هكذا أصبحت قبرص معضلة جيوسياسية

منطقة جيوسياسية معقدة للغاية

Shutterstock
Shutterstock
مدينة نيقوسيا القديمة ومسجد السليمية في شمال قبرص

هكذا أصبحت قبرص معضلة جيوسياسية

يُعتبر مطار إركان، وهو مطار حديث بُني وفقا للمعايير الدولية، البوابةَ التي توصلك إلى جمهورية شمال قبرص التركية، ومع ذلك، فلا تهبط في هذا المطار سوى شركتين اثنتين وكلتاهما تركية. الأولى هي الخطوط الجوية التركية، والأخرى هي بيغاسوس، وهي شركة تركية خاصة. والسبب في ذلك هو الحظر والقيود الدولية المفروضة على جمهورية شمال قبرص التركية.

في المقابل، فإن جميع شركات النقل الأخرى في مطار لارنكا في الجزء الآخر من قبرص.

وثمة على هذه الجزيرة دولتان. إحداهما هي "جمهورية قبرص" وهي موطن القبارصة اليونانيين، تقع في الجزء الجنوبي من الجزيرة، وهي الكيان المعترف به دوليا. أما الأخرى فهي جمهورية شمال قبرص التركية، ولا تعترف بها من دول العالم سوى تركيا.

يصف القبارصة اليونانيون، المعروفون أيضا باسم جمهورية قبرص، يصفون المنطقتين المتميزتين في الجزيرة بأنهما "مناطق خاضعة للحكم الفعال لجمهورية قبرص"، و"مناطق تفتقر فيها الحكومة إلى السيطرة الفعالة".

التطورات التاريخية التي أدت إلى التدخل العسكري التركي عام 1974

استولت الإمبراطورية العثمانية على الجزيرة من البنادقة عام 1571، وبعد أن حكمتها لمدة 300 عام، تنازلت عن الإدارة المؤقتة لمصلحة بريطانيا عام 1878 كبادرة سياسية لضمان دعمها ضد روسيا.

ولكن بريطانيا ضمّت الجزيرة من طرف واحد خلال الحرب العالمية الأولى، واستمر الحكم الاستعماري حتى عام 1960.

وفي عام 1960، وبناء على اتفاقية زيوريخ التي وُقعت بين تركيا واليونان، واتفاقية لندن التي وُقعت مع بريطانيا وزعماء الطائفتين في الجزيرة، أُنشئت جمهورية قبرص، بضمان كل من تركيا، واليونان، وبريطانيا.

واعتُبرت المساواة في الحقوق السياسية، والمساواة في المكانة بين القبارصة اليونانيين والأتراك حجر الأساس لجمهورية قبرص، ونُص على ذلك في دستور الجمهورية أيضا. سوى أن القبارصة اليونانيين واليونان لم ينظروا بعين الرضا إلى هذا الأمر، ولكن بما أن الظروف لم تكن مواتية، فضلوا المشاركة وانتظار اللحظة المناسبة لتقديم مطالبتهم بكامل الجزيرة.

وبعد وقت قصير، قامت المنظمة الوطنية للمقاتلين القبارصة اليونانيين، وهي المنظمة المتطرفة المعروفة باسم "إيوكا" (EOKA)، بتوجيه بنادقها نحو القبارصة الأتراك. وتأسست المنظمة عام 1955 ضد الحكم الاستعماري البريطاني. وقد كان شعارها إينوسيس، والذي يعني الاتحاد مع اليونان.

القبارصة اليونانيون، المعروفون أيضا باسم جمهورية قبرص، يصفون المنطقتين المتميزتين في الجزيرة بأنهما "مناطق خاضعة للحكم الفعال لجمهورية قبرص"، و"مناطق تفتقر فيها الحكومة إلى السيطرة الفعالة"

تلا ذلك أعمال عنف طائفية جرت عام 1963. وفرّ القبارصة الأتراك من قراهم وتجمعوا في أجزاء معينة من البلدات والمدن، والتي أصبحت جيوبا يحيط بها القبارصة اليونانيون.

