العراق: اقتصاد صلب حطمته الأطماع السياسية

إمكانات استثمارية وبشرية رهينة الاستقرار والابتعاد عن الاستقطاب الطائفي

AFP
AFP
صورة جوية في 5 سبتمبر/ أيلول وتُظهر مركز تسوق في مدينة كركوك شمال العراق

العراق: اقتصاد صلب حطمته الأطماع السياسية

كان يطلق على العراق في الأزمنة الغابرة "بلاد ما بين النهرين" (Mesopotamia). اتسم العراق القديم بالتطور والتحضر مقارنة بالمناطق المجاورة له. تمكن سكان البلاد في ذلك الوقت من إنجاز اختراعات وابتكارات منذ الألف العاشر قبل الميلاد. بدأ العراقيون، آنذاك، باعتماد الزراعة كأهم نشاط اقتصادي وعمدوا إلى إحياء مناطق سكنية مستقرة. كذلك، نمت قدرات فنية وإبداعات في مجال التشكيل الفني منذ تلك الحقب التاريخية. بطبيعة الحال، أدى النشاط الزراعي إلى ابتداع الأعمال التجارية لتسويق المنتجات الزراعية والتواصل بين المدن والقرى. هذه الأنشطة حفّزت الابتكار والإبداع حيث يشير المؤرخون بأن الكتابة اخترعها العراقيون قبل 3000 سنة وكانت تسمى بالكتابة المسمارية. كذلك تمكن سكان بلاد ما بين النهرين من اختراع العجلة قبل الكتابة أو منذ 3500 سنة، وإن كان مؤرخون آخرون يزعمون بأن الآسيويين هم من اخترعوا العجلة. بيد أن متطلبات العمل الاقتصادي ربما عززت من الاختراعات والإبداعات في بلاد ما بين النهرين، ومكنت من تطوير المناطق المأهولة إلى أن تم استحداث المدن، التي تختلف عن القرى من حيث المنافع والدور في الحياة الانسانية.

بين الأمس واليوم

غني عن البيان أن العراق مر بحقب عديدة حتى وصل إلى ما وصل إليه اليوم. بعد الفتح الإسلامي، خضع العراق للخلافة الأموية ثم الخلافة العباسية، وبعدها حكمه العثمانيون لزمن طويل. بعد سقوط الدولة العثمانية، استعمر البريطانيون البلاد لفترة محددة وأخضعوها لإدارة استعمارية مهدت للاستقلال. قبل استيلاء البريطانيين على العراق في مارس/آذار 1917، سبق لهم أن أقاموا علاقات اقتصادية مع العراق في عهد المماليك والعثمانيين، وعملت شركة الهند الشرقية (البريطانية) في البصرة.

وصف البريطانيون وجودهم في العراق، بعد هزيمة القوات العثمانية، بالانتداب، وعملوا على إرسال مستشارين لتنظيم الأوضاع القانونية والإدارية وإنجاز إصلاحات اقتصادية. وقد تمكن البريطانيون من تأسيس العراق الحديث وإعلان النظام الملكي وتنصيب الملك فيصل الأول ملكاً على العراق في عام 1921. في ذلك الحين، كان العالم قد خرج للتو من الحرب العالمية الأولى التي شكلت معالم الجغرافيا السياسية للعديد من الدول، ومنها دول عربية مثل العراق وسوريا والأردن. وهكذا انعكست تلك التقسيمات السياسية على النماذج الاقتصادية التي اعتمدت لتلك الدول.

منذ أن تولى الملك فيصل الأول الحكم، اعتمد سياسات اقتصادية للارتقاء بمستويات المعيشة حيث كان سكان البلاد يعانون من الفقر والأمية وتدني الرعاية الصحية وانعدام فرص العمل. انجزت في عهده مشاريع البنية التحتية والزراعة والري وتنظيم قطاع المواصلات والنقل.

