النازحون ...مشاكل مزمنة وحلم بالعودة

لا تزال إدلب ملجأ كبيرا للنازحين ويشكلون نصف السكان

Manon Biernacki
Manon Biernacki

النازحون ...مشاكل مزمنة وحلم بالعودة

شهدت بعض مناطق سوريا تحركات نزوح جديدة بفعل انعدام الأمن القائم، في حين اختار عدد قليل من السكان النازحين واللاجئين في دول الجوار العودة بشكلٍ تلقائي إلى المناطق التي يتحدرون منها. ولا تزال إدلب في شمال غربي سوريا، ملجأ كبيرا للنازحين ويشكلون نصف الأربعة ملايين شخص فيها.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى وصول عدد النازحين داخليا في سوريا إلى 6.7 مليون شخص. ويقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن نحو 448 ألف نازحٍ قد عادوا إلى المناطق التي يتحدرون منها عام 2020، وهو عدد أقل بشكلٍ طفيف من الـ494 ألف شخص الذين أفيد عن عودتهم عام 2019. وتعد محافظتا إدلب وحلب موطنا لملايين العائلات النازحة داخل سوريا.

وحصل 1,430,563 سورياً– بما في ذلك نازحون وعائدون وأفراد من المجتمعات المضيفة– على بطاقات الهوية والدفاتر العائلية وشهادات الميلاد بدعمٍ من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. كما تلقى 239,161 لاجئا وطالب لجوء ونازحا وعائدا، المساعدة القانونية. ويعاني قاطنو الخيام النازحون من مشاكل مزمنة، ترافقهم منذ بدء حياة النزوح قبل عدة سنوات، والتي تعتبر الحرائق أبرزها، خاصةً مع الاعتماد على وسائل تدفئة غير صحيحة.

يضاف إلى ذلك انتشار ظاهرة الصرف الصحي المكشوف ضمن المخيمات، الأمر الذي يزيد من معاناة النازحين، حيث تبلغ نسبة المخيمات المخدمة بالصرف الصحي 37 في المئة فقط من إجمالي المخيمات، في حين أن المخيمات العشوائية لا تحوي هذا النوع.

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى وصول عدد النازحين داخليا في سوريا إلى 6.7 مليون شخص. ويقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن نحو 448 ألف نازحٍ قد عادوا إلى المناطق التي يتحدرون منها عام 2020

وتتمثل المشكلة الثالثة بغياب المياه النظيفة والصالحة للشرب عن 47 في المئة من المخيمات.

وتعتبر زيادة الأمراض الجلدية من المشاكل التي تواجه مئات آلاف السوريين بسبب انتشار الحشرات واستخدامات المياه، كما يوجد أكثر من 67 في المئة من المخيمات لا تحوي نقاطا تعليمية أو مدارس، حيث يضطر الأطفال إلى قطع مسافات طويلة للحصول على التعليم.

في حين تكمن المشكلة الرئيسة، في الواقع الغذائي، حيث تواجه 81 في المئة من المخيمات أزمة تأمين الغذاء نتيجة ضعف الاستجابة الإنسانية ضمن هذا القطاع.

هل شروط عودة اللاجئين متوفرة؟

تأتي قضية اللاجئين في صلب الأزمة السورية، وكانت من بين المواضيع الرئيسة التي ناقشها وزراء الخارجية العرب في الاجتماع التحضيري للقمة العربية بمدينة جدة السعودية. كما نص عليها قرار عودة سوريا إلى الجامعة في اجتماع المجلس الوزاري يوم 7 مايو/أيار 2023.

ولا تزال العودة تنتظر توفر الشروط المناسبة، بينها ضمانات بعدم الملاحقة الأمنية والاعتقال، إضافة إلى العوامل الاقتصادية والإعمار.

Manon Biernacki

واستضافت دول جوار سوريا، أكثر من 5.6 مليون لاجئ سوري، إضافة إلى أعداد كبيرة في دول أخرى، وأصبح السوريون يشكلون أكبر عدد من اللاجئين في العالم، ويعيش معظمهم في دول الجوار، أي تركيا والأردن ولبنان، بالإضافة إلى أعداد أقل في العراق ومصر.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) عن وزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد، قوله قبل انعقاد قمة جدة: "يجب على اللاجئين السوريين أن يعودوا إلى وطنهم وهذه العودة تحتاج إلى إمكانات، لكن سواء شجعتهم الدول الغربية على العودة أو عرقلت ذلك، فسوريا ترحب بكل أبنائها، مشيرا إلى أن اللجوء مسألة فيها عبء، لكن سوريا تريد لكل أبنائها اللاجئين أن يعودوا إلى وطنهم، ليكون هذا العبء على الوطن وليس على الآخرين".

