راهنية "النكبة" في 2023 ومخاوف التهجير إلى سيناء المصرية

تمسك أهالي غزة برفض الترحيل

Michael Meissner
Michael Meissner

راهنية "النكبة" في 2023 ومخاوف التهجير إلى سيناء المصرية

على الرغم من كل محاولات المحو والترحيل الجماعي في غزة في حرب أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإن الفلسطينيين لا يزالون باقين في بيوتهم وديارهم، ولسان حالهم يقول: "آن للنكبة أن لا تستمر"، وأن الصمود خير وأبقى. لكن ما معنى "النكبة"؟

ورد في "معجم الدوحة التاريخي" معنى كلمة "النكبة" بأنها "الجائحة والمصيبة من مصائب الدهر"، وكلمة النكبة مرتبطة بمفهوم الكارثة الطبيعية. لكن مصطلح النكبة أخذ دلالات أخرى بعد عام 1948، وخصوصا عندما وصف المؤرخ قسطنطين زريق هذه الواقعة في كتابه "معنى النكبة" الذي صدر عام 1948 بعد أحداث فلسطين وكارثتها بشهور قليلة- وهو أول كتاب عالج قضية النكبة ووسمها بهذا الوسم- وقد استخدم زريق وسم النكبة ليشرح ويفسر ما لحق بالفلسطينيين والعرب من هزيمة ومن تسلط الاستعمار الصهيوني في فلسطين، وبناء المستعمِرين دولة استعمار استيطاني حملت اسم "إسرائيل".

بدأ زريق كتابه بالقول: "ليست هزيمة العرب في فلسطين بالنكسة البسيطة، أو بالشر الهين العابر، وإنما هي نكبة بكل ما في هذه الكلمة من معنى، ومحنة من أشد ما ابتلي به العرب في تاريخهم الطويل، على ما فيه من محن ومآسٍ". يرى زريق أن النكبة هي شر، ومحنة، ونكسة، ومأساة وغيرها من الأوصاف الأخرى الواردة في الكتاب، أي إن النكبة تعني الهزيمة والضعف والابتلاء الذي مني به الفلسطينيون والعرب، وأدّت النكبة إلى عطب بنيوي ليس فلسطينيا فحسب، وإنما هو عطب يمس العرب ومجتمعاتهم وكياناتهم السياسية، كون النكبة أوجدت كارثة مستدامة متمثلة في دولة استعمارية تحارب جوارها وتحاول توسيع حدودها بشكل دائم.

اقرأ أيضا: في غزّة... تفتت اجتماعي وعزلة إجبارية عن العالم

لقد ربط زريق حالة النكبة بحالة التقهقر والتراجع، بقوله: "إن النكبة التي نزلت بنا اليوم هي إذن محك لوضعنا الداخلي الحاضر. فإذا كانت عوامل الرجعية والانحلال هي المسيطرة علينا، فإن هذه النكبة ستزيدنا ضعفا وانحلالا وتفرقا. أما إذا كانت لعوامل التقدم والنمو بعض القوة- حتى لو لم تكن هي السائدة- فإن الصدمة العنيفة التي تلقيناها خليقة بأن تعزّز هذه العوامل وتمشي بها قدما بمزيد همة، وتراكم أثر". ربما كان استشراف زريق صحيحا في أن النكبة ستؤدي إلى نكبات متراصة ومتعاقبة للفلسطينيين والعرب، كون العقل الاستعماري، عقلا إقصائيا وتوسعيا، يحاول ضرب كل نماذج التقدم والنهوض العربية.

كانت دراسة عارف العارف بعنوان "النكبة والفردوس المفقود" (2012) من الكتب التشريحية في تأريخ تاريخ النكبة الفلسطينية، وهو كتاب موسوعي في ثلاثة أجزاء. يصف العارف في مطلع موسوعته: "وكيف لا أسميها النكبة. وقد نكبنا، نحن معاشر العرب عامة والفلسطينيين خاصة، خلال هذه الحقبة من الزمن، بما لم ننكب بمثله منذ قرون وأحقاب؛ فسلبنا وطننا، وطردنا من ديارنا، وفقدنا عددا كبيرا من أبنائنا وأفلاذ أكبادنا، وأصبنا فوق هذا وذاك بكرامتنا في الصميم...". هنا يرسم العارف حدود النكبة وملامحها بالفقدان والسلب والخسارة والطرد والترحيل والموت. وربما أسّست النكبة في الوعي سؤال الهزيمة والخوف.