بلغ عدد سكان العراق في عام 1930 بموجب إحصاء أجرته الحكومة البريطانية 2,9 مليون نسمة. كان المقصود من التعداد التعرف على احتياجات السكان وتوزعهم الجغرافي وتحديد ثقل المدن والأولوية، أو المحافظات، مثل بغداد والموصل والبصرة وكركوك وغيرها من مدن أساسية في البلاد. استخدمت الروبية الهندية في العراق حتى نهاية الانتداب البريطاني عام 1932 وتم إصدار الدينار العراقي بموجب القانون رقم 44 لسنة 1931. منذ أن تولى الملك فيصل الأول الحكم، اعتمد سياسات اقتصادية تهدف لتحقيق تنمية وارتقاء بمستويات المعيشة حيث كان سكان البلاد يعانون من الفقر والأمية وتدني الرعاية الصحية وانعدام فرص العمل. عمدت الحكومات المتعاقبة في العهد الملكي على إنجاز مشاريع البنية التحتية والاهتمام بالزراعة وتطوير أنظمة الري وتنظيم قطاع المواصلات والنقل. يضاف إلى ذلك تشجيع القطاع الخاص على الولوج في أعمال الصناعات التحويلية.

اقتصاد نفطي منذ العشرينات

ظل الاقتصاد من عشرينات القرن الماضي حتى يومنا هذا يعتمد اعتماداً أساسياً على إيرادات النفط. عندما كانت الدولة العثمانية تهيمن على حكم العراق في عام 1901، منحت أول امتياز تنقيب عن النفط لرجل الأعمال البريطاني ويليام نيكس دارسي. لكن تدفق النفط لأول مرة في العراق كان يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1927 في كركوك. بعد ذلك، تم إبرام اتفاقيات تنقيب مع عدد من الشركات الأجنبية، وجرى تأسيس شركة البترول العراقية (IPC) وهي شركة ساهم فيها عدد من الشركات الرئيسة وأهمها شركة البترول البريطانية (BP). حاولت الحكومات في العهد الملكي أن توظف عائدات النفط على نحو رشيد، ورصدت نسبة مهمة من العائدات لمجلس الإعمار الذي يتولى إنجاز المشاريع الحيوية، من بنية تحتية ومشاريع التعليم والرعاية الصحية والإسكان. وقد تأسس مجلس الإعمار عام 1950 نتيجة لزيادة إيرادات النفــــط من 3 مليون دينار عراقي عام 1949 إلى 50 مليون دينار في عام 1953، وتعاون مع البنك الدولي للإنشاء والتعمير (International Bank for Reconstruction and Development) لتحديد هذه المشاريع. وكانت إيرادات النفط قد ارتفعت بعد اتفاق مناصفة الأرباح مع الشركات النفطية الأجنبية في عام 1951. في ذلك الوقت لم يتعد عدد سكان العراق 5,7 مليون نسمة. ظلت إيرادات النفط محدودة حتى في ذلك الوقت قياساً بعدد السكان، لكن العراق كان يملك إمكانات جيدة في قطاعات حيوية مثل الزراعة والصناعة التحويلية. وعلى الرغم من السياسات الاقتصادية المشجعة لدور القطاع الخاص في العهد الملكي الذي استمر حتى عام 1958، إلا أن دور الدولة كان محورياً في تأسيس الشركات المتخصصة في قطاع الصناعات التحويلية، ومنها صناعات الاسمنت التي أصبحت من الصناعات التصديرية.

AFP

كما أن قطاع الزراعة استفاد كثيراً من الأعمال التي أنجزتها الدولة مثل مشاريع الري والتسليف الزراعي وتشجيع المبادرات لزيادة المنتجات الزراعية مثل التمور والحبوب. يمكن الاستنتاج بأن الاقتصاد العراقي، في ظل النظام الملكي، كان اقتصادا متنوعا، وكانت هناك شراكات بين القطاعين العام والخاص في العديد من الأنشطة. لم يبرز القطاع الخاص العراقي على نحو مثير للاهتمام في مختلف العهود السياسية منذ مطلع القرن العشرين، كما هي الحال في سوريا أو مصر أو لبنان أو فلسطين، وقد يكون ذلك مرتبطا بالثقافة المجتمعية والمعطيات السياسية.

العسكر والأحزاب والاقتصاد الريعي 

منذ أن تولى العسكر والأحزاب الشمولية السلطة في العراق، تحول الاقتصاد العراقي إلى اقتصاد ريعي. ربما تدرّج الأمر خلال فترة تولي السلطة من قبل عبد الكريم قاسم ثم حزب البعث بعد انقلاب 8 فبراير/شباط 1963، لكن عندما تولى عبد السلام عارف الحكم ومناصروه من العناصر الناصرية، حاول أن يطبق إجراءات عبد الناصر في مصر بكل تفاصيلها. كان عبد الكريم قاسم قد أصدر قانون رقم 30 لسنة 1958 بشأن الإصلاح الزراعي، والذي أدى إلى تفتيت ملكية الأراضي الزراعية الكبيرة، وقد اعتمد قوانين مشابهة صدرت في مصر بعد يوليو/تموز 1952، وقوانين أخرى صدرت في الهند.