ورغم أن كثيرا من المناطق في سوريا لم تشهد أي أعمال قتالية منذ سنوات، فإنّ البلد ما زال يصنف "غير آمن"، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي أكدت أنها لن تسهّل عمليات العودة الجماعية في ظل غياب شروط الحماية الأساسية، لكنها ذكرت أنها ستساعد اللاجئين الأفراد الذين يقررون العودة طواعية وبكرامة.

وقد تساعد الأمم المتحدة بعض اللاجئين في إعادة التوطين داخل بلد ثالث، لمن لا يستطيع منهم الاندماج في سوريا أو العودة على نحو آمن إلى وطنهم. ويتم تحديد الأهلية لإعادة التوطين بغض النظر عن العرق أو الأصل الإثني أو الجنس أو الحالة الاجتماعية أو المستوى التعليمي أو الوضع الاجتماعي أو الجنسية أو الدين. ورغم ذلك، ينبغي أن تنطبق عليك معايير إعادة التوطين لكي يتم اختيار الشخص لإعادة التوطين.

وتُعتبر إعادة التوطين حلا لا يتوفر إلا في ظروف خاصة جدا ولعدد قليل جدا من اللاجئين. ولا يوجد أيّ التزام على الدول بقبول اللاجئين لإعادة التوطين. وتقوم المفوضية بتحديد اللاجئين الأكثر ضعفا للنظر في إعادة توطينهم.

تعتبر زيادة الأمراض الجلدية من المشاكل التي تواجه مئات آلاف السوريين بسبب انتشار الحشرات واستخدامات المياه، كما يوجد أكثر من 67 في المئة من المخيمات لا تحوي نقاطا تعليمية أو مدارس

وفي العام الماضي، أعلن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، أن المفوضية تستمر في العمل مع الحكومة السورية للمساعدة في خلق ظروف مواتية لعودة اللاجئين.

وتقول المفوضية إن قلق اللاجئين يعود إلى الخشية من تجدد الأعمال العسكرية، والظروف الإنسانية، وإنها تسعى جاهدة لتبديد تلك المخاوف بالعمل مع دمشق.

الحاجات تزيد... والتمويل يتراجع

ظلّت الاحتياجات الإنسانية ومخاطر الحماية، مستمرة في سوريا منذ بدء الحرب عام 2011. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 13 مليون شخصٍ في سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، بينهم أكثر من 4 ملايين طفل. كما أن نصف مليون طفل في سوريا يعانون من سوء تغذية مزمن.

جاءت هذه الزيادة في الاحتياجات الإنسانية بشكل رئيس نتيجة وباء كورونا وانخفاض قيمة الليرة السورية ونقص الوقود، فضلا عن تحديات المناخ السياسي والاقتصادي في البلاد.

وأشارت الأمم المتحدة إلى الحاجة للمزيد من التمويل لتقديم المساعدات المنقذة للحياة لأكبر عدد ممكن من الناس في جميع أنحاء سوريا، وفي الدول المجاورة.

وبحسب المنظمات الإنسانية، يعيش في شمال شرقي سوريا نحو 100 ألف شخص في المخيمات، لا يحصل هؤلاء على الخدمات الأساسية، وتنحسر آمالهم في العودة الفورية إلى منازلهم.

وفي المناطق الأخرى، يعتمد كثير من السوريين الذين انقلبت حياتهم رأسا على عقب بسبب الصراع على المساعدات الإنسانية لإطعام أسرهم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.

Manon Biernacki

وبحسب الأمم المتحدة، ثمة حاجة هذا العام إلى الحصول على تمويل بقيمة 3.3 مليار دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية داخل سوريا، و5.2 مليار دولار لمساعدة اللاجئين السوريين في الدول المجاورة، ودعم المجتمعات المضيفة.

