عودة حروب الفتوحات

AFP
AFP
جندي اوكراني يحمل صاروخ "ستينغر" المضاد للطائرات على متن زورق دورية في البحر الاسود في 18 ديسمبر

عودة حروب الفتوحات

ها هي الحروب تعود. أثارت أعمال العنف المروعة التي شهدتها كل من غزة وأذربيجان وأوكرانيا خلال هذا العام (2023) قلقا عميقا من احتمال تزايد الصراع في السنوات المقبلة. والحق أن هذه التطورات، كما قال وزير خارجية إستونيا مارغوس تساكنا لصحيفة "الغارديان" في ديسمبر/كانون الأول، ولا سيما تصرفات روسيا في أوكرانيا، تهدد "بالعودة إلى عصر الإمبراطوريات، حيث القوة تصنع الحق، وعندها سوف يعاني الجميع".

واقع الحال أن الحروب لم تختف البتة؛ ففي العقد الماضي فحسب، وقعت حروب أهلية مروعة في كل من سوريا واليمن وإثيوبيا وليبيا، على سبيل المثال لا الحصر، وقد شهدت جميعها تدميرا شاملا وغير شخصي على نطاق مماثل لصراعات اليوم.

لكن الذي تغير على ما يبدو هو الأطراف التي تخوض القتال والغاية من اقتتالها. كانت الحروب الأهلية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين صراعات داخلية. ورغم أنها استدرجت جهات أجنبية فاعلة، واجه بعضها بعضا بشكل غير مباشر، إلا أن الصراع كان في معظم الأوقات في إطار حرب أهلية ويجري بهدف تحديد من سيحكم البلاد.

على النقيض من ذلك، كانت صراعات عام 2023 عبارة عن حروب بين الدول؛ فروسيا تقاتل أوكرانيا، وأذربيجان تقاتل أرمينيا. وإسرائيل- رغم أنها لا تعترف بشرعية "حماس"- تتعامل مع غزة وكأنها دولة ذات سيادة. وعلى عكس الحروب الأهلية، لا تدور الصراعات حول من يحكم، بل تدور حول الاستحواذ على عنصر إقليمي قوي، فها هي روسيا تريد ضم أجزاء من شرق أوكرانيا، وقد نجحت أذربيجان في استعادة ناغورنو كاراباخ وضواحيها، في حين تتحدث إسرائيل عن إنشاء منطقة عازلة داخل غزة لحماية مدنييها من هجمات مستقبلية. وفي أماكن أخرى، انتشرت شائعات مفادها أن إثيوبيا ربما تفكر في شن هجوم جديد على إريتريا للوصول إلى ميناء عصب. وفي بيئة استعراض العضلات الجديدة التي يحذر منها "تساكنا" في مقابلته الآنفة، قد تعود حروب احتلال الأراضي لتغدو شائعة من جديد.

حروب قديمة وحروب جديدة

عندما انتهت الحرب الباردة، لاحظ الباحثون ومراقبو الصراع تحولا في أنماط الحرب، فقد كانت حقبة الحرب الباردة تشهد حروبا بينية وأخرى داخلية، فنشبت حروب بين الدول واشتعلت أخرى داخل الدول. وفي معظم الأحيان كان كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي يدعم أحد الجانبين وتدعم القوة الأخرى الطرف الآخر؛ فعلى سبيل المثال، كانت واشنطن تدعم إسرائيل وموسكو تدعم الدول العربية في كثير من الحروب العربية الإسرائيلية، بينما أخذ كل طرف جانبا مختلفا في حروب فيتنام أو أفغانستان أو موزمبيق أو أنغولا. ولكن بعد عام 1990، تحول الصراع من الحروب بين الدول وأصبحت الحروب الأهلية هي المهيمنة. كان العنف في الصومال ورواندا ويوغوسلافيا السابقة مختلفا تماما عما حدث في السابق.