أدى سوء تطبيق القوانين وعدم التفريق بين الملاك، الاقطاعيين والمدنيين، إلى تراجع الإنتاج الزراعي وعدم توفر الإدارة الانتاجية الملائمة. كما أدى إلى هجرة أعداد كبيرة من الفلاحين إلى المدن ونشوء مناطق عشوائية حول المدن الرئيسة مثل مدينة الثورة، التي تعرف حاليا بمدينة الصدر، في بغداد وغيرها من المناطق المشابهة في مدن أخرى رئيسة. كان معظم الفلاحين يعانون من الأمية، ولذلك أوجد انتقالهم إلى المدن طبقة من العمالة الهامشية أو "البروليتاريا الرثة" (Lumpen Proletariat).

منذ أن تولى العسكر والأحزاب الشمولية السلطة في العراق، تحول الاقتصاد العراقي إلى اقتصاد ريعي

    بدأت هيمنة الدولة على الاقتصاد في العراق على نحو قاطع، ما أدى إلى تهميش دور القطاع الخاص بعد صدور قرارات التأميم في عام 1964 في عهد الرئيس الراحل عبد السلام عارف. وحافظت الدولة على ملكية المصارف وشركات التأمين والمصانع الرئيسة خلال العهود اللاحقة، وإن كانت هناك محاولات جرت أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وفي عام 1987 تحديداً، لإنجاز مشروع تخصيص وتحرير اقتصادي، حيث تضمنت تلك المحاولات بيع المزارع الحكومية ومنشآت الصناعة التحويلية وخلق منافسة في أعمال القطاع المصرفي، وإطلاق سوق للأوراق المالية وتشجيع الاستثمار الأجنبي.

AFP
مدخل مقر البنك المركزي العراقي في منطقة الشورجة ببغداد

إلا أن تلك المحاولات لم تجد تجاوبا من القطاع  الخاص المحلي أو من المستثمرين الأجانب أو العرب. وكما هو معلوم، فقد تم تأميم القطاع النفطي بالكامل في عام 1972 في عهد البعث الثاني، بعد أن قام عبد الكريم قاسم قبل ذلك في عام 1961، بإصدار القانون رقم 80، وألغى الامتياز الممنوح لشركات النفط، وحرمها من 99,5 في المئة من الأراضي المخصصة لها. وكانت بداية السبعينات تمثل مرحلة انتقال ملكية شركات النفط إلى ملكية الدول في الدول المنتجة والمصدرة للنفط.

أمم القطاع النفطي بالكامل في عام 1972 في عهد البعث الثاني، بعد أن اصدرعبد الكريم قاسم، قبل ذلك في عام 1961، القانون رقم 80، وألغى الامتياز الممنوح لشركات النفط، وحرمها من 99,5 في المئة من الأراضي المخصصة لها

مر العراق بأوضاع صعبة ومدمرة خلال السنوات الـ65 المنصرمة، أي منذ انقلاب 14 يوليو/تموز 1958، بسبب السياسات التي اعتمدت داخليا ومع دول الجوار، وما نتج منها من حروب طويلة، منها مع الأكراد ثم الحرب العراقية الإيرانية، وبعدها غزو الكويت وحرب تحريرها وحرب اجتياح العراق من قبل قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في عام 2003.

كذلك، لا يمكن أن نغفل عن الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي احتل الموصل والرمادي عام 2014. في تلك المرحلة، حتى بعد سقوط الرئيس الراحل صدام حسين، لم يدشن العهد الجديد أي خطط انمائية حقيقية لتحسين الأوضاع المعيشية ولم يعمر البلاد ويطور البنية التحتية والمرافق الأساسية ويعيد إحياء القطاعات الحيوية ومنها الزراعة والصناعات التحويلية. بل أُعلن عن خطط، وشُرّعت قوانين استثمار، ولكنها لم تتحقق على أرض الواقع.

