العراق... عام على حكومة السوداني

كبلت حكومة السوداني نفسها بوعود إصلاحية أكبر بكثير من قدرتها وإمكانياتها

العراق... عام على حكومة السوداني

تشكلت حكومة السوداني بعد عام كامل من إجراء الانتخابات في 2021، لتكون الحكومة الأكثر تعقيدا في ظروف تشكيلها منذ أول حكومة عراقية تشكلت بعد 2003؛ إذ أتت بعد صراع طويل بين القوى السياسية الشيعية على شكل الحكومة، بين من يريدون تشكيلها على أساس مبدأ الأغلبية، ومن يصرون على التوافقية. وبعد انسحاب كتلة التيار الصدري من البرلمان، والاعتصامات والصدامات المسلحة في المنطقة الخضراء. ليتم منحها الثقة يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

ومنذ اليوم الأول من تشكيلها، بدا أن حكومة السوداني حكومة ترضيات للقوى التي شكلتها، أكثر من كونها حكومة إدارة مرحلة عصية وحرجة، فبعض الوزراء لا علاقة لهم بمؤسسات الدولة ولا خبرة لهم في المجالات التي تصدوا لإدارتها. وكان خضوع السوداني لإرادة تلك الكتل التي فرضت وزراءها، أول مؤشرات ضعف الثقة؛ كونها لم تغير نمط تشكيل الحكومات والخضوع لأحزاب السلطة التي تتعامل مع الوزارات كدكاكين لها وليس مؤسسات دولة!

أزمة الدولار

في أول لقاء تلفزيوني مع قناة عراقية منذ توليه منصب رئيس مجلس الوزراء، ومع قرب انقضاء الـ100 يوم الأولى على تشكيل الحكومة، ظهر محمد شياع السوداني بابتسامة الواثق من حديثه، معلقا على أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، بطمأنة المواطن ونصيحته إلى "عدم اقتناء الدولار، فالدينار العراقي هو الأقوى"! لكن في اليوم التالي ارتفع سعر صرف الدولار إلى أعلى مستوياته منذ شهر على بدء أزمة ارتفاعه وعجز الحكومة عن السيطرة عليه.

قد تبدو هذا الملاحظة هامشية، ولا يجب أن تكون معيارا لتقييم حكومة السوداني. لكن قراءتها واستذكارها بعد عام على تشكيل حكومته تحتاج إلى قراءة مخرجاتها، وعدها مدخلا لتقييم ثقة المواطن في الحكومة، وقدرتها بفرض سيطرتها على التحديات التي تعصف بها، وقدرتها على إدارة الأزمات، في بلد يخضع في جميع التفاصيل اليومية لسيطرة قوى وجماعات موازية للدولة.

وفي أزمة الدولار التي هي أولى الأزمات التي رافقت عمل حكومته، ظهرت الحكومة بمظهر العاجز عن اتخاذ التدابير والخطوات القادرة على كسب ثقة المواطن، وبدأ الحديث عن مؤامرة أميركية تستهدف حكومة السوداني وتريد إفشالها من قبل جوقة المطبلين للحكومة! في حين كانت جميع الإجراءات الحكومية غير فاعلة ولا مؤثرة في السيطرة على الأسواق الموازية التي تخضع لمافيات ترتبط بشراكات عميقة من القوى السلطوية. وأغلب إجراءات الحكومة كانت مجرد تصريحات ووعود، هدفها كسب الوقت؛ لأن الرهان الأكبر كان على عقد اتفاق مع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لمنح البنك المركزي بعض الاستثناءات.

لقد فشلت الحكومة في السيطرة على أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار، رغم أنها باتت واضحة جدا، إلا أن الفريق الحكومي لا يزال متمسكا بالإجراءات والسياسات نفسها التي أثبتت عجزها عن إيجاد الحلول! وحتى الشخصيات التي تم تكليفها لإدارة البنك المركزي أثبتت عجزها عن تجاوز الأزمة، ولا يزال السيد السوداني متمسكا بها! وهناك إصرار غريب على تكرار الإجراءات الأمنية في معالجة أزمة الدولار، رغم إدراك الحكومة أن المشكلة ليست أمنية بالدرجة الأولى! فهي تدرك جيدا أن السوق الموازية للدولار تغطي أغلب حاجات السوق العراقية من الواردات الإيرانية.