وتحذر لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا في تقريرها الأخير من أن السوريين يواجهون معاناة وصعوبات ناجمة عن العواقب المميتة للصراع المستمر منذ 12 سنة وتصاعد حدة الحرب على طول الجبهة الشمالية.

ويقول التقرير: "يواجه السوريون اليوم مشقات متزايدة لا تطاق، ويعيشون وسط أنقاض هذا الصراع الطويل. ويعاني الملايين ويموتون في مخيمات النازحين، بينما تغدو الموارد أكثر ندرة ويزداد الفتور في همة المانحين".

انعدام الأمن الغذائي

قال برنامج الأغذية العالمي إن نحو 12.1 مليون شخص في سوريا، أي أكثر من نصف عدد السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

ويعزى هذا التدهور في الأمن الغذائي إلى أسباب عدة، بينها اعتماد البلاد الشديد على الواردات الغذائية، بعدما كانت تتمتع باكتفاء ذاتي في إنتاج الغذاء في الحقبة الماضية، فضلا عن آثار الصراع الذي تجاوز عامه الثاني عشر. هذا بالإضافة إلى الدمار الذي خلفته الزلازل التي ضربت سوريا وتركيا مؤخرا.

أمراض فتاكة... وويلات

لا يزال السوريون الذين نجوا من ويلات الحرب معرضين لأمراض فتاكة، مثل الكوليرا المتفشية حاليا في 6 محافظات، بحسب منظمة الصحة العالمية.

فقد خلّفت 12 عاما من الصراع آثارا مدمرة على السوريين: 64 في المئة من المستشفيات و54 في المئة من مراكز الرعاية الصحية الأولية فقط تقوم بوظائفها بشكل كامل. ونحو 70 في المئة من العاملين في القطاع الصحي تركوا البلاد. واليوم، يعاني أكثر من 20 ألف طفل سوء التغذية.

تكمن المشكلة الرئيسة، في الواقع الغذائي، حيث تواجه 81 في المئة من المخيمات أزمة تأمين الغذاء نتيجة ضعف الاستجابة الإنسانية ضمن هذا القطاع

عدد القتلى المدنيين في سوريا

قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يونيو/حزيران 2022 إن ما لا يقل عن 306.887 مدنيا لقوا حتفهم في سوريا خلال الصراع منذ مارس/آذار 2011، أو ما يعادل نحو 1.5 في المئة من عدد السكان قبل الحرب. وهناك تقديرت بأن العدد يصل إلى 600 ألف قتيل.

وقد أشار التقرير إلى أن هذه التقديرات لا تمثل "سوى جزء من إجمالي الوفيات"، لأنها تشمل فقط أولئك الذين لقوا حتفهم كنتيجة مباشرة للحرب. كما أنها لم تشمل الوفيات من غير المدنيين.

أطفال الحرب... وضحاياها

وصل العدد الإجمالي للقتلى والجرحى من الأطفال، منذ بداية الأزمة، إلى نحو 13 ألفا، وفقا لآخر إحصائية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).

ووُلد نحو 5 ملايين طفل منذ عام 2011، ولم يعرفوا شيئا سوى الحرب والنزاع. في أجزاء كثيرة من سوريا، وما زالوا يعيشون في خوف من العنف والألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب. ووفقا لمسح للمنظمة العام الماضي، أظهر ثلث الأطفال علامات الضيق النفسي.

هوس واكتئاب... وإدمان

يعاني السوريون بشكل متزايد من اضطرابات نفسية نتيجة تردي الواقع المعيشي والخدمي باطراد منذ ما يزيد على 12 عاما، حسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية.

وتشير المنظمة إلى أن أعدادا كبيرة من المرضى الذين تحدث فريقها معهم خلال مسح ميداني، مصابون بجميع الحالات العقلية والنفسية، وأن الأمراض الأكثر شيوعا هي الذُهان والهَوَس والإدمان والاكتئاب.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك مشفيين فقط للأمراض العقلية والنفسية في سوريا.

الليرة تتهاوى أمام الدولار

تهاوى سعر العملة السورية خلال سنوات الحرب، وسجلت خلال الشهر الأخير أدنى سعر لها أمام الدولار منذ عام 2011، وسط ارتفاع كبير في أسعار السلع المختلفة.