بعد ذلك ردّ الأتراك من خلال تأسيس تشكيلاتهم المسلحة الخاصة تحت راية "منظمة المقاومة التركية" (TMT). وكان رؤوف رائف دنكتاش، وهو زعيم الجماعة القبرصية التركية، والرئيس الأول لجمهورية شمال قبرص التركية، والذي وافته المنية عام 2012، يقول في كثير من الأحيان إن الأتراك مُنحوا خيارين؛ إما الخضوع والعيش كأقلية في ظل أي حقوق قد تُمنح لهم مهما كانت، أو مغادرة الجزيرة إلى تركيا أو إلى أي مكان آخر، لكنهم اختاروا الخيار الثالث وقاوموا.

ودبرت المنظمة الوطنية للمقاتلين القبارصة (EOKA) اليونانية القومية المتطرفة والفاشية انقلابا، أطاح بالحكومة في يوليو/تموز 1974، وانضم إليها الحرس الوطني القبرصي اليوناني. ووفقا للخطة التي أعدها وأشرف عليها المجلس العسكري الذي كان يدير اليونان آنذاك، فقد كانت المرحلة التالية تتمثل في قمع المقاومة التركية، وإنشاء جزيرة هيلينية وضمها إلى اليونان.

وفي يوليو/تموز 1974، تدخلت تركيا عسكريا، مستخدمة حقوقها كأحد الأطراف الضامنة لاتفاقية لندن. وقال جلال بايار، المقاتل السابق في منظمة المقاومة التركية ((TMT، ورئيس رابطة المحاربين القدامى، والذي يبلغ من العمر 85 عاما، إنه ناضل هو ورفاقه من عام 1963 وحتى عام 1974، ضد الإبادة على يد القبارصة اليونانيين القوميين المتطرفين ومنظمة إيوكا.

أعمال عنف طائفية جرت عام 1963، أدت إلى فرار القبارصة الأتراك من قراهم وتجمعوا في أجزاء معينة من البلدات والمدن، والتي أصبحت جيوبا يحيط بها القبارصة اليونانيون

والحال أن التدخل العسكري التركي والحرب التي شُنّت عام 1974 قد أديا إلى عكس هذا الاتجاه، فأُحبِطت الطموحات اليونانية المتمثلة في إنشاء جزيرة هيلينية تماما، وظهر واقع جديد إلى حيّز الوجود.

وانتقل الأتراك الذين كانوا يعيشون في الجزء الجنوبي من الجزيرة إلى الجزء الشمالي، والعكس بالعكس. ومنذ ذلك الحين، يعيش الأتراك– الذين يبلغ عددهم حوالي 380 ألف نسمة– في الشمال على مساحة 3241 كيلومترا مربعا، أي 35.04 في المئة من مساحة الجزيرة، ويعيش القبارصة اليونانيون– الذين يبلغ عددهم حوالي 800 ألف نسمة– في الجنوب.

نُظم القبارصة الأتراك في البداية باسم دولة قبرص الفيدرالية التركية، وفي عام 1983 أعلنوا عن قيام جمهورية شمال قبرص التركية.

مفاوضات بلا طائل ولا أمل... ودور الاتحاد الأوروبي

منذ حرب عام 1974، أُطلقت مبادرات وخُطط لا حصر لها، وجرت مفاوضات بلا طائل تحت إشراف الأمم المتحدة، بين القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين والدول الضامنة، لإيجاد حل للنزاع وتوحيد الجزيرة.

لقد شاخ الدبلوماسيون ورجال الدولة من جميع الجهات والأحزاب، ومن ثمّ تقاعدوا، وتوفي بعضهم مع تقدمهم في السن، وهم يبذلون جهدهم لإيجاد حل، ولكن لم يتوصل القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيون إلى اتفاقية.