في أول لقاء تلفزيوني مع قناة عراقية منذ توليه منصب رئيس مجلس الوزراء، ومع قرب انقضاء الـ100 يوم الأولى على تشكيل الحكومة، ظهر محمد شياع السوداني بابتسامة الواثق من حديثه، معلقا على أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، بطمأنة المواطن ونصيحته إلى "عدم اقتناء الدولار، فالدينار العراقي هو الأقوى"! لكن في اليوم التالي ارتفع سعر صرف الدولار إلى أعلى مستوياته منذ شهر.

برنامج الحكومة ومحاربة الفساد

كبلت حكومة السوداني نفسها بوعود إصلاحية أكبر بكثير من قدرتها وإمكانياتها، كالحديث عن تقديم ورقة إصلاحية اقتصادية شاملة، وتصحيح العلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم. وتشريع قانون مجلس الاتحاد، وقانون المحكمة الاتحادية، وحسم قانون النفط والغاز، وإجراء انتخابات مجالس المحافظات. ويبقى الالتزام الأخطر هو إجراء انتخابات مبكرة خلال عام!

وقد تضمن البرنامج الوزاري لحكومة السوداني الذي تم التصويت عليه من قبل البرلمان يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022، تحديدات زمنية بين شهر واحد وثلاثة أشهر، لتقديم تشريعات وإجراءات إدارية تعالج ملفات مهمة في عمل الحكومة. ومن بين الإجراءات التي حدد السقف الزمني للانتهاء منها بشهر واحد: حسم ملفات المشمولين بالمساءلة والعدالة، وتخصيص وصرف مستحقات المشمولين بقرارات اللجنة العليا لتنفيذ المادة 140. أما التشريعات والإجراءات التي يجب تنفيذها خلال ثلاثة أشهر، فهي: التزام الحكومة "بتقييم أداء المحافظين بالوكالة واتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية بحق المقصرين"، وتعديل قانون الانتخابات النيابية، والتزام الحكومة "ببناء أدوات فاعلة لمحاربة الفساد خلال مدة أقصاها 90 يوما من تاريخ تشكيل الحكومة".

وبعد مضي عام كامل من عمر الحكومة يبدو أن تلك الملفات لم تحسم لا في الثلاثين يوما التي تم تحديدها ولا في الثلاثة أشهر، ولا في اثني عشر شهرا  من عمر الحكومة! ما عدا التغيير في بعض القيادات الإدارية التي كان أغلبها تقاسما بين أحزاب السلطة.

وفي ملف محاربة الفساد، كانت الخطيئة الأولى التي ارتكبها السوداني، هي توريط حكومته في ملف "سرقة القرن" وتعهده باستعادة الأموال المسروقة من خزينة الدولة.

السوداني، لم يتعظ من سابقه السيد عادل عبدالمهدي الذي استغرق في التنظير حول الاستراتيجيات والمشاريع الاستراتيجية والاتفاقات مع دول كبرى. بدلا من أن تكون الأولوية ترتيب الأوضاع الداخلية وتهيئة البيئة القادرة على النهوض بمشاريع تلك الاستراتيجيات والحديث عن تطبيق تلك الاتفاقات.

في حين أن هذا الملف كان بين يدي القضاء والمتهم الأول (نور زهير) خلف القضبان. ليقحم السوداني نفسه في هذا الملف، لمحاولة تسويق نفسه على أنه هو من حسم أخطر ملف فساد في تاريخ الدولة العراقية، وربما أكبر سرقة لأموال الدولة، وأنه هو من حقق منجزا بتسويتها!

