الأمير رضا لـ«المجلة»: الشعب لا الجيش سيسقط النظام الإيراني

النظام الإيراني الحالي لن يسقط بانقلاب عسكري بل عن طريق الشعب المدعوم من الجيش

الأمير رضا لـ«المجلة»: الشعب لا الجيش سيسقط النظام الإيراني

الأمير رضا لـ«المجلة»: الشعب لا الجيش سيسقط النظام الإيراني

قبل بضعة أسابيع، ظهر آية الله الخميني على شاشة التلفزيون الإيراني، وهاجم الأمير رضا النجل الأكبر لشاه إیران الراحل، بطريقة أثارت دهشة الأوساط السياسية والدبلوماسية في طهران. ومن أسباب الدهشة أن الخميني لم يسبق أن شن حملة كهذه على الأمير رضا، كما أنه يتجنب عادة ذكر أسماء خصومة حين يتحدث عنهم، بل يحرص على مهاجمتهم بالتلميح أو باستخدام صفات سيئة، لكن الأمر كان مختلفا هذه المرة فقد شاهد الإيرانيون الخميني يلوح بإصبعة أمام كاميرات التلفزيون الإيراني في اتجاه عدو خفي وبعيد ويقول: إنني أتحدث إليك أيها الشباب. يجب أن تستمع إلى يا رضا من الأفضل لك أن تركز على دراستك وأن لا تنخدع بحديث الساسة القدامي الذين يسعون إلى الحصول على أموال أبيك..

وكانت لهجة الغضب تبدو بوضوح في صوت الخميني الذي كان يتحدث بعد يوم واحد من مظاهرة غريبة نظمها معارضوه، وحرم المشتركون فيها بأفضل ما لديهم من ثياب وهم يطلقون أبواق سياراتهم ويشعلون مصابيحها الكاشفة في جو ينم على الاحتفال. وكان المتظاهرين يحتفلون بالذكرى السنوية للدستور الملكي الذي صدر سنة 1906، وكانت كلمة السر في هذا الاحتفال عد إلى وطنك يا رضا. ورضا هو الابن الأكبر للشاه الراحل وولي العهد الذي أعلن نفسه ملكا شرعيا لإيران، ولكن الخميني ومساعديه لم يعترفوا بوجوده كعدو خـطير لهم إلا قبل فترة قصيرة وأدى حديث الخميني إلى حملة هجوم شنهـا رجال الدين في كل أنحاء إيران على الأمير رضا. وبعد يومين قام الأمير بهجوم مضاد في رسالة وجهها عن طريق الإذاعة إلى الخميني قال فيها لقد تعلمت أهم درس يجب أن يتعلمه كل إيراني، وهو درس الوطنية.


وأضاف أنه يعرض على الأمة الإيرانية التقدم والسلام والعـزة لي مقابل الحرب والإرهاب، التي تؤدي إليها سياسة الخميني.
وبثت هذه الرسالة محطات إذاعة سرية عديدة في أنحاء إیران، وتناقلها الناس. وبدا أن هذه الرسالة کسبت تعاطف الكثيرين في إيران، ومنهم بعض الذين لا يعتقدون أن عودة الأمير رضا يمكن أن تحل مشکلات إيران المعقدة. وقال الناس في طهران متندرين: «انتهت هذه الجولة بفوز رضا على الخميني، والنتيجة واحد صفر.. وفي اليوم التالي بدأت حملة اعتقالات للمشتبه بتعاطفهم مع الأمير رضا، وتم إعدام بعض ضباط الجيش المتقاعدين والعاملين باعتبارهم من أنصاره، وذلك للمرة الأولى منذ عامين تقريبا.