يملك العراق ثروة نفطية مهمة، تقدر احتياطاتها بنحو 145 مليار برميل، يمكن أن ترتفع على ضوء الاستكشافات الجديدة. أما احتياطات الغاز فهي تبلغ 132 تريليون قدم مكعب (بموجب بيانات وزارة النفط العراقية التي أعلنت في مايو/أيار 2023). ويشير قانون الموازنة إلى أن الحكومة العراقية تستهدف تصدير 3,5 مليون برميل يومياً من النفط.

مؤشرات بعيدة عن الاستدامة

تعتمد الخزينة العامة في العراق على إيرادات النفط بنسبة عالية، وقد أقر البرلمان أخيراً الموازنة العامة، وهي تعد أضخم موازنة في تاريخ البلاد، حيث حددت المصاريف بـ153 مليار دولار، وحددت الإيرادات النفطية على أساس تصدير 3,5 ملايين برميل يومياً بمعدل سعر 70 دولاراً للبرميل، ولذلك قدرت الإيرادات النفطية بنحو 89,4 مليار دولار في حين لا تتجاوز الإيرادات غير النفطية 13,2 مليار دولار، وبإجمالي 102,6 مليار دولار.

يعني ذلك أن العجز المتوقع سيكون بحدود 50 مليار دولار في السنة المالية الجارية. ويمثل الإنفاق الجاري ما نسبته 78 في المئة من إجمالي الإنفاق في حين يخصص الجزء المتبقي، أي 22 في المئة، للانفاق الاستثماري وهو لا يتجاوز 35 مليار دولار.

لا يزال الاقتصاد العراقي في أوضاع غير سوية ولم ينطلق باتجاه التنمية المستدامة على الرغم من مرور 20 عاماً على سقوط النظام السابق، والوعود التي أطلقها العهد الجديد لتطوير إمكانات العراق الاقتصادية، والإفادة من الثروات الطبيعية والقوى البشرية المؤهلة مهنيا. هناك توقعات بأن يتم إصلاح المرافق وتوفير المياه والاهتمام بالزراعة وإصلاح النظام التعليمي وتوفير الرعاية الصحية والإسكان الملائم، بيد أن كل هذه الاحتياجات لا تزال رهن التحقيق في حين ترتفع معدلات البطالة والفقر.

حددت الموازنة الإيرادات النفطية على أساس تصدير 3,5 ملايين برميل يومياً بمعدل سعر 70 دولاراً للبرميل، ولذلك قدرت الإيرادات النفطية بنحو 89,4 مليار دولار في حين لا تتجاوز الإيرادات غير النفطية 13,2 مليار دولار، لذا العجز المتوقع سيكون بحدود 50 مليار دولار في السنة المالية الجارية

وقدر تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) نسبة أعداد الفقراء في العراق إلى عدد السكان الإجمالي بنحو 40 في المئة في عام 2018. لا شك أن هذه  النسبة تعتبر مرتفعة في بلد يتمتع بثروة بترولية كبيرة، ويصدر أكثر من 3,5 ملايين برميل في اليوم، ناهيك عن الامكانات الاقتصادية الأخرى.

وأورد تقرير صدر عن وزارة التخطيط العراقية في مناسبة اليوم العالمي للسكان (11 يوليو/تموز 2023)  أن عدد سكان العراق بلغ 43,3 مليون نسمة. وتبلغ نسبة الفئة العمرية في سن العمل (15 – 65 عاماً)  57 في المئة، بما يؤكد ارتفاع أعداد الشباب وصغار السن، وقد تزداد أعدادهم في السنوات المقبلة نظراً لإرتفاع معدل النمو السكاني الذي يدور حول 3 في المئة سنوياً. وبحسب بيانات منظمة العمل الدولية (ILO)، بعد دراسة مشتركة مع وزارة التخطيط، فاقت نسبة البطالة في البلاد 16,5 في المئة من إجمالي قوة العمل في 2021، مما يعني بأن هناك ضرورة لتوفير فرص عمل عديدة في مختلف أنحاء البلاد، ولن يتحقق ذلك إلا بتبني برنامج استثمار وتنمية واسع النطاق، ولمدة زمنية معقولة، لمواجهة استحقاقات النمو السكاني وارتفاع احتياجات السكان وتطلعاتهم المعيشية والاستهلاكية.