حتى الشعارات التي أطلقتها الحكومة وهيئة النزاهة بشأن دعاوى استرداد المطلوبين والمتورطين في قضايا فساد، لحد الآن لم يثبت نجاحها، ولم تتحول إلى واقع ملموس. وإنما بقيت مجرد تصريحات في المؤتمرات الصحافية لرئيس الوزراء.

يبدو أن السيد السوداني، لم يتعظ من سابقه السيد عادل عبدالمهدي الذي استغرق في التنظير حول الاستراتيجيات والمشاريع الاستراتيجية والاتفاقات مع دول كبرى. بدلا من أن تكون الأولوية ترتيب الأوضاع الداخلية وتهيئة البيئة القادرة على النهوض بمشاريع تلك الاستراتيجيات والحديث عن تطبيق تلك الاتفاقات! وكذلك السوداني لم ينجح لحد الآن في تشكيل فريق حكومي يدير الملفات الخطيرة والحرجة من خارج دائرة أحزاب السلطة وحاشيتها، وبعيدا عن لوثة البيروقراطية المعطلة وغير المنتجة، وفي الوقت نفسه يتحدث عن أفق جديد لإدارة الحكومة وتوثيق علاقتها مع المواطن!

محنة التوازن بين الداخل والخارج

طوال ما يقارب العام الكامل من عمر حكومة السوداني، تمكنت من إدامة زخم الانفتاح الإقليمي والدولي على العراق، والذي بدأ منذ حكومة العبادي أيام الحرب ضد تنظيم داعش. وعمل السوداني على توثيق العلاقات مع الدول العربية والأجنبية التي ترغب في توسيع علاقاتها السياسية والاقتصادية مع العراق. وتعاملت الحكومة عند تكرار انتهاكات السيادة العراقية مع كل من إيران وتركيا، بسياسة الاحتواء بدلا من التصعيد، وسعت إلى إيجاد حلول لمشكلة وجود قوى معارضة للأنظمة الحاكمة في هاتين الدولتين تمارس نشاطاتها من الأراضي العراقية.

لكن قبل شهر واحد تحديدا، كانت زيارة السوداني إلى روسيا، وحديثه عن عدم فرض إرادات خارجية على العراق وتحديدا من قبل الولايات المتحدة الأميركية، التي تشهد توترا في العلاقات مع روسيا. وقد تمت قراءة هذا الحديث على أنه رسالة فيها نبرة بعيدة عن الدبلوماسية التي يحتاجها العراق في التوازن بين الصراع الدائر بين موسكو وواشنطن. وربما تعطي انطباعا بأن سياسة العراق هي الابتعاد عن مراكز الاستقطاب في صراعات الدول الكبرى، وأنه حتى الآن يفتقد إلى بوصلة واضحة تحدد الالتزامات بشأن الشراكة أو التحالف الاستراتيجي مع أميركا.

لقد فرضت عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس ضد إسرائيل، تحديا خارج حسابات حكومة السوداني؛ فرغم موقفها الرافض للحرب والحصار والقتل والدمار جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، إلا أنها تواجه تحدي السيطرة على الفصائل المسلحة التي تعمل ضمن محور المقاومة والتي بدأت تنفذ عمليات عسكرية ضد مقرات الوجود العسكري الأميركي في العراق. وباتت تحرج حكومة السوادني وتظهرها بمظهر العاجز عن السيطرة على تلك الهجمات أو حتى تحديد الجهات المسؤولة عنها.

ومن ثم، إذا توسعت جبهات المعارك مع إسرائيل، وكان العراق إحدى ساحات هذه الحرب، فإن حكومة السوداني ستواجه التحدي الأصعب والأعقد في علاقاتها الخارجية مع الولايات المتحدة الأميركية، وسيكون السوداني وحكومته أمام خيارات معقدة جدا من حيث التوازن بين الشراكة مع الأميركان، وفصائل مسلحة بعضها ساهم في الوصول به إلى رئاسة الحكومة. وسيكون هذا الاختبار هو الأكثر حسما في مستقبل حكومة السوداني.

