قيادي بحزب المستقبل التركي: الأزمة الاقتصادية الحادة دفعت أنقرة للتصرف بعقلانية أكثر

نائب داود أوغلو يرحب عبر «المجلة» بمحاولات أنقرة للتقارب مع دولٍ عربية

قيادي بحزب المستقبل التركي: الأزمة الاقتصادية الحادة دفعت أنقرة للتصرف بعقلانية أكثر

القامشلي: انتقد مسؤول بارز في حزبٍ تركي كان يشغل في السابق منصب نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، قبل أن يتقدّم باستقالته منه في شهر سبتمبر (أيلول) 2019، السياسات الخارجية للحزب وزعيمه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وذلك عقب زيارة الأخير لدولة الإمارات العربية المتحّدة وإعلانه في وقتٍ سابق عن زيارةٍ مرتقبة إلى المملكة العربية السعودية لم يحدد موعدها حتى الآن.

واستهجن آيهان سفر أوستن نائب رئيس حزب المستقبل الذي يقوده رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داود أوغلو، الاتهامات التي وجهها إردوغان لعددٍ من الدول والتي أدت لتدهور علاقات أنقرة معها قبل أن يقوم أخيراً بمخاطبتها مجدداً لإقامة علاقاتٍ جديدة معها على أساس «الربح المتبادل»، على حدّ تعبّيره.
ولم يعلن الرئيس التركي بعد عن موعد زيارته المرتقبة إلى الرياض، لكنه زار دولة الإمارات منتصف شهر فبراير (شباط) الجاري، وذلك بعد مرور نحو 3 أشهر على زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد إلى أنقرة في زيارةٍ كانت الأولى له منذ العام 2012.

وقال أوستن وهو أيضاً برلماني سابق عن الحزب الحاكم وأحد مؤسسي حزب المستقبل إن الحزب الذي يشغل فيه حالياً منصب نائب الرئيس، «يرحّب بإقامة علاقاتٍ جيدة مع كلّ الدول لا سيما تلك التي تقع في جوار تركيا»، مشدداً على أن «حزب المستقبل يرغب أيضاً في أن تحافظ أنقرة على علاقاتٍ خارجية جيدة».

وأضاف في مقابلةٍ مع «المجلة» أن «رئيس حزبنا الحالي داود أوغلو عندما كان وزيراً للخارجية وكذلك حين كان يمارس مهامه كرئيسٍ للوزراء اتّبع سياسة (صفر مشاكل)، لكن إردوغان استخدم السياسة الخارجية كأداة في السياسة الداخلية طيلة السنوات الأربع أو الخمس الماضية وهو ما أدى إلى حدوث توتراتٍ غير مناسبة في علاقات أنقرة الخارجية وبعضها يستمر حتى الآن».

وتابع أوستن: «لا نعترض اليوم على إقامة تركيا لعلاقاتٍ جيدة مع الخارج، لكننا نستهجن توجيه أنقرة اتهاماتٍ لدولةٍ ما ومن ثم السعي لإقامة علاقاتٍ معها وكأن شيئاً لم يحدث قبل ذلك».

وإليكم النص الكامل للمقابلة التي أجرتها «المجلة» هاتفياً مع المسؤول التركي المقيم في العاصمة أنقرة:


* باعتقادكم ما الأسباب التي أدّت إلى تدهور علاقات تركيا الخارجية في السنوات الماضية؟

- خلال الفترة التي تولّى فيها داود أوغلو رئيس حزبنا الحالي منصب وزير الخارجية في البلاد وأيضاً عندما كان رئيساً للوزراء، اتّبعت أنقرة سياسة «صفر مشاكل» مع دول الجوار وكذلك اتّبعت استراتيجية متعددة الاتجاهات في السياسة الخارجية كما في العلاقات مع أميركا الجنوبية ودولٍ أفريقية، لكن بعد ذلك استخدم الرئيس التركي السياسة الخارجية كأداةٍ في السياسة الداخلية، وهو ما أدى فعلياً إلى تدهور علاقات أنقرة مع الخارج وبعض هذه التوترات متواصلة حتى الوقت الراهن.