وكان أقرب حل توصلوا إليه عام 2004، عندما طُرحت خطة عنان للاستفتاء على جانبي الجزيرة. وتمحورت الخطة حول حلٍّ مفاده "اتحاد ثنائي الطائفة، وثنائي المنطقة".

وكان الأمل أن يُشكل احتمال عضوية الاتحاد الأوروبي، والقفزة إلى الأمام في ظل جو من الرخاء الاقتصادي، حافزا قويا لكلا الجانبين كي يتوصلا إلى اتفاقية، لكن الأمور لم تسر على هذا النحو.

OMER ONHON
بازار سياحي في نيقوسيا

لقد صوّت القبارصة اليونانيون بأغلبية ساحقة بلغت (75.83 في المئة) ضد الخطة، فيما صوّت القبارصة الأتراك بأغلبية (64.91 في المئة) لمصلحتها. وجدير بالذكر أن رئيس القبارصة اليونانيين بابادوبولوس، والذي فاوض على الخطة بنفسه، دعا شعبه إلى رفضها في الاستفتاء، بطريقة اتسمت بالغرابة إلى حد بعيد.

وعقب الاستفتاء مباشرة، نشر الأمين العام للأمم المتحدة تقريرا يوم 28 مايو/أيار 2004 ذكر فيه بوضوح أنّ "تصويت القبارصة الأتراك أبطل أي مبرر للضغط عليهم وعزلهم".

ولكن النتيجة الأغرب أن القبارصة اليونانيين، الذين رفضوا خطة عنان هم الذين قُبلوا في عضوية الاتحاد الأوروبي باعتبارهم يمثلون الجزيرة بالكامل، بينما استُبعِد القبارصة الأتراك، الذين وافقوا عليها في غالبيتهم، وفُرض عليهم مزيد من العزل والحظر.

كان الأمل أن يُشكل احتمال عضوية الاتحاد الأوروبي، والقفزة إلى الأمام في ظل جو من الرخاء الاقتصادي، حافزا قويا لكلا الجانبين كي يتوصلا إلى اتفاقية، لكن الأمور لم تسر على هذا النحو

يشير رئيس جمهورية شمال قبرص التركية، إرسين تاتار، إلى أن الاتحاد الأوروبي ارتكب خطأ فادحا في عام 2004 عندما سمح بدخول دولة إليه وهي تعاني من نزاع إقليمي لم يُحلّ، متجاهلا ربع سكانها.

واعترف عدد من كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي علنا بارتكاب خطأ ما، ولو أن ذلك الاعتراف جاء بعد تقاعدهم من مناصبهم. وكان وزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو آخر من اعترف بذلك في مقال نشر مؤخرا.

هل جمهورية شمال قبرص التركية دولة حقيقية أم غير حقيقية؟

قد يعتبر الجانب اليوناني جمهورية شمال قبرص التركية غير موجودة أو غير قانونية أو أي شيء من هذا القبيل، لكنها تستوفي جميع الشروط المطلوبة لقيام الدولة: سكانا دائمين، ومنطقة محددة، وحكومة، والقدرة على الدخول في علاقات مع دول أخرى– أي على النحو الذي نصت عليه اتفاقية مونتيفيديو التي وُقّعت عام 1933، والتي تحدد التعريف القياسي للدولة بموجب القانون الدولي.

ولكن جمهورية شمال قبرص التركية تفتقد "الاعتراف الدولي بها". وكتب الكاتب البريطاني الشهير أندرو مانغو في مقال له نُشر في عام 2004 عنهما ما يلي: "هنالك على الجزيرة منطقتان تحتوي كلّ منهما مجموعة متجانسة عرقيا، وتحكمان نفسيهما بطريقة مستقرة وديمقراطية، مشكلتين بحكم الأمر الواقع دولتين منفصلتين في قبرص".

ولكن القبارصة الأتراك مقيدو الوصول إلى المحافل الدولية. ونجحت جمهورية شمال قبرص التركية في الحصول على تمثيل في الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف، وفي 20 دولة أو نحو ذلك فحسب، وذلك بصفة مكاتب تجارية.