Reuters
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال لقاء في العاصمة الروسية موسكو في 10 تشرين الأول/أكتوبر

متلازمة انعدام الثقة

لا يمكن لأي حكومة أن تطلق الوعود بأريحية وهي تصارع تيارات متناقضة، وتخضع لابتزاز سياسي من قبل القوى الرئيسة المشاركة فيها التي تسعى لتوسيع نهبها وسلبها لموارد الدولة وخزينتها، وفرض نفوذها على مؤسسات الدولة. وتقف خلف أسوارها قوى تتربص إخفاقها حتى تبرئ ساحتها وتبيض صفحتها من التورط في التأسيس لمنظومة الخراب والفشل التي كانت مشاركة لها في جميع الحكومات السابقة. وأيضا تدخلات خارجية تريد استنزاف مواردها والإبقاء على وصفة الخراب الذي أسست بنيانه بمساعدة أذرعها وعملائها.

مشكلة حكومة السوداني أنها تريد أن تسوق للجمهور أن أولى مهامها التعاطي مع الفوضى الإدارية وملفات الفساد التي خلفتها حكومة مصطفى الكاظمي. ورغم أن تلك الملفات خطيرة جدا، لكن اختزال سنوات الخراب والفوضى في مخلفات حكومة الكاظمي هو نوع من تصغير التراكمات الفوضوية والفساد وهدر المال العام الذي أنتجته منظومة الحكم وقواها السلطوية التي لا تزال متنفذة على قرار حكومة السوداني ومتحكمة فيها بقوة. ومن ثم، يجب على السوداني إدراك أن مهمة حكومته ليست ترويج صكوك الغفران لكل الحكومات السابقة والزعامات السياسية، وقصر الفساد والخراب فقط في الكاظمي وفريقه الحكومي.

المشكلة الثانية، خطاب السيد السوداني قبل توليه منصب رئاسة الحكومة وحتى بداية حكومته يركز على طرح أفق سياسي وإداري غير تقليدي لمعالجة المشكلات الاقتصادية وإدارة المؤسسات التي على تماس مباشر مع تفاصيل الحياة اليومية للمواطن. لكن، منذ قيادته الحكومة لم يقدم لنا فريقا سياسيا جديدا يتلاءم مع طروحاته التي تنتقد الفاعلين في إدارة الملفات السياسية والاقتصادية؛ إذ يبدو أن السوداني لحد الآن غير قادر على مغادرة مبدأ الترضيات للكتل السياسية التي باتت تفرض مستشاريها ضمن فريقه الحكومي، وهو شخصيا يعتمد مبدأ تقريب الشخصيات التي تربطه بها علاقة شخصية ضمن عمله في المناصب الحكومية السابقة. وبالنتيجة لا يمكن أن نتوقع نتائج جديدة من فريق سياسي تقليدي كان جزءا من طاقم الحكومات السابقة التي عجزت وفشلت في تقديم أبسط الخدمات للمواطن.

المشكلة الثالثة، لا يزال السوداني غير قادر على مغادرة تفكير رؤساء الحكومات السابقين الذي يعتمد على استراتيجيات الإرضاء للكتل السياسية، أو مجموعة من القرارات التي تنحصر غايتها في تحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأجل، وبالنتيجة تكون لدينا حكومة تلوذ بسياسات تهدئة مع قوى السلطة التقليدية، والتي مع الأسف تتعمد ترويج صورة مصغرة لمنصب رئيس الوزراء باعتباره موظفا لديها وليس المسؤول الأول عن رسم السياسات العامة وتحقيق مصلحة البلاد.