هناك شبه إجماع في الكتابات الأولى حول النكبة التي كتبت من منظورات تاريخية وسياسية وتوثيقية وفكرية بأن النكبة كارثة بنيوية لها تداعياتها المختلفة على فلسطين والفلسطينيين والعرب

أبعد من فلسطين

كما كتب آخرون عن "النكبة" ووصفوها بمفاهيم قريبة من مفاهيم زريق والعارف، وأجمع وليد الخالدي وموسى العلمي وقدري حافظ طوقان وجورج حنا، على هول وفداحة النكبة وما حدث في فلسطين عام 1948، ولعل زريق هو أول من عمم تسمية النكبة التي يصفها أيضا بـ"الهزة العنيفة"، و"الخطر الأعظم"، و"الأزمة الخانقة"، ويصفها حنا بـ"الفاجعة الفلسطينية، أو بالأحرى فاجعة العرب في فلسطين"، في حين يصفها العلمي بـ"الكارثة القومية الشديدة"، ويصفها طوقان بأنها "الكارثة التي حلت بالأمة العربية في فلسطين". يتضح أن هناك شبه إجماع في الكتابات الأولى حول النكبة التي كتبت من منظورات تاريخية وسياسية وتوثيقية وفكرية بأن النكبة كارثة بنيوية لها تداعياتها المختلفة على فلسطين والفلسطينيين والعرب، كون النكبة أدّت إلى هزّة كبرى في المجتمع العربي، بخسارة جزء كبير من فلسطين، وطرد عدد كبير من الفلسطينيين من ديارهم، أي إنها ولدت أزمة اللاجئين الدائمة في المجتمعات العربية والعالم، وأدت إلى تجديد حالة الاستعمار لمجتمع عربي بالتزامن مع موجات التحرر العربية وإعلان عصر نهاية الاستعمار.

اقرأ أيضا: الوجود هناك، الوجود هنا: الكتابات الفلسطينية في العالم

بعد "النكبة" عام 1948، جاءت النكبة الثانية التي خفّف هولها بوسمها بـ"النكسة"، ففي عام 1967 استعمرت إسرائيل ما تبقى من فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة) إلى جانب احتلال صحراء سيناء وهضبة الجولان. فكانت حرب عام 1967 بمثابة هزّة شديدة أدّت إلى انقلاب كبير في الدول العربية ومجتمعاتها، فقد أدّت إلى تصاعد قوة الهوية الفلسطينية والمنظمات الفلسطينية المعبرة عنها مطلع ستينات القرن الماضي، وبدأت الدول العربية تعيد بناء جبهاتها، وبدأ سؤال الهزيمة والخسارة يعيد الحفر في بنية الوعي العربي.

Getty Images
لاجئون فلسطينيون يعودون إلى قريتهم بعد استسلامها عام 1948 إثر الإعلان عن قيام دولة إسرائيل

يقول زريق في كتابه الموسوم "معنى النكبة مجددا" والصادر عام 1967، أي بعد الهزيمة بشهور قليلة: "حدثت الكارثة التي أدّت إلى الهدنة وإلى قبول إسرائيل في الأمم المتحدة. واليوم بعد تسعة عشر عاما [1967]، نشبت المعركة الثانية، فلم تكن الكارثة الجديدة أخف هولا من الأولى... لقد كانت نكبة لا نكسة، ومثلها، بل شر منها، ما أصابنا الآن [1967]".

يرى زريق أن النكسة أو هزيمة عام 1967 نكبة ثانية أشد وأصعب من النكبة الأولى عام 1948 وهذا ربما لضياع فلسطين كلها، وهذا الوصف مرتبط بالخسارة والفقدان. وحالة الفقدان لم تتوقف عند لحظتي 1948 و1967، وإنما هي دينامية استعمارية متصاعدة.