وتشارك جمهورية شمال قبرص التركية أيضا في اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي تحت اسم "الدولة القبرصية التركية"، وقد انضمت مؤخرا إلى منظمة الدول التركية بصفة مراقب.

ويقوم القبارصة اليونانيون برد فعل على أي اتصال دولي مع الدولة القبرصية التركية. ومن بين الأساليب التي تستخدمها "جمهورية قبرص" لتعزيز حججها عرقلة القرارات المتعلقة بأمور غير ذات صلة داخل الاتحاد الأوروبي. وتملّك الغضبُ القبارصة اليونانيين عندما سافر بيت سيشنز، عضو مجلس النواب الأميركي، مباشرة إلى مطار إركان من أنقرة قبل بضعة أسابيع، وكان أول مسؤول أميركي يقوم بذلك.

OMER ONHON
ميدان عام في نيقوسيا

وتتلقى جمهورية شمال قبرص التركية بعض المساعدات من المنظمات الدولية، من بينها الاتحاد الأوروبي، ولكنها مساعدات قليلة للغاية إن هي قُورنت بالأموال المخصصة للقبارصة اليونانيين. بينما تتفرد أركيا بتقديم مساعدة مالية مهمة بالنسبة لجمهورية شمال قبرص التركية، والتي من دونها سيكون العيش في تلك الجمهورية صعبا جدا.

وحتى في ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيش فيها جمهورية شمال قبرص التركية، فإنها تعمل مع تركيا على القيام بالكثير من "المشاريع الضخمة" التي تتمتع برؤية إقليمية ومنظور طويل المدى. وأحد هذه المشاريع هو نقل المياه من تركيا إلى قبرص عبر خط أنابيب بطول 80 كيلومترا تحت سطح البحر، قادر على نقل 75 مليون متر مكعب من المياه. ويتم تخزين المياه وتوزيعها من سد كيجيتكوي الذي بُني مؤخرا.

والمشروع الثاني هو توسيع مطار إركان الذي تم افتتاحه في يوليو/تموز الماضي. وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمطار الآن 10 ملايين مسافر. وهناك مشروع آخر قيد الإعداد، وهو الربط الكهربائي مع تركيا. ومن المخطط الانتهاء منه بحلول عام 2028. وسيكون بمنزلة مساهمة كبيرة في ربط شبكات الكهرباء بين الشرق الأوسط وأوروبا بمسافات قصيرة.

OMER ONHON
إحدى الجامعات في نيقوسيا

وصرح أوزر كانلي، رئيس تحرير المجموعة الإعلامية القبرصية والمنسق العام لصحيفة "كبريس" اليومية، وهي إحدى أبرز الصحف التي تصنع الرأي العام في صفوف القبارصة الأتراك، بأنّ "هذه الاستثمارات هي مؤشرات جلية على أن جمهورية شمال قبرص التركية وُجدت لتبقى وأن تركيا موجودة لدعمها". وهذه أيضا مشاريع يمكن أن تفيد الجزيرة بأسرها، وليس الأتراك وحسب، بل حتى يمكنها أن تُفيد أمكنة خارج المنطقة.

من أين تأتي مصادر دخل جمهورية شمال قبرص التركية؟

من ضمن المصادر الرئيسة للعملة الأجنبية التي تتوفر لجمهورية شمال قبرص التركية: السياحة، والجامعات، والكازينوهات، والتحويلات المالية من القبارصة الأتراك الموجودين في الخارج.

وينقسم الأجانب القادمون إلى جمهورية شمال قبرص التركية إلى ثلاث فئات: فئة السياح القادمين من تركيا، وفئة القبارصة اليونانيين، وفئة مواطني الدول الثالثة.