AFP
أعضاء "حركة النجباء" في العراق يلوحون بالعلم الفلسطيني خلال مسيرة في بغداد في 8 أكتوبر، 2023، للتعبير عن دعمهم لـ "عملية طوفان الأقصى" ضد إسرائيل

المشكلة الرابعة، لم يتمكن السوداني من تغيير الصورة النمطية للعلاقة بين الحكومة والجمهور؛ إذ لحد الآن يتصور أن كثرة اللقاءات والحوارات مع شخصيات سياسية وحتى شخصيات إعلامية ورجال أعمال مقربين من الحكومات السابقة وقوى السلطة، هي الوسيلة التي يمكن من خلالها تقديم تصوره لإدارة الحكومة. ويبدو أن تلك اللقاءات التي يكون فيها رئيس الحكومة متحدثا أكثر من كونه مستمعا تزيد من ضبابية الرؤية بدلا من قدرته على الاستماع إلى ما يريده المواطن من الحكومة.

السوداني مدرك جيدا لحجم تحديات الفساد والفوضى، لذلك هو بحاجة إلى أن يكون رجل دولة استثنائيا وليس موظفا حكوميا تقليديا. ورجال الدولة لا يتم اختبار قدرتهم على إدارة التحديات في ظروف الرخاء، وإنما يتم اختبار رؤيتهم وقدراتهم على مواجهة التحديات في ظروف التحديات الخطرة. وجميع الظروف والإمكانيات الآن متهيئة أمام السيد السوداني لو أحسن استثمار الفائض المالي والدعم الدولي والإقليمي، والبدء بخطوات جدية تحقق منجزا سياسيا وخدميا واقتصاديا يتلمسه المواطن في الشارع وفي مراجعته للدوائر الحكومية وفي المستشفيات، وفي تحسين وسائل معيشته وحمايته من جماعات السلاح المنفلت.

مشكلة حكومة السوداني أنها تريد أن تسوق للجمهور أن أولى مهامها التعاطي مع الفوضى الإدارية وملفات الفساد التي خلفتها حكومة مصطفى الكاظمي. ورغم أن تلك الملفات خطيرة جدا، لكن اختزال سنوات الخراب والفوضى في مخلفات حكومة الكاظمي هو نوع من تصغير التراكمات الفوضوية والفساد وهدر المال العام الذي أنتجته منظومة الحكم وقواها السلطوية التي لا تزال متنفذة على قرار حكومة السوداني ومتحكمة فيها بقوة.

السوداني أمام تحديات كبيرة وخطيرة، ولكنه لن يستطيع النجاح في مواجهتها إلا إذا تجاوز خطاب التذمر والتشكي، وتجاوز الشعارات الشعبوية والعناوين الطائفية والقومية التي يتوهم زعماء الطبقة السياسية أنها مصدر لشرعية بقائهم في الحكم؛ إذ عليه التفكير في استراتيجيات واضحة وصريحة تستهدف تفاصيل حياة المواطن اليومية، وتكون خطوات تنفيذها هي الطريق الوحيد لمد جسور الثقة بين المواطن والحكومة. ومن ثم تكون شرعية المنجز هي الرهان على بقائه في المنصب وليس الترضيات والتنازلات للزعامات السلطوية، فحسب.

إن استعادة ثقة المواطن في حكومته، والأمل بقدرتها على ضمان متطلباته هو ما يقوي الحكومة ويوفر لها إجماعا سياسيا وشعبيا يضمن صلابة موقفها في مواجهة القوى والأحزاب التي تريد أن تمارس هوايتها بإضعاف الدولة والحكومة معا. والمنجز الاقتصادي والخدمي الذي تقدمه الحكومة للمواطن سيكون بمثابة السلاح الأقوى الذي تواجه به ضغوطات القوى السياسية ورغباتها النرجسية التي تمارسها ضد الدولة. ولكن الأمل في الحكومة واستعادة الثقة فيها يحتاج إلى إرادة قوية، وإلى عزم شديد ورغبة صادقة لا تعرف الضعف، والابتعاد عن الكذب والرياء والنفاق والأقنعة الزائفة في طرح تصورات ومعالجات لملف الفساد ولمعضلة سلاح القوى الموازية للدولة، لتصبح بعد كل ذلك واقعية وملموسة وليست شعارات مملة.

font change

مقالات ذات صلة