الأمير رضا

ماذا يقول الأمير رضا؟
أین يقيم الأمير رضا الآن؟ كيف يفكر ويعمل ويتحرك؟
الأمير رضا يتنقل بين المغرب وبعض العواصم الأوروبية والعربية، لديه مكتب في فيللا قرب الرباط يعمل فيه عدد من أعوانه. مستشاروه الإيرانيون موزعون بين دول الشرق الأوسط وأوروبا الغربية والولايات المتحدة، وينسق بين هؤلاء المستشارين محمود فروغي السفير الإيراني السابق في واشنطن ورجل الدولة العجوز الذي يحظى باحترام كبير.
وهناك أكثر من 100 تنظیم مختلف يؤيد الأمير رضا وعودته إلی إیران. وأهم تنظيمين يناصـران الأمير رضا هما جبهة الخلاص الإيرانية، التي يتزعمها الدكتور علي أميني، وجبهة المقاومة الوطنية بقيادة شابور بختيار. وكلا الرجلين شغل منصب رئيس الوزراء في عهد الشاه، ويحاول كلاهما التزام طريق الوسط، ويعتبران أن عودة الملكية إلى إيران «أمر حتمي». ومع ذلك ليس هناك تنظيم سیاسي خاص برضا الثاني الذي يدعوه أنصاره المخلصون «صاحب الجلالة الإمبراطوري».
ويعتقد الأمير رضا أنه يجب أن يرتفع فوق مستوى العمل السياسي اليومي وأن يسمح للأحزاب والتنظيمات المختلفة بالمنافسة. والأمير رضا طيار مدرب على القاذفات المقاتلة ورام ماهر، وقد اضطر في الأشهر الأخيرة إلى الحد من نشاطه الرياضي، لكنـه بـرغم ذلك يخصص ساعتين يوميا لممارسة الجودو وفنون القتال الشرقية الأخرى. والأمير رضا متمسك بدينه، ويحرص على تأدية فروض الإسلام.
وفي مقابلة أجرتها معه «المجلة»، مؤخرا قال الأمير رضا: الإسلام يشبه الهواء الذي نتنفسه. وهو الشرط الأساسي لحياتنا كأمة في هذا العالم، ولكن ذلك لا يعني أن نحول الإسلام إلى مادة للاستعراض کما يود أن يفعـل هواة الاستعراض في طهران اليوم..
ويعتقد الأمير رضا أنه يستطيع أن يصبح لإیران، مع السماح بأن يرأس الحكومة سياسي يختاره الناخبون ويقول الأمير رضا مؤكدا: «الملكية ليست عقيدة سياسية إنها أسلوب من أساليب الحياة تطور على مدى قرون، واختبرته الأجيال المتعاقبة في ظروف الحياة الواقعية». ويضيف الأمير رضا: «لننظر إلى منطقتنا، وسنجد أن الأنظمة الملكية تؤدي إلى التقدم والسلام»..
وعندما سألت الأمير رضا عن توقعاته بالنسبة إلى كيفية الإطاحة بنظام الحكم الحالي في إيران، أجاب قائلا: «عن طريق الشعب»..
ويستبعد الأمير رضا وقوع أي انقلاب عسكري تقليدي من جانب الجيش الإيراني ولا يعتقد أن القوات المسلحة ستصبـح «الحكم في مصير الأمة»، ولكن الجيش سيوفر بالطبع القوة التي يحتاج إليها الشعب في استعادة حريته.
والسؤال المطروح الآن يدور حول مدى فرص الأمير رضا في النجاح، ولا بد أن تكون الإجابة على هذا السؤال من قبيل التخمينات في الوقت الحالي على الأقل.
وتؤيد الأغلبية العظمى من الإيرانيين الذين يعيشون الآن في المنفى- ويقدر عددهم بمليونين- عودة الملكية، لكن عدد سكان إیران يصل إلى 40 مليونا، نصفهم متفـرق في 60 ألف قرية تقريبا وليست لديهم أي وسيلة للتعبير عن رغباتهم. وإلى جانب ذلك ليس هناك تعبير صحيح عن الآراء السياسية في المدن نفسها بسبب سياسة الإرهاب والإعدام بالجملة التي يتبعها النظام الإيراني الحالي والمعلومات الواردة من إيران تظهر أن الملكية تكتسب شعبية واسعة في إيران وترجع هذه الشعبية أساسا إلى خيبة الأمل المريرة التي يشعر بها الشعب تجاه نظام الحكم الحالي.
في هذا النطاق سيحتفل رضا الثاني بعيد ميلاده الثاني والعشرين يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في حفل خاص صغير يحضرة عدد محدود من الأصدقاء والمستشارين، ولكن إذا حكمنا بما حدث في العام الماضي، فإن من المرجح أن يتلقى الأمير الشاب التهاني والتمنيات الطيبة من آلاف المؤيدين والأنصار، كما يرجح أن يتلقى باقات من الورود من الملك الحسن الثاني، والرئيس حسني مبارك، والملك حسين، ومن معظم الملوك والأمراء الأوروبيين وأيضا من الرئيس الروماني نيكولاي تشاوشيسكو، الذي كان واحدا من أقرب الأصدقاء الشخصيين للشاه الراحل.
وفي إيران نفسها يخطط أنصار الأمير رضا لإظهار قوتهم عن طريق رفع الشعار الذي يجمـع بينهم: «عد إلى وطنك يا رضا».

font change