يَعْبُر السياح الأجانب الذين يصلون إلى مطار لارنكا في الجزء القبرصي اليوناني من الجزيرة إلى جمهورية شمال قبرص التركية للاستمتاع بإثارة الدخول إلى دولة أشباح. إنها أشبه ما تكون بمغامرة لاستكشاف الحياة البرية ولكن في بيئة آمنة.

وعلى الرغم من معارضة القبارصة اليونانيين القوية لجمهورية شمال قبرص التركية، إلا أنهم يحبون زيارتها. ويتدفق القبارصة اليونانيون إلى جمهورية شمال قبرص التركية للتسوق، وتناول الطعام، وشرب النبيذ، والمقامرة بأموالهم في الكازينوهات العشرين الموجودة هناك، وذلك منذ أن سمح القبارصة الأتراك بالعبور عام 2003.

والواقع أن كل شيء في الشمال أرخص منه في الجنوب، بما في ذلك البنزين، كما أن انخفاض قيمة الليرة التركية مقابل اليورو يجعل جمهورية شمال قبرص التركية مكانا أكثر جاذبية. ووفقا لبيانات الشرطة القبرصية اليونانية، عام 2022، عَبَر 1,372,564 قبرصيا يونانيا إلى جمهورية شمال قبرص التركية، وهو ضعف العدد العام السابق.

وبلغ عدد المواطنين الأجانب من غير سكان الجزيرة الذين عبروا إلى جمهورية شمال قبرص التركية من الجنوب عام 2022 أيضا 1,498,649 مقارنة بـ471,910 فقط في العام السابق. وتجري عمليات العبور عبر 9 نقاط منتشرة على طول خط التقسيم، وفق الضوابط التي اتفق الجانبان عليها عام 2004.

يتمثل أحد الأصول الرئيسة الأخرى لجمهورية شمال قبرص التركية في 23 جامعة أو نحو ذلك، إذ التحق 108 آلاف طالب داخل الصفوف في العام الدراسي 2021-2022، كان بينهم 13 ألفا من مواطني جمهورية شمال قبرص التركية، و43 ألفا من تركيا، و51 ألفا من مواطني دول ثالثة، معظمهم من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا

من جانب آخر، بلغ عدد الزوار القادمين من تركيا عام 2022 حوالي مليون مواطن أجنبي، 70 في المئة منهم من تركيا نفسها، ووصلوا إما بالطائرات وإما بالعبّارات.

وفي المقابل، عبر 1.9 مليون قبرصي تركي إلى الجنوب عام 2022 أيضا، لكن الهجمات الأخيرة ضد المسلمين (السوريين وغيرهم) هناك، ربما أثارت بعض المخاوف، وقد تؤثر على عدد الزوار القبارصة الأتراك.

وشهدت جمهورية شمال قبرص التركية طفرة في مبيعات العقارات للأجانب، وفي عدد الأجانب الذين يستقرون هناك، والخبر السيئ أن أسعار العقارات قد تضاعفت تقريبا. واستقر ما يصل إلى 10 آلاف متقاعد بريطاني في الجزء الشمالي من قبرص منذ عام 1974.

ويتصدر الروس القائمة في هذه الموجة الجديدة من الأجانب الذين يشترون العقارات ويستقرون في الشمال، إلى الحد الذي حَمَلَ سفارة روسيا على الإعلان عن خططها لفتح مكتب قنصلي في شمال قبرص.

ومشترو العقارات الرئيسون الآخرون هم الأوكرانيون والإيرانيون. ويفضل كثير من مواطني الدول الثالثة الذين لديهم أعمال تجارية في الجنوب، العيشَ في الشمال، لأنه أرخص وأكثر هدوءا.

OMER ONHON
منظر جوي لنيقوسيا

ويتمثل أحد الأصول الرئيسة الأخرى لجمهورية شمال قبرص التركية في 23 جامعة أو نحو ذلك، إذ التحق 108 آلاف طالب داخل الصفوف في العام الدراسي 2021-2022، كان بينهم 13 ألفا من مواطني جمهورية شمال قبرص التركية، و43 ألفا من تركيا، و51 ألفا من مواطني دول ثالثة، معظمهم من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا.