لم يكتفِ الفلسطينيون عند لحظة الهزيمة أو الخسارة، وإنما بحثوا عن أسباب الهزيمة ومعانيها، وطبيعة عدوهم وماهيته، وقد كتب فايز صايغ، كتابه التأسيسي المعنون "الاستعمار الصهيوني في فلسطين" (1965) الذي شرح فيه طبيعة الاستعمار الصهيوني الذي يهدف إلى الاستيلاء على الأرض، وترحيل السكان، والفصل بين آسيا وأفريقيا، وتدمير حركة التحرر العربية. وقد جاءت مدرسة الاستعمار الاستيطاني ومنظروها متأخرين في فهم هذه الحالة الاستعمارية المتمثلة في الصهيونية، بينما شخّصها الفلسطينيون مبكرا وخصوصا تشخيص الصايغ ومن بعده إيليا زريق وغيرهما.

عملية ترحيل الفلسطينيين وحدوث نكبات فلسطينية جديدة بحجم نكبة عام 1948، أمر مستبعد، من حيث الخروج من الأرض والاقتلاع منها والترحيل

أرض بلا شعب

في لحظة من اللحظات قارب نور مصالحة، في كتابه "أرض بلا شعب" (1997) فكرة النكبة ودينامياتها بقوله: "إن المعركة الطويلة المستمرة للصهيونية ضد الفلسطينيين المحليين كانت معركة من أجل (أرض أكثر وعرب أقل). هذه المعركة كانت توجهها بصورة أساسية مقدمات وأولويات صهيونية: (تجميع) يهود العالم في فلسطين؛ استملاك واحتلال الأراضي، وتأسيس دولة لليهود- الذين لم يصلوا بعد إلى فلسطين- على حساب الفلسطينيين المرحلين... إن احتلال الأرض كان دائما المهمة الكبرى للصهيونية، الأمر الذي يفسر أيضا الرأي الذي يسمع بصوت عال وبصورة متزايدة في إسرائيل المعاصرة بأنه لا مكان لشعبين في أرض إسرائيل".

تشخيص مصالحة يضاف إلى فهم الفلسطينيين المتجدّد لطبيعة المشروع الاستعماري، تتلاقى مع أفكار منظّري مدرسة الاستعمار الاستيطاني وخصوصا باترك وولف (2006) كون الاستعمار الاستيطاني بنية مستمرة وليس حدثا ينتهي، ويهدف إلى محو السكان وإزالتهم والسيطرة على الأرض.

لقد عبر الفلسطينيون عن فهم النكبة ومعانيها وعملوا على مقاومتها بكل الأساليب العسكرية والثقافية والسياسية وغيرها، وفي الأدب تجلت المقاومة الثقافية والفهم العميق لحالة النكبة، وقد أدرك الروائي اللبناني إلياس خوري ماهية النكبة بوسمها "النكبة المستمرة"- سيصدر كتاب بهذا العنوان لخوري عن "دار الآداب" في بيروت- وبيّن أن "النكبة ليست حدثا تاريخيا أنجز سنة 1948، وإنما هي مسار مستمر لم يتوقف منذ ثلاثة وستين عاما، أي إن قراءتها بصفتها ماضيا تحجب حقيقتها، فالمسار النكبوي مستمر ويتخذ أشكالا متعددة، بحسب المراحل التاريخية، فالنكبة هي حاضر فلسطين لا ماضيها". وعاد من جديد خوري في عام 2023 ليقول إن "تاريخ هذه النكبة ليس خطيا، فقد شهد مراحل وانعطافات شتى، لكننا نستطيع أن نتحدث عن لحظات ذروة متعددة: 1948- 1967- 2002- 2023... فقدان الاسم والأرض هما سمتا النكبة". ويشير خوري إلى أن النكبة هي الفقدان، ويربطها بخسارة الاسم والأرض، وهذا يتقاطع مع طرح عبد الرحيم الشيخ (2010) الذي يرى أن النكبة أدّت إلى عملية التطهير الاسمي واستبدال الأسماء العربية والفلسطينية بالأسماء العبرية والصهيونية، ويصف ساري حنفي (2009) أن النكبة أدّت إلى التطهير المكاني (الأرض) أي فقدان الأرض أكثر من فقدان الإنسان، ويشير صالح عبد الجواد (1998) إلى "التطهير الاجتماعي"، كون النكبة هي تفكيك للمجتمع الفلسطيني وتدميره اجتماعيا واقتصاديا، وقد شخّص شريف كناعنة (1987) وإيلان بابيه (2007) النكبة كتطهير عرقي للفلسطينيين.