وبلغ سعر صرف الدولار حوالي 9 آلاف ليرة سورية بعدما كان 46 ليرة قبل 12 سنة. وتعتمد سوريا في معظم تعاملاتها على الدولار الأميركي الذي يعد حجر الزاوية للعقوبات الغربية بقيادة واشنطن التي تستعمل عملتها كرأس حربة لفرض العقوبات ردا على قمع دمشق الاحتجاجات بعد 2011.

ويعتمد معظم السوريين على السوق السوداء، حيث يرسلون حوالاتهم من الخارج إلى شركات ومكاتب الصيرفة، لتقوم تلك المكاتب والشركات بدورها بإرسال الحوالات الخارجية إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية.

Manon Biernacki

ولا يزال الاقتصاد السوري يعاني من العقوبات الغربية، وتعتبر طهران من أبرز حلفاء دمشق إلى جانب موسكو ، وخلال السنوات الماضية قدمت لها دعما عسكريا وسياسيا واقتصاديا.

وأدى الصراع وعواقبه إلى إضعاف الاقتصاد السوري بشكل كبير، فقد جلب عقوبات غربية، وأدى إلى ظهور أمراء حرب، فضلا عن استشراء الفساد.

وفي الوقت الذي كان فيه معدل الأجر الشهري يتراوح بين 300 إلى 600 دولار قبل اندلاع الحرب، أضحى بحدود 20 إلى 50 دولارا في الوقت الحاضر. وحسب برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن 67 في المئة من السوريين أضحوا بحاجة إلى مساعدات شهرية  لمواجهة الجوع. ومن أبرز العقوبات الغربية، قانون أميركي يسمى "قانون قيصر" والذي يحظر التعامل مع جميع المصارف السورية ويفرض عقوبات صارمة على الشركات والأفراد الذين يتعاملون ماليا مع الحكومة السورية. وينص القانون أيضا على معاقبة أي شركة أجنبية تتعامل مع سوريا.

ومن الجدير بالذكر أن حظر التعامل المالي مع سوريا يمنع وصول أية سلعة إليها من دول كثيرة، بما فيها الأغذية والأدوية. وسُمِّي مشروع القانون "قيصر" نسبة لشخص قيل إنه سرّب معلومات وصورا لضحايا تعذيب في سوريا بين 2011 و2014. وقدّرت الأمم المتحدة أن الحرب كلّفت اقتصاد سوريا نحو 388 مليار دولار.

90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر

قدرت الأمم المتحدة العام الماضي أعداد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بأكثر من 90 في المئة من إجمالي عدد سكان البلاد، وأشارت إلى أن كثيرا منهم يضطر إلى اتخاذ خيارات صعبة للغاية لتغطية نفقاتهم.

ودعت المجتمع الدولي إلى تقديم مساعدات عاجلة "منقذة للحياة" وإيصالها بشكل فعال وشفاف إلى ملايين الأشخاص المحتاجين في شمال غربي سوريا، حتى يتمكنوا من إعالة أنفسهم بكرامة.

وتقول المنظمة الدولية إنه علاوة على الفقر المتزايد وأزمة المياه وتدهور الأمن الغذائي، يواجه السكان في سوريا أيضا عودة ظهور حالات الإصابة بفيروس كورونا.

تأتي قضية اللاجئين في صلب الأزمة السورية، وكانت من بين المواضيع الرئيسة التي ناقشها وزراء الخارجية العرب في الاجتماع التحضيري للقمة العربية بمدينة جدة السعودية

وبحسب تقرير نشره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، ارتفع عدد من يحتاجون إلى مساعدات من 13,4 مليون شخص خلال العام الماضي إلى 14,6 مليون شخص حاليا.

وأنهكت سنوات الحرب الاقتصاد ومقدّراته، بينما تتضاءل تدريجيا قدرة الحكومة على توفير الاحتياجات الرئيسة على وقع تدهور سعر صرف الليرة السورية.

وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فإن 76 في المئة من الأسر غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية، بزيادة قدرها 10 في المئة عن العام الماضي.

وأوضح المكتب أن السكان الذين لم ينزحوا أو عادوا إلى مناطقهم قبل يناير/كانون الثاني 2021، أصبحوا أيضا غير قادرين بشكل متزايد على تلبية احتياجاتهم الأساسية. ورأى في ذلك "مؤشرا" على اتساع نطاق الأزمة.