* لكن الرئيس التركي يحاول اليوم إعادة ضبط علاقات بلاده مع الخارج، ما موقفكم مما أقدم عليه مؤخراً؟
- نحن في حزب المستقبل، نرغب في أن تحافظ تركيا على علاقات جيدة مع كافة الدول وخاصة مع الجوار، ولذلك نجد أن التقارب الأخير بين أنقرة وأبوظبي على سبيل المثال أمر إيجابي بالطبع، لكننا نعترض على خطاب الحكومة المتناقض كما فعلت مع أبوظبي، فالوزراء الذين يشغلون مناصبٍ سياسة هامّة في الحكومة وحتى الرئيس التركي إردوغان، اتّهموها بشكلٍ علني بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكمه والتي حصلت في 15 يوليو (تموز) من العام 2016، ومن ثم يقيمون علاقاتٍ معها الآن وكأن شيئاً لم يكن، ولذلك علينا طرح بعض الأسئلة للحكومة التركية، ومنها: إذا كانت الإمارات تقف بالفعل خلف تلك المحاولة الانقلابية، كيف يمكن أن يكون هناك تقارب معها الآن بهذه السهولة؟ ثم السؤال الآخر الذي يتبادر إلى الذهن: كيف يمكن توجيه تلك الاتهامات بسهولة وتعطيل علاقاتنا مع دولةٍ ما، إذا لم تكن في الأصل وراء انقلاب 15 يوليو (تموز). على الحكومة أن تقدّم أجوبةً كافية للناس على هذه الأسئلة البديهية.


* ما الأسباب التي دعت أنقرة لمراجعة علاقاتها الخارجية في الوقت الراهن؟

- هناك أزمة اقتصادية حادة في تركيا، لذلك قررت الحكومة التصرف بشكل أكثر عقلانية في السياسة الخارجية من أجل التعامل مع المشاكل الاقتصادية (في الداخل)، ولهذا فهي تريد فتح صفحةٍ جديدة في العلاقات مع عددٍ من الدول كإسرائيل وأرمينيا ودولٍ عربية كالإمارات التي أحزرت تقدّماً كبيراً في العلاقاتٍ معها، والمملكة العربية السعودية التي باعتقادي يمكن تحقيق تقاربٍ سريعٍ معها في الفترة المقبلة.

* هل الأزمة الاقتصادية هي التي ترغم الرئيس التركي على إقامة هذه العلاقات؟ وهل استفاد من بعضها؟

- يعاني الاقتصاد التركي من أزمات نادرة الحدوث للغاية، فالأزمة الاقتصادية طويلة الأمد وصلت إلى مستوى الكساد نتيجة سوء الإدارة، وبما أن الحكومة الحالية لم تستطع السيطرة عليها، فقد تسببت في رفع المؤشرات الثلاثة: سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية، والتضخم، والفائدة، في نفس الوقت. وبالتالي تواجه تركيا عاصفة في الاقتصاد، ولذلك العلاقات مع الدول العربية مثلاً ستكون بلا شك مفيدة للاقتصاد المحلي. ومع ذلك، فقد ركزت الحكومة التركية على معاملات المقايضة مع البنوك المركزية للدول العربية بدلاً من إقامة العلاقات الاقتصادية والتجارية الدائمة وذلك سعياً منها إلى حل الاحتياجات العاجلة من الاقتراض والنقد الأجنبي، ولو جزئياً. لذلك، من الواضح أن هذا النهج لن يوفر فوائد مستدامة.

* إذن هل يمكن أن تؤدي الأزمة الاقتصادية الراهنة في تركيا إلى إجراء انتخاباتٍ رئاسية وبرلمانية مبكّرة؟
- عندما نسأل عمّا إذا كانت هناك حاجة لإجراء انتخابات مبكرة في تركيا، الجميع يقول نعم. لكن في وقت بلغت فيه الأزمة الاقتصادية ذروتها، فأرى أن التحالف الحاكم لن يذهب إلى انتخابات سيخسرها. الحكومة تحاول كسب الوقت لإصلاح الأمور، ولا يمكنها الذهاب إلى انتخابات مبكرة دون التأكد من كونها لصالحهم. وفي حالة حدوث تحسّن جزئي، قد يقرر التحالف الحاكم إجراء انتخابات مبكرة في أكتوبر (تشرين الأول) أو نوفمبر (تشرين الثاني) المقبلين من العام الجاري.

 

font change

مقالات ذات صلة