بسرور غامر، شهدتُ اختتام معرض الكتاب للأطفال في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي "إثراء"، وكان الختام لحظة مليئة بالسحر والإثارة، نقلنا ببهجة إلى عالم مليء بالأحلام والمعرفة، حيث امتزجت فعالياته بالتشويق، سعيا إلى تعزيز حب القراءة والتعلم بأساليب مبتكرة ملهمة.
هذا المعرض الذي استمر على مدى 5 أيام، بمشاركة دور نشر محلية وعالمية مميزة اختصت بالأطفال واليافعين، هو جزء من باقة متنوعة من الأنشطة والبرامج التفاعلية الخاصة بالأطفال التي أطلقها المركز بواقع 25 فعالية وبرنامجا ثقافيا تحت عنوان "أيام الصغار في إثراء"، استمرت على مدى 13 يوما في مقر المركز بالظهران، في حضور تجاوز 40 ألف زائر، حيث احتفى عُشاق القراءة الصغار بحصيلة المنتجات من كتب وقصص طوال أيام المعرض.
أقيم المعرض في أجواء من الحماس والترقب، وختمت فعالياته بنجاح باهر، حيث شهدت قاعاته ورش عمل، وعروضا فنية، وأنشطة تفاعلية، تركت انطباعا عميقا على زواره. ليمثّل المعرض بذلك محطة ناجحة في رحلة "إثراء" لدعم التنمية الشخصية والتعليم الابتكاري للأطفال، تجاوزت الإشادة بالمعرض كونه مجرد تجمع للكتب، إلى كونه فرصة لتفاعل الأطفال مع عالم القراءة بشكل شيق وتعليمي.
فمن اللافت أن الفعاليات الثقافية لم تقتصر على الكتب، بل تجاوزت ذلك لتشمل ورش العمل والألعاب التفاعلية التي تعزز مهارات الأطفال وتوسع أفق معارفهم، وتشكل فرصة لهم لاستكشاف عوالم جديدة وتطوير مهاراتهم بطريقة ممتعة وتشويقية.
وبفضل الاهتمام الفائق والتفرغ الذي قدمه مركز "إثراء" يظهر المركز بوصفه رائدا في تعزيز العملية الإبداعية والتشجيع على التفكير النقدي لدى الأطفال، من خلال برامج تفاعلية تدعم تعزيز القيادة الفكرية وتمكن الأطفال من التعبير.
ندعو للمزيد من المبادرات التي تعزز حب القراءة والثقافة بين الأطفال في المجتمع، فكل ما يقدم اليوم هو استثمار في بناء أجيال مثقفة لمستقبل مشرق
تحولت كتب الطفولة إلى مفاتيح لعوالم لا حدود لها، وانفتحت أعين الأطفال على أفق من الأفكار والتفكير الإبداعي، فتجاوز فكرة العرض، ليصبح رحلة إثراء للأفكار والعقول، بحيث تلاقت الألوان والكلمات لتخلق لوحة فنية من الإلهام والتشويق.
ضمن هذه المساحة الثقافية التي شكلها معرض كتاب الأطفال، ظللت أسمع أحاديث تتجدّد حول أهمية وضرورة توفير المزيد من الموارد لتطوير المكتبات الخاصة بالطفل في المدارس والمجتمعات، وهذا- بكل تأكيد- سيشير إلى أهمية استمرار هذه الجهود على مدى العام، وليس فقط خلال فترة المعرض، وذلك لضمان استمرارية التأثير الإيجابي على تحفيز قراءة الأطفال وتوجيه اهتمامهم نحو الكتب.
ومن اللافت أن المعرض لم يقتصر على الفقرة العمرية للأطفال فقط، بل استقطب أيضا اهتمام الشباب وأولياء الأمور المرافقين لصغارهم وهذا يبرز أهمية تفعيل دور الأسرة في تشجيع القراءة وتوجيه الأطفال نحو اختيارات ثقافية غنية ومناسبة لفئاتهم العمرية.
وفي إطار التحديثات التكنولوجية، استطاع المعرض أن يعطي أهمية بارزة لتوظيف وسائل التكنولوجيا في تعزيز القراءة الإلكترونية للأطفال، عبر تقديم تطبيقات تفاعلية ومواقع إلكترونية تعليمية تساهم في جذب الأطفال وتحفزهم على القراءة باستمرار، مما يساهم في توسيع آفاقهم الثقافية بطرق مبتكرة.
ولا يمكنني ألا أشير إلى الطريقة الابتكارية المميزة والحديثة التي اختتم بها "إثراء" معرضه المتفرّد -هذا -خاصة بمشاركة دولة فرنسا كضيف شرف، حيث قدمت عروضا فريدة اكتشفت عالم أدب الأطفال الفرنسي، مما أضاف لمسة دولية جميلة على هذا الحدث الثقافي.
وفي ختام هذه الرحلة الساحرة، تبقى الدعوة الى الجهات المنظمة للمعرض بأن تستمر في ابتكار مثل هذه البرامج الخلاّقة، ونقل المعرض إلى مناطق أخرى، لأننا، وبعد كل ما رأيناه ونراه من مركز "إثراء"، لفي انتظار مستمر للكثير من المفاجآت الثقافية، والمزيد من المبادرات التي تعزز حب القراءة والثقافة بين الأطفال في المجتمع، فكل ما يقدم اليوم هو استثمار في بناء أجيال مثقفة لمستقبل مشرق.