ولا ينظر القبارصة اليونانيون بعين الرضا عن كل هذا النشاط الحثيث الذي يعطي جمهورية شمال قبرص التركية مكانة بارزة، ما يزيد من أرباحها وثرواتها.

وقد قَدِم بعض الأفارقة، وغيرهم إلى جمهورية شمال قبرص التركية بقصد استخدامها كنقطة انطلاق إلى الاتحاد الأوروبي. وقد استجابت الشرطة القبرصية التركية لتحذيرات الاتحاد الأوروبي، واتخذت التدابير اللازمة ضد أولئك الذين يسيئون استخدام تأشيرات سفرهم كطلاب. ورُحّل بعض الأفارقة، فيما أصبحت عمليات التفتيش عند نقاط العبور إلى جمهورية شمال قبرص التركية أكثر صرامة الآن.

السياسة الداخلية والعلاقات مع تركيا

يتحمل كلٌ من رئيس جمهورية شمال قبرص التركية، ورئيس وزرائها، مسؤولياتهما الخاصة، وكلاهما يجري انتخابه في انتخابات متعددة الأحزاب كل خمس سنوات. ويتولى الرئيس مسؤولية المفاوضات القبرصية والعلاقات الدولية عموما، بينما يتولى رئيس الوزراء الملفات الأخرى.

وأجريت آخر انتخابات عامة يوم 23 يناير/كانون الثاني 2022، إذ تنافس 400 مرشح من ثمانية أحزاب سياسية على المقاعد الخمسين في البرلمان. وجرت آخر انتخابات رئاسية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2020، عندما فاز إرسين تتار، وهو أحد المرشحين الأحد عشر، وبذلك أصبح الرئيس الخامس لجمهورية شمال قبرص التركية.

وليس أمرا مستغربا أن يتمحور النقاش السياسي في الشمال حول مستقبل القبارصة الأتراك، فتهاجم أحزاب المعارضة الحكومة بسبب حالة الاقتصاد المتردية، وسوء الإدارة، وسوء الحكم.

وتمثل العلاقات مع تركيا جوهر السياسة في جمهورية شمال قبرص التركية، وتترك السياسة التركية أثرها على السياسة في هذه الجمهورية. وتأثرت جمهورية شمال قبرص التركية بالتقلبات الاقتصادية الأخيرة الجارية في تركيا أيضا بسبب اعتمادها على تركيا، واستخدام الليرة التركية كعملة وطنية.

ومع ذلك، لا يشعر كل القبارصة الأتراك بالرضا عن فكرةِ إنشاءِ دولةٍ قبرصية تركية منفصلة، أو الاعتماد على تركيا، أو حضورها. ويعتقد هؤلاء أن علاقات جيدة يمكن أن تربطهم مع القبارصة اليونانيين إن هم تُركوا وشأنهم. وهي تعارض وجود أي قوات أجنبية، يونانية أو تركية، على أرض الجزيرة.

جدول زمني:

1571: العثمانيون يستولون على قبرص.

1878: بريطانيا تتولى الإدارةَ المؤقتة للجزيرة من العثمانيين.

1914: بريطانيا تضم الجزيرة من طرف واحد.

1960: نهاية الحكم البريطاني وإعلان جمهورية قبرص.

1963: بدء العنف الطائفي بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك.

1974: التدخل العسكري التركي.

1983: إعلان جمهورية شمال قبرص التركية.

2003: القبارصة الأتراك واليونانيون يعبُرون "الخط الأخضر" للجزيرة لأول مرة بعد الحرب.

2004: إجراء استفتاء على خطة عنان.

2004: قبرص تصبح عضوا في الاتحاد الأوروبي.

2017: فشل محادثات كرانس مونتانا.

2020: الأتراك يبدأون بالإشارة إلى حل الدولتين.

font change

مقالات ذات صلة