في سوريا، استخدم نظام بشار الأسد جيشا تقليديا، لكن بدعم من ميليشيات سورية غير حكومية، كالشبيحة، وقوات الدفاع الوطني لاحقا، إلى جانب ميليشيات غير سورية من كل من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان وباكستان

تقول الأستاذة ماري كالدور، وهي باحثة في كلية لندن للاقتصاد، إن هذه "الحروب الجديدة" تختلف عن "الحروب القديمة" في حقبة الحرب الباردة وما قبلها؛ ففي حين شهدت "الحروب القديمة" قتال الجيوش التقليدية مع بعضها البعض، وكانت في الغالب من دول مختلفة، وقعت "الحروب الجديدة" في الأغلب داخل الدول وجرت بوسائل غير تقليدية، وكانت الجهات الفاعلة غير الحكومية، مثل الميليشيات، في كثير من الأحيان تمتلك قدرات قتالية بقدر ما كانت عليه جيوش الدول. ولعبت الهوية، مثل الدين أو العرق، في كثير من الأحيان دورا محفزا أكثر من الآيديولوجيات، مثل القومية والشيوعية والفاشية، التي كانت وراء "الحروب القديمة". 
وأضافت الأستاذة كالدور أن مثل هذه "الحروب الجديدة" لا تُموَّل في كثير من الأحيان من قبل حكومات الدول، كما هو الحال في "الحروب القديمة"، ولكن من خلال وسائل مفترسة يستفيد من خلالها الفاعلون من استمرار الحرب، مثل انتزاع الإيرادات من المدنيين أو بيع الموارد الرئيسة التي يسيطرون عليها. 
يبدو أن الحروب الأهلية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كانت "حروبا جديدة" تتطابق في كثير من جوانبها مع وصف كالدور. ونشبت في كل من سوريا وليبيا واليمن حروب داخلية خاضتها الميليشيات غير الحكومية بقدر ما خاضتها الجيوش التقليدية؛ ففي سوريا، استخدم نظام بشار الأسد جيشا تقليديا، لكن بدعم من ميليشيات سورية غير حكومية، كالشبيحة، وقوات الدفاع الوطني لاحقا، إلى جانب ميليشيات غير سورية من كل من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان وباكستان. 
وفي الوقت نفسه، كان منافسو النظام بأكملهم عبارة عن جهات فاعلة غير تابعة للدولة ومن مختلف المشارب السياسية. كانت الآيديولوجيا عاملا في الصراع، لأنه كان يدور بشكل رئيس حول ما إذا كان ينبغي للأسد أن يبقى في الحكم، لكن الهوية أصبحت عاملا مؤثرا، مع الانقسامات العرقية والدينية بين العرب والأكراد والسنة والعلويين والمسيحيين والدروز في سوريا، والتي تركت أثرا عميقا على من يقاتل من أجل من؟ 
وبالمثل، رغم أن حكومات الدول الأجنبية ضخت الكثير من الأموال لتغذية الصراع، فقد اعتمدت الجهات الفاعلة المحلية أيضا على جبي الإيرادات داخليا لتمويل هذه الحرب، حيث ساعدت السيطرة على احتياطيات النفط الشرقية في سوريا في تمويل المقاتلين الأكراد، وساعد "اقتصاد حرب نقاط التفتيش" على السماح لقوات الأسد والجماعات المتمردة بالبقاء في الميدان.

Reuters
بوتين اثناء مراسم ضم سفن جديدة الى الاسطول الروسي في سانت بيترسبورغ في 25 ديسمبر

