دمشق: لا يُمكن أن تختفي الحرب السوريّة من يوميّات شعبها، وشوارعها، وبيوتها، ولا حتى من ثقافة الحاجات اليومية لدى أي مواطن، والتي تشير التقارير الدولية إلى تفاقمها البالغ مع بلوغ معدلات الفقر مستويات تثير الفزع. لكن شيئا من هذا يملك ظهورا مختلفا في اليوميات السورية. فرغم ما تشوّهه تبعات الحرب في النفوس، إلا أن مقدارا مقاوما وخفيّا يظهر لدى الشعوب عموما لنزع أشكال التألّم والتأثّر، حتى وإن بدت هذه المقاومة سطحية، أو بمعنى آخر مجرد نزعة تحويليّة لأثر الحرب.
يميل علماء النفس إلى جعل الناجين من الحرب وتبعاتها ضحايا مختلفي السلوك، أي أن شعورهم بالنجاة يرافقهم بشكلٍ خفي، وهذا الشعور يحمل لديهم رغبة مختلفة نحو الحياة، كالبحث عن أشدّ الرغبات الحسيّة تحقّقا وبساطة. شيءٌ من هذا يبرز في الإعلانات الهائلة الانتشار لعمليات التجميل والانجذاب إليها، بدءا من "إصلاح" شكل الوجه عبر عملياتٍ تقليديّة، إلى انتشار نزعةٍ جماليّةٍ صناعيٌة للشفاه والخدود والأسنان والفك والحواجب، وتفاصيل الجسد الأخرى.
