلق. ونحن متأكدون من أنه لا يوجد حل عسكري للخروج من هذه الأزمة. لهذا، يجب أن تكون الدبلوماسية هي الحل. ولهذا، نحن ندعم إدارة بايدن لتوسيع الحوار، وتقديم تسويات، وحلول وسطى.


في نفس الوقت، نحن نخاف من أن نشر قوات عسكرية جديدة، وفرض عقوبات شاملة وعشوائية، وتدفق مئات الملايين من الدولارات من الأسلحة الفتاكة، سيسبب الآتي:


أولا: مزيدا من التوتر، خاصة وسط العسكريين.
ثانيا: مزيدا من الحسابات الخاطئة والمدمرة..
نعم، تتلخص استراتيجية روسيا في زيادة التوتر حتى تقدر على تحقيق أهدافها. لكن، يجب أن لا تشارك الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في هذه الاستراتيجية.
مرات كثيرة في الماضي، عندما تتحرك الأحداث بسرعة، وتكون الاستخبارات غير واضحة، تلجأ الدول إلى الدبلوماسية لوقف التصعيد...
الآن، لأن الأمور تتحرك بسرعة كبيرة، شعرنا بأهمية التأكد من أن أعضاء الكونغرس يركزون على الحل الدبلوماسي. لهذا، تحالفنا مع تنظيمات تقدمية، مثل: «بيس أكشن» (عمل السلام): «كود بنك» (علامة وردية)، وغيرهما، للتركيز على الحل الدبلوماسي.
كلنا نخاف من أن المواقف الحماسية والمتطرفة لبعض أعضاء الكونغرس ستزيد حماس العسكريين، وستدفع التطورات نحو التطرف...
أحيانا، عندما تتطور الأمور نحو التطرف، يشعر أعضاء الكونغرس من أنه يتعين عليهم القيام بشيء ما بسرعة كبيرة، ونحن نريد استباق ذلك..

جيمس كارافانو: «لنواجه الاثنتين: روسيا والصين»:


يظل واحد من أخطار المواجهة حول أوكرانيا هو الاعتقاد بأن الحكومة الأميركية يجب أن تتعامل بلطف مع الروس حتى يقدر الروس على مساعدتنا في مواجهتنا مع الصين. أو، على الأقل، منع الروس والصينيين من التحالف ضدنا...
هذه سياسة محكوم عليها بالفشل. ولن تحقق أي شيء لحماية أمننا، وذلك لأكثر من سبب:


أولاً: تتشابه أهداف الروس والصينيين في أوروبا. إنهم يريدون الأوروبيين ضعفاء ومنقسمين حتى يقدرون على استغلالهم. وعلى تهميش شراكتنا مع الأوروبيين، حتى يصبح العالم الحر منقسماً، وأكثر هشاشة.


ثانياً: لم يقدم الرئيس الروسي بوتين أي دليل، منذ توليه الحكم في عام 1999، على أنه يمكن أن يكون شريكا يثق الغرب فيه. لقد قضى بوتين أكثر من عشرين عاما وهو يحاول تقويض الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين عند كل منعطف.


ثالثاً: يجب أن يكون صناع السياسة في العالم واقعيين. يجب أن يتعاملوا مع العالم الذي هم فيه، وليس العالم الذي يريدون. اختصارا، لا يمكن أن تكون روسيا، تحت قيادة بوتين، شريكا موثوقا به في الدول الغربية. ناهيك عن التحالف معنا ضد الصين...


يجب أن نتذكر أن روسيا تريد أن تكون دولة أوروبية أكثر منها آسيوية. ولهذا، تعطى الأولوية لمواردها وطاقتها في أوروبا، لا في آسيا. رغم أنها تمتد عبر قارتين، تظل تتدخل في أماكن مثل بيلاروسيا، أو أوكرانيا. وذلك لأنها تعلم أنه من دون تأثير أو سيطرة كاملة على الدولتين، ستكون مجرد قوة آسيوية، لا قوة أوروبية..

ستيفن والت: «أوهام الليبراليين»:


أساسا، تبدأ الواقعية بالاعتراف بأن الحروب تبدأ بين الدول بسبب عدم وجود منظمة، أو قوة، أو هيئة تحمي الدول من بعضها البعض.
مع كل الاحترام لليبرالية والليبراليين، يحتاجون لمزيد من الواقعية لحماية الدول من بعضها البعض.


نعم، يقسم الليبراليون العالم إلى «دول جيدة» (التي تجسد القيم الليبرالية)، و«دول سيئة» (أي دولة أخرى). ويرون أن الحل هو إسقاط الطغاة ونشر الديمقراطية في الدول «السيئة».


بالنسبة لمشكلة أوكرانيا، نعرف كلنا أن الروس ما كان عندهم خيار سوى القبول بانضمام بولندا، والمجر، وجمهورية التشيك إلى حلف الناتو (بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وسقوط الشيوعية، مع بداية تسعينات القرن الماضي). لكن، زادت مخاوف الروس مؤخرا بعدما أبدت كل من أوكرانيا وجورجيا رغبتهما في الانضمام إلى حلف الناتو...


لم يساعد الروس التأكيد الشفهي من وزير الخارجية الأميركي، جيمس بيكر، للزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف عام 1990 أنه إذا سمح الروس بتوحيد ألمانيا داخل حلف الناتو، فلن يتحرك حلف الناتو «بوصة واحدة شرقاً».
لكن، ظهرت مشكلتان:
الأولى، لم يحتفظ غورباتشوف بتعهد مكتوب من بيكر.
الثانية، نفى بيكر أنه قدم هذا التعهد...


في عام 2003. زادت شكوك الروس عندما غزت الولايات المتحدة العراق. وتجاهل الغزو القانون الدولي، حتى باعتراف غير الروس. وفي عام 2011. زادت شكوك الروس أكثر عندما قرر مجلس الأمن الإطاحة بالرئيس الليبي معمر القذافي. كانت روسيا امتنعت عن التصويت على القرار الذي فرق بين حماية الشعوب وحماية الحكام...
الحقيقة الأكثر مأساوية في هذه القصص التعيسة في العلاقات الدولية الحديثة، هي أنه كان ممكنا، في حالات كثيرة، تجنب حروب، وقتلى، وجرحي، ولاجئين، ومنفيين.


بالنسبة لليبراليين، صار واضحا وجود تناقض كبير، ودموي، بين مثاليتهم، وواقعية ما يحدث في العالم أمام أعيننا. وإذا لم يخففوا من غطرستهم الليبرالية، فيجب أن لا يستغربوا إذا قادونا إلى حرب أخرى في أوكرانيا..

 

font change