ولم تختلف الحكاية في كل من ليبيا واليمن؛ ففي ليبيا، انحل جيش الدولة في الحربين الأهلية الأولى والثانية عامي 2011 و2014 وحتى الوقت الحاضر، لتأخذ مكانه الميليشيات التي خاضت معظم القتال. أما في اليمن، فقد كانت حركة الحوثيين التي استولت على صنعاء في عام 2014، والتي أشعلت الصراع، عبارة عن جهة فاعلة غير حكومية، في حين أن خصومها في الحكومة اليمنية سرعان ما لجأوا إلى الميليشيات غير الحكومية للرد، مثل حزب الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي. وبالمثل لعبت الهوية دورا بارزا في كلا الصراعين. في ليبيا، التي تتسم بالتجانس العرقي والديني إلى حد كبير، أثبتت الهويات الجهوية (المحلية) أنها وراء الانقسام، سواء في طرابلس وبرقة، أو في الارتباط بمدن محددة مثل سرت ومصراتة والزنتان. أما في اليمن، فقد شكَّلت الهوية الشيعية للحوثيين تمييزا مهما عن بقية اليمنيين، وفي الوقت نفسه حفزت الهوية اليمنية الجنوبية البعض في الجنوب على محاربة الشمال. ومع ذلك، كما هو الحال في سوريا، لعبت الآيديولوجيا، وخاصة فيما يتعلق بالإسلام السياسي، دورا أيضا. وأخيرا، كما هو الحال في سوريا، فقد امتصت كل من اليمن وليبيا التمويل الأجنبي، لكن اللاعبين الداخليين استخرجوا أيضا الموارد المحلية، مثل: النفط، واقتصاد نقاط التفتيش.


عودة "الحروب القديمة"


وعلى الرغم من أن هذه "الحروب الجديدة" لم تتوقف فجأة، فهي لا تزال مستعرة في في اليمن وليبيا وسوريا دون حل، وهي مستمرة متبعة نمط الحرب بالشكل الذي وصفته كالدور. إضافة إلى ذلك، لا تزال أنواع من "الحروب الجديدة" تندلع هنا وهناك، وكان آخرها حرب تيغراي في إثيوبيا (2020-2022): وهي حرب أهلية شهدت قتال الجيش الإثيوبي لجبهة تحرير شعب تيغراي غير الحكومية فيما بدا أنه صراع عرقي قائم على الهوية. رغم ذلك، وفي الوقت نفسه، شهدنا عودة الصراعات التي تبدو أشبه بـ"الحروب القديمة" التي تعتقد كالدور أنها أصبحت من الماضي.

الحرب الأكثر أهمية بالطبع هي الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022. فعلى الرغم من مشاركة مجموعة "فاغنر" غير التابعة للدولة في موسكو في القتال، فإن حرب أوكرانيا كانت ولا تزال في المقام الأول حربا تقليدية بين جيشي دولتين

سوى أن الحرب الأكثر أهمية بالطبع هي الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022. فعلى الرغم من مشاركة مجموعة "فاغنر" غير التابعة للدولة في موسكو في القتال، فإن حرب أوكرانيا كانت ولا تزال في المقام الأول حربا تقليدية بين جيشي دولتين. وهي فوق ذلك حربا آيديولوجية وليست حرب هوية: صراع قوميات أشبه بالحروب العنيفة في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

AFP
عربات تقل لاجئين من ناغورنو كاراباخ في اتجاه ارمينيا عند معبر لاتشين في 29 سبتمبر

والأهم من ذلك أن هذه الحرب، كما سابقاتها من القرن التاسع عشر، وعلى عكس "الحروب الجديدة" كما وصفتها كالدور، تدور في واقع الأمر من أجل الأرض. في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية: دونيتسك وخيرسون ولوهانسك وزابوروجيا، وأضافتها إلى شبه جزيرة القرم التي كانت قد استولت عليها في عام 2014. وفي الوقت نفسه، ذكرت كييف أنها لن تفكر في إنهاء الحرب حتى تتم إعادة جميع المناطق الخمس كلية. بالتأكيد ثمة عنصر هوية في الصراع، نظرا لأن موسكو استخدمت وجود أقلية روسية في المناطق الأربع (وأغلبية روسية طفيفة في شبه جزيرة القرم) كمبرر لضمها. ومع ذلك، فإن الحرب لم تنحدر إلى نوع العنف العرقي بين الطوائف الذي شهدناه في البلقان في التسعينات، مما يشير إلى أن الهوية هي قضية جانبية وليست المحرك الرئيس للصراع.