في ذلك كله، تبدو النكبة عملية إبادة للمجتمع الفلسطيني، إبادة مستمرة، محاولة للمحو والإزالة وتخريب وتهديم المبنى الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي الفلسطيني، والترحيل والتهجير والقتل لأهالي فلسطين، ومنع أي محاولة للنهوض والبناء والتقدم للفلسطينيين كجماعة سياسية لها ارتباط بالأرض وتعبير هوياتي وطني.

Reuters
فلسطينيون ينزحون من شمال غزة صوب الجنوب، بينما تتوغل الدبابات الإسرائيلية في عمق القطاع

 النكبة المستمرة والبقاء المستمر

عملت بريطانيا على ترحيل ما يقارب 750 ألف فلسطيني عام 1948، كما رحّل عام 1967 عدد آخر من الفلسطينيين، لكن الفلسطينيين تعلموا درس اللجوء وذاقوا مرارته واكتووا بنيرانه، لذلك يعتبر الترحيل القسري عام 1948 أكبر تهجير وقع للفلسطينيين وبعدها يستبعد وقوع ترحيل خارج فلسطين بهذا الحجم. يقول مصالحة: "يصعب تنفيذ الترحيل الجماعي في وقت السلم، ومن المستحيل تحقيقه بغير كثير من سفك الدماء، وأي محاولة لتنفيذه ستواجه بمقاومة عملية من جانب الفلسطينيين، والتي، طبعا، ستتطلب من الجيش الإسرائيلي استخدام القوة المفرطة والمستمرة، ويعود ذلك إلى أن الفلسطينيين يعون تاريخ خروجهم الجماعي مرتين في سنة 1948 وسنة 1967، ويدركون أن ما ينتظرهم الآن في المنفى لن يكون أفضل".

أي إن عملية ترحيل الفلسطينيين وحدوث نكبات فلسطينية جديدة بحجم نكبة عام 1948، أمر مستبعد، من حيث الخروج من الأرض والاقتلاع منها والترحيل، وهناك مؤشّرات تاريخية تؤكد أن هناك بقاء للفلسطينيين في ظل النكبة عام 1948 والنكسة عام 1967، فمثلا يشرح عادل مناع (2016) ديناميات بقاء الفلسطينيين بمنطقة الجليل في كتابه "نكبة وبقاء: حكايات فلسطينيين ظلوا في حيفا والجليل" (2016)، ويشير عدد من الكتب والمقابلات الشفوية إلى فكرة بقاء الفلسطينيين أو جزء كبير منهم ورفضهم النزوح إثر حرب يونيو/حزيران عام 1967، مع أن الجيش الإسرائيلي فتح الأبواب لعمليات الترحيل، لكن اللجوء عام 1948 لقن الفلسطيني درس الصمود والبقاء في الأرض كون الخروج منها ليس مؤقتا وقد يدوم أكثر من سبعة عقود.

تمثل عمليات الترحيل ومحاولات الترحيل الإسرائيلية جريمة حرب، وهي تعبير بشكل مكثف عن مفهوم الإبادة الجماعية

محاولات بطيئة

قبل الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عملت إسرائيل على محاولات بطيئة وجزئية من أجل الترحيل والتهجير وتفكيك المجتمع الفلسطيني، فمثلا خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2023 عملت إسرائيل وميليشيات المستوطنين على تنغيص التجمعات البدوية الفلسطينية في الأغوار وفي مسافر يطا جنوب الخليل، والتضييق عليهم ومنعهم من رعي الأغنام، وتخريب ممتلكاتهم وتهجيرهم، ومنعوا من ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي، كذلك مارس المستوطنون هجمات ضد الفلسطينيين في حوارة وبرقة وغيرهما من القرى والبلدات الفلسطينية، وتعرّضت المدن الفلسطينية في الضفة الغربية ومخيماتها إلى عمليات ترحيل "مؤقت" وقتل، كما جرى في مخيمي جنين ونور شمس في طولكرم، أي إن بنية العنف في ظل حالة اللاحرب هي مستمرة ومتصاعدة ضد الفلسطينيين، من أجل تهجيرهم وترحيلهم واقتلاعهم من أرضهم.