AFP
عراقيون يتظاهرون احتجاجا على انخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار، في مدينة الناصرية في 3 فبراير/ شباط المنصرم

قدر البنك الدولي الناتج المحلي الإجمالي للعراق بـ 264 مليار دولار في نهاية 2022، أي أن نصيب الفرد السنوي يساوي 6,400 دولاراً. كما توقع البنك أن ينكمش الناتج بنسبة 1,1 في المئة في عام 2023 بعد تراجع أسعار النفط، المكون الهام في الاقتصاد الوطني العراقي. 

بلغ عدد سكان العراق 43,3 مليون نسمة، ونسبة الفئة العمرية في سن العمل (15 – 65 عاماً) 57 في المئة، بما يؤكد ارتفاع أعداد الشباب وصغار السن، بحسب تقرير لوزارة التخطيط العراقية 

وهناك مشاريع عديدة لتعزيز إيرادات النفط ورفع مستوى الإنتاج ومعدلات التصدير. ينتج العراق حالياً 4,65 مليون برميل يومياً ويصدر 3,5 ملايين برميل يومياً، ويخطط العراقيون لرفع الإنتاج إلى 7 ملايين برميل يومياً في عام 2027. كما أن لدى العراق قدرات إنتاجية للغاز الطبيعي تبلغ 9 مليارات متر مكعب سنوياً.

AFP
صورة نشرها مكتب رئيس الوزراء العراقي في الأول من أبريل/ نيسان 2023، وتظهر عمالا في مصفاة نفط كربلاء

لكن التركيز على قطاع النفط والغاز، وإن ظل مستحقاً، فإنه يعني الاستمرار في تطويع البلاد لاقتصادات الطاقة وتقلباتها. هناك ضرورة للانتقال إلى اقتصاد متنوع يستفيد من القدرات والامكانات الطبيعية في البلاد. تتوفر فرص جيدة لإعادة إحياء الزراعة بعد تأمين المياه وإجراء اتفاقيات مع بلدي المنبع في تركيا وإيران لتزويد البلاد بالاحتياجات الضرورية من المياه وتسهيل تدفقها إلى دجلة والفرات وشط العرب.

ينتج العراق حالياً 4,65 ملايين برميل يومياً ويصدر 3,5 ملايين برميل ويخطط العراقيون لرفع الإنتاج إلى 7 ملايين برميل يومياً في عام 2027. كما أن لدى العراق قدرات إنتاجية للغاز الطبيعي تبلغ 9 مليارات متر مكعب سنوياً

ولطالما كانت الزراعة في العراق ركيزة أساسية لزمن طويل، ويمكن للبلاد إنتاج التمور والحنطة والشعير والأرز بما يوفر الاكتفاء الذاتي ومن ثم تصدير الفائض عن الاحتياجات المحلية.

طموحات واقعية

وبالعودة للمكون السكاني في العراق، هناك أهمية لإصلاح النظام التعليمي والارتقاء بالمؤهلات المهنية لمخرجات التعليم وتأسيس نظام تعليم مهني (Vocational Education) متميز، والاستفادة من تجارب دول مثل الهند والفليبين وكوريا الجنوبية، إضافة إلى تنظيم التعليم العالي الجامعي، بما يتوافق مع متطلبات التحول إلى اقتصاد المعرفة.

AFP
رجل صرّاف في سوق الكفاح للأوراق المالية في بغداد في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2022

عندها، تتعزز إمكانات قيام صناعات تحويلية عصرية تواكب التطورات التكنولوجية الحديثة، بما يرفع من مكانة البلاد في هذه المنطقة من العالم ويمكّن من انتقال العراق إلى مصاف كوريا الجنوبية أو ماليزيا. لكن هذه الطموحات للاقتصاد العراقي تتطلب تعاوناً ومحاولة للاستفادة من القطاع الخاص في دول الخليج، ناهيك عن التفاعل مع الصناديق الإنمائية لتطوير البنية التحتية والاسكان. كذلك، فالأمور مرهونة باستقرار النظام السياسي واستيعاب القيم الديموقراطية وتثبيت معالم الدولة المدنية والابتعاد عن الاستقطابات الطائفية والعرقية بما يعزز السلام الاجتماعي وبالتالي التنمية الاقتصادية.

font change

مقالات ذات صلة