وعلى غرار ذلك، تبدو الحروب الأخيرة في أذربيجان أكثر شبها بالحروب "القديمة" منها بـ"الجديدة". وفي عام 2020، شنت أذربيجان هجوما على القوات الأرمينية التي كانت تحتل أراضيها بين 1988-1994، ونجحت في إجبارها على الخروج من جميع أنحاء ناغورنو كاراباخ. وأدى هذا الهجوم إلى استعادة أذربيجان جميع الأراضي باستثناء إقليم ناغورنو كاراباخ، الذي تم الاستيلاء عليه بدوره في وقت سابق من هذا العام. واتسمت هذه الصراعات بنمط الحروب التقليدية. وعلى الرغم من أن تركيا دعمت باكو بإرسال ميليشيات سورية غير تابعة للدولة، إلا أن المقاتلين الأساسيين كانوا جنودا نظاميين. في عام 2020، كان الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، وفي عام 2023، تغلبت أذربيجان على جيش الدفاع آرتساخ، القوة العسكرية الرسمية للجمهورية غير المعترف بها والمعلنة ذاتيا في ناغورنو كاراباخ.

لعبت الهوية دورا مهما في هذه الصراعات. يعتقد الأرمن العرقيون في ناغورنو كاراباخ ويريفان أن هويتهم اللغوية والعرقية والدينية المتميزة عن الأغلبية الأذربيجانية تدعم مطالباتهم بالاستقلال. ومن ناحية أخرى، كانت استعادة أذربيجان لهذه المناطق مبنية على مزاعم بالسيادة وليس التفوق العرقي.

في أعقاب الحرب، بينما اختار الكثير من الأرمن من المنطقة الانتقال إلى أرمينيا، شجعت الحكومة الأذربيجانية عودتهم، مؤكدة أنهم سيكونون موضع ترحيب. ولم ترد تقارير كبيرة عن أعمال عنف عرقية خلال هذه العملية. يشير هذا الوضع إلى أن القومية الأذربيجانية والطموح لاستعادة الأراضي المفقودة كانا من الدوافع الأساسية، وليس القومية العرقية العلنية.

فيما يتعلق بالصراع في غزة على وجه التحديد، فإن هدف إسرائيل كان يتضمن تفكيك "حماس"، ولكن جرت أيضا مناقشات حول إنشاء منطقة عازلة داخل أجزاء من قطاع غزة

وأخيرا، ثمة من يصنف الصراع الإسرائيلي في غزة باعتبارها "حربا قديمة". من نواحٍ عديدة، يعتبر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني نوعا من "الحروب القديمة" التي بقيت دون حل من حقبة الحرب الباردة. في نهاية المطاف ليس الصراع هنا صراعا أهليا حول من يحكم، بل إنه صراع بين قوميتين على قطعة الأرض. وفي حين يُنظر إلى "حماس" دوليا على أنها مجموعة غير حكومية، إلا أنها كانت تدير غزة كحكومة منذ عام 2007، وبالتالي يمكن اعتبارها تاليا مزيجا بين قوة تقليدية وميليشيا. من المؤكد أنها تتمتع ببنية أكثر بكثير من معظم الميليشيات غير التابعة للدولة والمتورطة في "الحروب الجديدة" التي تحدثت عنها كالدور. 
وفيما يتعلق بالصراع في غزة على وجه التحديد، فإن هدف إسرائيل كان يتضمن تفكيك "حماس"، ولكن جرت أيضا مناقشات حول إنشاء منطقة عازلة داخل أجزاء من قطاع غزة. وفيما تظل نتيجة هذا الصراع غير مؤكدة، يمكن تصنيف الصراع في غزة باعتباره حربا إقليمية، مما يجعلها متسقة مع "الحروب القديمة" الأخرى التي تركز على الغزو الإقليمي، على غرار تلك الموجودة في أوكرانيا وأذربيجان.