يقابل مفهوم النكبة المستمرة مفهوم وممارسة الصمود والبقاء، وممارسة الحياة اليومية كمقاومة عند الفلسطينيين في القدس وفي الضفة الغربية وفي المجتمع الفلسطيني بالأراضي المحتلة عام 1948، وهناك اقتناع فلسطيني وخصوصا لدى الأجيال الفلسطينية الشابة- أي شريحة الشباب الذين ولدوا في فترة الانتفاضة الثانية 2000 2004- بأن إسرائيل نظام استعمار استيطاني نزع الفلسطينيين من سياقهم الطبيعي، وأحدث خللا في حياة المجتمع الفلسطيني في كل التجمعات الفلسطينية.

أدت الثقافة الفلسطينية ببعدها المؤسسي وغير المؤسسي دورا مركزيا في تشريح طبيعة الاستيطان الإسرائيلي، وفي فهم ماهية النكبة وجوهرها وصيرورتها ودينامياتها، وعمّمت فهما ووعيا فلسطينيين حول ما جرى في فلسطين في المراحل التاريخية المختلفة، وأسّست الثقافة الفلسطينية وتعبيراتها من أطر ومؤسسات جماهيرية وإعلامية وغيرها في التعبير عن الهوية الفلسطينية في منتصف القرن الماضي، في ظل محاولات الاستعمار تفكيك المجتمع وتذريته كجماعات لاهوياتية، وتفكيكه سياسيا وجغرافيا، فبقيت الثقافة الفلسطينية هي الموحدة للفلسطينيين والشارحة لهم ماضيهم ومستقبلهم، والثقافة لا تقتصر على الشعر والرواية وكتب التاريخ، بل تمتدّ إلى الممارسة الثقافية في بعدها التعليمي الجامعي والشعبي والإعلامي وغيرها، فبقيت فلسطين وحدة ثقافية واحدة تعبّر عن هوية فلسطينية جمعية ومتخيلة، وفق تعبير بندكت أندرسون، وقد اغتنى الشباب الفلسطيني من هذه الثروة الثقافية .

الحرب على غزة

ما يجرى في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 يمثل حالة من الإبادة التي تهدف إلى تدمير المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، وما يحدث هو محو ونكبة، خصوصا أن هناك حالة من تركيز للقصف والدمار في منطقة شمال قطاع غزة، وقد جرت محاولات إسرائيلية ولا تزال مستمرة لترحيل أهالي شمال القطاع إلى جنوبه، وترحيل جزء من أهالي قطاع غزة إلى صحراء سيناء في مصر.

تمثل عمليات الترحيل ومحاولات الترحيل الإسرائيلية جريمة حرب، وهي تعبير بشكل مكثف عن مفهوم الإبادة الجماعية، التي تمارس بخطاب وأدوات وحشية، وفي ظل توافق دولي غربي على جريمة الحرب في حق الفلسطينيين في قطاع غزة. تلك الجريمة التي استهدفت الفلسطينيين أفرادا وجماعات، نساء وشيوخا وأطفالا، واستهدفت المراكز الطبية وطواقمها ومستشفياتها، وطالت الكنائس والمساجد والأسواق والمخابز والموانئ والحلم والمستقبل.

ليست فكرة ترحيل الفلسطينيين في قطاع غزة إلى سيناء وسيناريوهاتها جديدة، وإنما هي أفكار قديمة باءت بالفشل، كون الفلسطيني يرفض النكبة من جديد، وقد طوّر ديناميات الصمود والبقاء والانغراس في الأرض كتعبير مكثف عن البقاء المستمر في مواجهة النكبة المستمرة.

font change

مقالات ذات صلة