وفي العام 2021، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 9,2 مليون شخص من الأكثر ضعفا احتاجوا للمساعدة، وهو ما يشكل "زيادة بنسبة 44 في المئة" مقارنة مع العام السابق. ويسلط ذلك "الضوء على الانعكاس الكبير للتدهور الاقتصادي على شرائح من السكان، ممن كانوا أقل تأثرا بشكل مباشر بالأعمال العدائية والنزوح".

وباتت سوريا بين أكثر البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم، حيث يعاني أكثر من نصف سكانها من انعدام شديد في الأمن الغذائي.

ويعتمد نحو 12.4 مليون شخص على الخبز من المخابز العامة لتلبية الحد الأدنى من السعرات الحرارية اليومية. ومن خلال خطة الاستجابة الإنسانية، أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركاؤه سلسلة من التدخلات الإنسانية المتكاملة لتعزيز سلسلة القيمة من القمح إلى الخبز، والتي تعطلت بشكل كبير بسبب سنوات من الصراع.

كما يشمل ذلك إعادة تأهيل مصنع الخميرة العام الوحيد في البلاد، والذي يقع في محافظة حمص. وقبل الأزمة، كان لدى سوريا 4 مصانع تملكها الدولة توفر نحو 113 طنا من الخميرة لشبكة واسعة من المخابز العامة في جميع أنحاء البلاد بشكل يومي.

اليوم، لم يتبق سوى مصنع حمص، وسط البلاد، وهو يعمل على نطاق أقل بكثير. وخارج سوريا، تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الفقر بين اللاجئين السوريين تختلف من منطقة إلى أخرى، لكنّها تخطت 60 في المئة في بعض الدول.

وتقول الأمم المتحدة إن المجتمعات المضيفة تأثرت بهذه الأزمة، وإن 93 في المئة من اللاجئين يعيشون بين المجتمعات المضيفة وليس في مخيمات. وتستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين.

ودعت الأمم المتحدة المانحين إلى تقديم الدعم لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة، إذ إن المنظمة الدولية لا تحصل عموما سوى على 58 في المئة من التمويل المطلوب.

وتشدد الأمم المتحدة على أن الحل السياسي هو الخيار الوحيد لإنهاء معاناة المدنيين.

ونجم الصراع في سوريا عن احتجاجات سلمية على حكم الرئيس بشار الأسد في مارس/آذار 2011 وتحول إلى صراع طويل الأمد بين أطراف متعددة وتدخلت فيه قوى إقليمية وعالمية. وتوقف القتال على أغلب الجبهات منذ سنوات، لكن العنف والأزمة الإنسانية لا يزالان مستمرين مع استمرار وجود ملايين النازحين واللاجئين.

إعمار سوريا... مهمة صعبة

استعادت الحكومة السورية السيطرة على أكثر من 70 في المئة من البلاد، بعد أكثر من 12 عاما من الحرب، وبعد سلسلة من "الانتصارات" العسكرية في السنوات الأخيرة، بمساعدة روسية- إيرانية، ولكن إعادة الإعمار مهمة جسيمة، قد تبلغ مئات المليارات من الدولارات في بلد منهار اقتصاديا.

وقد دمرت الحرب جزءا كبيرا من البنية التحتية للبلاد، بما فيها شبكة الكهرباء وإمدادات الوقود والمياه، كما تضررت واحدة من كل 3 مدارس، وأصبح نصف المستشفيات والعيادات والمستوصفات خارج العمل، إضافة إلى تدمير 7 في المئة من المنازل، وتضرر 20 في المئة منها، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وفي فبراير/شباط الماضي، دعا الرئيس بشار الأسد خلال لقائه مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، إلى بذل جهود دولية للمساعدة في الإعمار. ولا تزال الحكومة السورية منبوذة غربيا، مما يعقّد الجهود الدولية للإعمار.

وعلى الرغم من العقوبات الغربية، تتلقى الأراضي السورية الخاضعة للحكومة مساعدات دولية عبر وكالات الأمم المتحدة التي يتّخذ كثير منها دمشق مقرا له. وتدخل المساعدات من تركيا عبر باب الهوى إلى إدلب، نقطة العبور التي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن بشأن المساعدات العابرة للحدود. وجرى في 13 مايو/أيار التمديد لمعبرين آخرين فتحا بعد الزلزال في فبراير/شباط الماضي.

font change

مقالات ذات صلة