قضايا جديدة وجذور قديمة


إن الاتجاه الأخير المتمثل في العودة من "الحروب الجديدة" إلى نمط حروب الغزو التقليدية يمكن تفسيره في المقام الأول بالديناميكيات المتغيرة للقوى العالمية. ووفقا لنظرية كالدور، فإن نهاية الحرب الباردة كانت بمثابة الانتقال من الحرب التقليدية إلى "الحروب الجديدة". 

EPA
الرئيس الاذربيجاني إلهام علييف


وقد أدت نهاية التنافس بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي إلى انخفاض عدد المؤيدين للحروب بين الدول، كما أن هيمنة الولايات المتحدة بعد عام 1990 ثبطت كثيرا من الدول عن بدء حروب غزو جديدة خشية إغضابها، وكانت تجربة صدام حسين الفاشلة في غزو الكويت في 1990-1991 رادعا للجميع. بيد أن التحول الحالي إلى عالم متعدد الأقطاب أدى إلى تغيير هذا المشهد، حيث قدم الكثير من الداعمين المحتملين للدول المنخرطة في صراعات بين الدول. على سبيل المثال، حصلت أذربيجان على دعم تركيا. وروسيا مدعومة من الصين. والولايات المتحدة تدعم إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، فإن تراجع نفوذ الولايات المتحدة قد يجعل الحكومات أقل حذرا من التدخل الأميركي إذا اختارت مواصلة الفتوحات.

قد لا يكون من المستغرب في مثل هذا المناخ الدولي أن يفكر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في غزو إريتريا للاستيلاء على عصب. وقد أظهرت دول أخرى أنه في عالم اليوم المتعدد الأقطاب، "يمكن للقوة أن تصنع الحق"

ومع ذلك، قد يكون هناك عامل أقدم وهو أن الدول لم تدفع ثمن غزواتها الماضية، وهي الفكرة التي أصبحت واضحة بشكل متزايد في الإطار العالمي الحالي متعدد الأقطاب. وبالتأمل في التاريخ، منذ حرب الأيام الستة عام 1967، حافظت إسرائيل على سيطرتها على معظم الأراضي التي استحوذت عليها، باستثناء سيناء وغزة، ولم تواجه أي تداعيات كبيرة من المجتمع الدولي. وفي عام 2019، اعترفت الولايات المتحدة بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان والقدس الشرقية، ما قد يوحي إلى الدول الأخرى بأن الاحتلال الدائم قد يؤدي في النهاية إلى القبول العالمي. وتعكس تجربة روسيا هذا: فقد واجهت الحد الأدنى من الانتقادات الدولية بسبب احتلالها لأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا في جورجيا عام 2008، ولم تواجه سوى عقوبات مقيدة لضم شبه جزيرة القرم في عام 2014. وعلى الرغم من مواجهة عقوبات أكثر صرامة بسبب عدوانها المتجدد على أوكرانيا في عام 2022، مع وصول الحرب إلى طريق مسدود، فقد تعتقد روسيا أن الفوائد تفوق التكاليف. ولربما اعتقدت أيضا أنها قادرة على الصمود في وجه الانتقادات والضغوط الدولية إلى أجل غير مسمى، كما فعلت إسرائيل لسنوات أثناء وجودها في الأراضي المحتلة.

AFP
دبابتا "ميركافا" اسرائيليتان قرب الحدود مع قطاع غزة في 7 ديسمبر

ولذلك قد لا يكون من المستغرب في مثل هذا المناخ الدولي أن يفكر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في غزو إريتريا للاستيلاء على عصب. وقد أظهرت دول أخرى أنه في عالم اليوم المتعدد الأقطاب، "يمكن للقوة أن تصنع الحق"، وباتت فكرة اللجوء إلى الحرب للاستيلاء على أراضي الآخرين تكتسب جاذبية مرة أخرى. وهذه سابقة خطيرة ومن حق قادة مثل تساكنا أن يحذروا منها. ومع ذلك، فإن تحول القوة العالمية والتقاعس عن تجاوزات الماضي ساعد في وصولنا إلى هذه النقطة، لذلك ربما لا ينبغي لزعماء الغرب أن يؤخذوا على حين غرّة.

font change

مقالات ذات صلة